بانكسي.. بائع الجداريات الأغلى ثمنا

صالة «إنديبا» تحتضن أعمال الجزار الذي تحول إلى فنان مثير للجدل

لوحة «أطفال فوق الاسلحة» لفنان الغرافيتي بانكسي (أ.ب)
TT

تشهد حاليا صالة «انديبا» للفنون في العاصمة البريطانية لندن، واحدا من أكبر معارض الفنان البريطاني المثير للجدل بانكسي. الذي لم يشغل بريطانيا والعالم بطبيعة رسومه، التي توزعت على جدران مختلفة في العاصمة البريطانية، بل وبيعه بعضها بأسعار خيالية، لم تقتصر على قيمتها الفنية وحسب، بل على تكاليف رفعها ونقلها من مكانها الى حيث يرغب المشتري، غير التقليدي، الذي لن يقتني لوحة زيتية على قماش لأحد الرسامين الكبار، بل جدارا تحول الى لوحة. وبانكسي المولود في مدينة بريستول الانجليزية عام 1974، واسمه الحقيقي روبرت بانكس، لم يكتف بذلك، بل نقل الجدل، قبل عامين تقريبا، الى جدار الفصل العنصري الذي اقامته اسرائيل في الضفة الغربية التي تحتلها، حيث ترك على الجدار عددا من رسومه التي لا تقل اشكالية وإثارة للجدل عما يقدمه هنا.

ومثل جدارياته ولوحاته كانت حياته ايضا، وهي اقرب الى حياة الروائي السوري حنا مينا، الذي بدأ حلاقا وانتهى الى عالم القص والرواية. بانكسي، بدأ جزار لحوم، وانتهى في أواخر ثمانينات القرن الماضي الى ان يحمل الفرشاة حينا، وعلب دهان الرش الملون (سبراي) غالبا، ليترك افكاره الجدلية على الحيطان في اشكال من فن «الغرافيتي». في اعمال بانكسي تتعدد المواضيع، وإن غلب عليها الطابع الثقافي والسياسي. يقدم المعرض لزواره من عشاق بانكسي، اكثر من 50 عملا مختلفا من اعمال «الغرافيتي»، التي اشتهر بها الفنان البريطاني. بعد سنوات اختلف فيها الكثيرون حول اعماله، بل طالب البعض بإزالتها عن بعض الجدران، وقد حصل تحول كبير في مسار أعمال بانكسي. ففي فبراير (شباط) عام 2007، قامت دار «سوذبي» بعرض ثلاثة اعمال له بيعت بأسعار قياسية. وفي اليوم التالي للمزاد، ارتفعت اسعار جميع اعماله لدى دور العرض في لندن. وفي أواخر العام الماضي، زاد الاهتمام من قبل هواة جمع الأعمال الفنية ومحترفيها ايضا حول العالم، وبين هؤلاء، النجمان الأميركيان براد بيت وانجلينا جولي. ومن بين اشهر الأعمال التي يقتنيها مشاهير، لوحة «الملكة فيكتوريا»، التي اصبحت منذ حين، بحوزة المغنية الشهيرة كريستينا اغويليرا.

في لندن تقدم صالة «انديبا» مجموعة من اعمال بانكسي، من غير تعاون شخصي مع الفنان نفسه، وإنما هي عرض لحصيلة ما قامت ادارة الصالة بتجميعه من اعمال على مدى الشهور الثمانية عشر الماضية، وبعضها تمت استعارته من تشكيلات خاصة يمتلكها بعض جامعي اعمال بانكسي. وتقدر قيمة اللوحات التي سيتم عرضها بملايين الجنيهات، وتتراوح اسعار العمل الواحد منها، ما بين 28 الف جنيه (56 الف دولار اميركي) الى 450 الف جنيه (900 الف دولار اميركي). وفي حديث مع روبن بارتون المشرف على صالة العرض قال لـ«الشرق الأوسط»: «إن اغلب الأعمال تم بيعه قبل افتتاح المعرض، ولم يتبق منها سوى بعض الرسومات». ومعلقا على لوحة عارضة الازياء البريطانية كيت موس، التي لاقت اهتماما عالميا كبيرا قال: «إن اللوحة التي توجد منها 20 نسخة مرقمة وموجودة عند عدد من محبي وجامعي اللوحات الفنية، تقوم الصالة بعرض نسخة منها حاليا، وقد تم شراء تلك اللوحة مسبقا، حيث تعد واحدة من أهم المقتنيات ولا يعتقد أنه سوف يستمر عرضها طويلا. وعن سعر اللوحة قال: «يبلغ سعرها حاليا 100 الف جنيه استرليني (200 الف دولار) ومن المتوقع بيعها بسهولة». يشار الى أن صالة العرض التي تحتضن اعمال بانكسي، تقدم خدمات في مجال الاستثمار في عالم الفنون المعاصرة، حيث تمتلك تشكيلة كبيرة من اعمال فنانين معاصرين، امثال اندي وارهول، ودامين هيرست. وفي العام الماضي بيع جدار قام بانكسي بالرسم عليه بأسلوب «الغرافيتي» بثمن كبير، وكانت عملية البيع حدثا بحد ذاتها، إذ كانت اللوحة جزءا من حائط بيت، ولم يسبق ان بيعت جدارية من هذا النوع في مزاد علني. في حينه اجري المزاد عبر الانترنت. فيما لاقى عمله الذي ظهرت فيه العارضة البريطانية كيت موس، بطريقة فنية تشبه اعمال الراحل اندي وارهول، اهتماما كبيرا من قبل النقاد وعشاق هذا النوع من الفنون، والعمل سيكون من بين ما يعرض حاليا.