بعد النجاح الضخم الذي حققته مزادات الفن العربي والفن الايراني المعاصرين في لندن خلال العام الماضي، ظهر أن السوق العالمي متعطش لمزيد من الأعمال من المنطقة. وأكدت الأسعار المفاجئة التي حصلت عليها بعض الاعمال التي عرضت في لندن، ان هناك موجة كاملة من الفنانين العرب والايرانيين لم تحظ بالاهتمام اللائق بها. ومع ظهور أهمية السوق الخليجية، اتجهت دور المزادات العالمية الى اقامة المزادات هناك. وآخر هذه الدور هي دار بونهامز التي تقدم يوم الاثنين 3 مارس (آذار) مزادا للأعمال الفنية المعاصرة في الشرق الأوسط تقدم من خلاله اعمال مجموعة من كبار الفنانين في الفن المعاصر في العالم العربي وفي الهند و ايران.
وتقول كلير بنهالوريك مديرة الفن الاسلامي في دار بونهامز «لدينا سجل جيد في مجال الفن الهندي والباكستاني فقد حقق آخر مزاد أقامته الدار في لندن، ارقاما قياسية حتى أن أحد الأعمال المشاركة وهي لوحة للفنان الهندي راجا رافي فارما، حصدت اكثر من 600 الف جنيه استرليني».
وبالنسبة للمزاد القادم في دبي تقول بنهالوريك، ان الدار متفائلة بأول مزاد لها في المنطقة ومع انه من الصعب التكهن بحال السوق الفنية في المنطقة، الا انها تؤكد ان هناك امكانية لتطور السوق.
من الاعمال المشاركة في المزاد لوحتان للفنان المصري أحمد مصطفى، الذي تألق في مجال الخط العربي، ونالت لوحاته الكثير من الاهتمام العالمي واصبح تجار الفنون يتسابقون على شرائها. ومن اللوحات المعروضة له في هذا المزاد لوحة «منازل القمر» التي تتوقع لها الدار أن تباع بمبلغ يتراوح ما بين 350 الفا الى 450 الف دولار ولوحة «الكمال» والتي يتوقع لها مبلغ يصل الى 300 الف دولار. ومن يدري فقد يفاجئ جمهور المزاد بتجاوز الرقم النهائي كل التوقعات وهو ما حدث اكثر من مرة في المزاد الذي أقامته دار سوذبيز في لندن.
الفنان الايراني محمد أحساي والذي تألقت احدى لوحاته وكانت بديعة التفاصيل والألوان والإيحاء حملت تشكيلات من الأحرف العربية باللون الأحمر على خلفية سوداء في المزاد، الذي أقامته دار سوذبي في اكتوبر الماضي وحصدت سعرا استثنائيا تجاوز كل التوقعات، اذ بيعت بمبلغ ثمانية وثمانين ألف جنيه استرليني. أما في المزاد المقبل في دبي فيعرض للفنان لوحة بديعة التشكيل استخدمت فيها الالوان بشكل بسيط لتكوين الاحرف في شكل مربعات منفصلة. اللوحة تحمل عنوان «ذكر الله» وتتوقع لها الدار مبلغ ما بين 100 الف الى 120 الف دولار.
الاعمال المشاركة في المزاد تختلف في اساليبها واتجاهاتها الفنية بشكل واضح، ولكنها في مجملها تعد تعبيرا بديعا عن الفن العربي المعاصر.
وتقول بنهالوريك ان الدار تفخر بتقديم لوحة «الشاب وزوجته» للفنان العراقي الراحل جواد سليم الذي يعتبره النقاد «أب الفن العراقي الحديث» والتي تعرض للمرة الاولى في مزاد. اللوحة التي رسمها الفنان عام 1953 خصيصا لمعرضه الجوال في الولايات المتحدة ولكن اللوحة بقيت في حيازة اسرة الفنان منذ وفاته في عام 1961 وحتى اليوم. وتقول بنهالوريك «تتميز أعمال جواد سليم بندرتها، وبشكل خاص تلك المرسومة بالزيت مثل لوحة «الشاب وزوجته».
ويرى النقاد ان اللوحة تعكس تأثيرات موديلياني وبابلو بيكاسو على اسلوب جواد سليم، وفي نفس الوقت تستلهم فن الايقونات المرسومة على السيراميك في القرن العاشر خلال العصر العباسي، وهو اسلوب يقوم على بساطة الخط وموضوعات تجريدية تمتزج برؤية عصرية مميزة. ومن تأثير موديلياني الى تأثير الفنان الفرنسي ماتيس الذي يظهر واضحا في لوحة الفنانة التركية فخر النسا زيد والمعنونة «فاطمة وجرتها» والتي يتوقع لها سعر منخفض نسبيا يتراوح ما بين 10 آلاف الى 15 الف دولار.
من العراق ايضا تشارك الفنانة المعروفة سعاد العطار بعملها «الروح القديمة في المدينة الذهبية» والذي يجمع اثنين من التيمات التي تميز اعمال الفنانة وهما الاسطورة والمدينة. اللوحة معروضة بمبلغ يتراوح ما بين 70 الف الى 90 الف دولار.
أما الفنان المصري يوسف كامل الذي يعتبر من أشهر الرواد في الفن المصري المعاصر، فتعرض له الدار لوحة بعنوان «مشهد شارع قاهري» والذي يظهر فيه اسلوب الفنان الذي يميل الى التأثيرية. ومن المعروف عن الفنان افتتانه بمناظر الريف المصري التي اضافت اليها ريشة الفنان الكثير من الشاعرية. اللوحة معروضة يتوقع ان تباع بمبلغ يتراوح ما بين اربعة آلاف وستة الاف دولار أميركي. ومن الهند يقدم المزاد، لوحة للفنان الهندي المعاصر فرانسيس نيونتن سوزا بعنوان «الشيخ» ويتوقع لها منظمو المزاد ان تحصل على مبلغ يصل الى 300 الف دولار.
ويقول المسؤولون في دار بونهامز ان المزاد يأتي في توقيت انتعش فيه سوق الفنون في الشرق الاوسط، وبدا فيه تيار امتلاك الأعمال الفنية بغرض الاستثمار.
وتشير بنهالوريك الى ظهور تيار في البلدان ذات الاقتصاد المنتعش حيث يبدأ فيها الاتجاه لتملك الأعمال الفنية بغرض الاستثمار وفي هذه الاسواق يكون الاتجاه دائما نحو الاعمال المحلية، وهو ما يعني انتعاشا في سوق الفن العربي والاسلامي. مضيفة «من الممكن ان يصبح هذا التيار غالبا في دولة الامارات، خاصة ان ملاك الفنون هنا يوجهون اهتمامهم الى لوحات الفن الاسلامي والمعاصر».
ويضم المزاد أعمالا لكثير من الأسماء الفنية على الساحة العربية والايرانية والهندية وحتى التركية. من هذه الاسماء هناك آدم حنين وبول غيراغوسيان من لبنان وفرهد موشيري وتانافولي من إيران، ومن الهند هناك شاكر علي وشوقاتي.