«شانيل» و«سان لوران» رفعا رأس الموضة الباريسية عالياً

لون القهوة والرمادي يتنافسان على الفوز بقلوب النساء

TT

كل الألوان مباحة ومستحبة في عروض الأزياء التي استضافتها باريس، طيلة الأُسبوع الماضي، غير أن للونين الذهبي والفضي التماعة خاصة تخطف الأبصار، خصوصاً في الأكسسوارات والحقائب، من دون نسيان الرمادي ولون القهوة. فبعد أن قدم عشرات المصممين اقتراحاتهم للشتاء المقبل وكاد اللاهثون وراء العروض أن يتعبوا ويشعروا بالملل من التكرار، جاء عرضا «شانيل» و«سان لوران» ليعيدا الحيوية الى أوصال الموسم الذي بدا طويلاً كليل العاشقين.

من أجل عيني «شانيل» تحولت أرجاء «القصر الكبير» في باريس الى ساحة من ساحات القرى في العيد، بأراجيحها وزينتها وأزهارها. والحق يقال إن محبي هذه العلامة وجدوا في العرض الجديد كل ما يبحثون عنه من رموز باتت لصيقة بأزياء هذه الدار العريقة التي يتولى موقع «المايسترو» فيها المصمم كارل لاغرفيلد. فقد كانت هناك الحقائب المبطنة الشهيرة، والسترات الفائقة الأناقة المصنوعة من قماش التويد، وأزهار الكاميليا البيضاء التي تزين العروات، وقلائد اللؤلؤ الطويلة، والأحذية السوداء بمقدمات بيضاء. الجديد كان في تنورات الجينز القصيرة وفي الجاكيتات بحافات مستديرة وفي المعاطف بفتحاتها التي تنسدل وراء الظهر بسخاء. أي أن لاغرفيلد كان كعادته وفياً للمدموازيل بدون أن يخون رغبته الخاصة في الابتكار والإضافة. إن إشارات شانيل حاضرة بدون نقصان لكن المصمم يتلاعب بها بأنماط جديدة ويجمعها في باطن كفه ليعيد طرحها مثل لاعب نرد ماهر يجيد السيطرة على الزهر. وقد احترم الألوان الرمادية التي هي الأساس في موضة الشتاء وأدخل عليها مجوهرات ذهبية ومكملات للزينة ذات أشكال تشبه الدمى. أما أذيال التنورات فلم تقف عند حد واحد، بل تراوحت بين القصير والمتوسط الطول، وبرزت الجزمات ذات الكعوب العالية والأعناق القصيرة، وكذلك الجوارب المحاكة من الدانتيلا والمميزة بشرائط عريضة سود من الخلف.

وبينما كانت الدار تقدم عرضها الذي يميل الى الكلاسيكية تحت قبة «القصر الكبير» في باريس، كان معرضها المتجول الذي صممته المعمارية العراقية زها حديد على شكل كبسولة فائقة الحداثة، يحط في هونغ كونغ. وبهذا تمسك شانيل عصا الزمان من الوسط، في محاولة للفوز بزبونات من الأجيال الجديدة وكسر الحلقة التي جعلت من هذه العلامة حكراً على السيدات اللواتي دخلن مرحلة الشباب الثاني. ثم ارتفعت الستارة عن عرض «سان لوران» الذي تولى تصميم مجموعته الشتوية للثياب الجاهزة ستيفانو بيلاتي، المدير الفني الذي لم يتمسك كثيراً بالخطوط التي تميزت بها تصاميم صاحب الاسم الذي تحمله الدار، بل أعطى لنفسه الحرية في تقديم مفهومه الخاص للموضة في الألفية الثالثة. وقد جاء بيلاتي بعارضات يحملن فوق رؤوسهن باروكات سوداء مستديرة من الشعر القصير المنسدل على الجبهة ويخفين الأعين وراء نظارات رفيعة سوداء تشبه تلك العصبات التي تربط بها أعين المتهمين في غرف التحقيق. غير أن متهمات سان لوران يصبغن الشفاه باللون الأسود اللماع وكأنهن جميعاً امرأة واحدة أو عارضات توائم يتكررن على المنصة.

سجل المصمم عودة مظفرة للسروال بكل أشكاله وتحولاته، فهو طويل حيناً، قصير عريض أحياناً، مزموم عند الخصر أو بأحزمة مقلوبة. وهو باختصار المفتاح الأساس للزي، خصوصاً عندما يترافق مع جزمات عالية ذات كعوب رفيعة تمنح لابستها طول قامة. وهنا يجب ألا ننسى أن إيف سان لوران كان من مدمني استعارة بدلة «السموكينغ» من الرجال وتقديمها، بسراويلها السوداء المستقيمة، الى النساء.

والى جانب الأسود، ظهر لون القهوة من جديد رديفاً منسجماً معه، خصوصاً في المعاطف «السبنسر» القصيرة من الأمام والطويلة من الوراء. وبين الفينة والفينة، لم يكن المصمم يبخل على الحضور بفلتة من لون أصفر هنا، أو لمسة من الأزرق هناك، لكي تنفرج غيوم الشتاء عن أشعة زاهية أحياناً.