حِرف جزائرية مهددة بالزوال.. بسبب «الغزو» الصيني

سكان الأحياء الشعبية يشكون تدفق منتوجاتهم من نسيج وجلد وفخار

الزحف الصيني يهدد الحرفيين في الجزائر
TT

يشكو قطاع واسع من الحرفيين الجزائريين، والعاملين في الصناعات التقليدية، من الزحف المتزايد للمنتجات الصينية على أنشطتهم المهددة حسبَهم بالزوال، بسبب انخفاض أسعار عدد كبير من المواد مثل الخزف والبلاستيك والجلود والنسيج.

واضطر الكثير من حرفيِّي النسيج بالعاصمة إلى وقف نشاطاتهم، بسبب انتشار ورشات خياطة الملابس الصينية التقليدية، وفتح محلات لبيعها في مختلف الأحياء الشعبية التي تضم منذ عام الاستقلال (1962) مؤسسات صغيرة عائلية، تحترف انواعاً كثيرة من المهن التقليدية.

وبجولة في حي باب الواد الشعبي في قلب العاصمة، يتبين تزايد أعداد الصينيين في الأزقة والشوارع الضيقة التي يتميز بها الحي. وقال عبد القادر الذي يملك مقهًى في شارع العقيد لطفي، وسط الحي، لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أصبحنا نحن الغرباء، والصينيون هم أهل الحي.. أنظر إلى محلات الملابس التي ليس فيها إلا المنتجات التقليدية الصينية». وأشار إلى عدد من المحلات التي أجَّرها أصحابها الجزائريون لصينيين وافدين حديثاً. فيما أصبحت الأزقة والشوارع الصغيرة المتفرعة عن الحي، مكانا يستقطب ورشات النسيج التي تقام بطريقة غير قانونية والتي كثيرا ما تتدخل الشرطة لغلقها، بناء على شكاوى من سكان الحي الشعبي. وتنتشر العشرات من الورشات السرية الصينية المتخصصة في النسيج وصناعة الأحذية والخزف والفخار، في أحياء العاصمة وبعض الولايات. واللافت إلى أنها توجد أكثر في المناطق التي تشهد بناء عمارات سكنية، مثل العاشور واولاد فايت ودالي ابراهيم وباب الزوار، وحي هراوة شرق العاصمة وغيرها، حيث كلفت الدولة مؤسسات صينية مختصة في البناء والأشغال العمومية بإنجاز أحياء سكنية كبيرة. وبالقرب من هذه المشاريع، أجَر المئات من عمال البناء الصينيين بيوتا وفضاءات تجارية وضعوا فيها ورشات للحرف. وبمرور السنوات، التحقت بهم زوجاتهم وأولادهم من الصين، وهكذا تكونت مؤسسات عائلية صغيرة أغرقت الأسواق. وبفضل التواصل اليومي مع الجزائريين، أضحى الصينيون يستعملون اللهجة الجزائرية في تعاملهم اليومي مما ساعدهم على الترويج لبضاعتهم.

وقال شون وان، مهندس بناء في حي العاشور حول ما سميَّ غزو المنتوجات الصينية للسوق الجزائرية: «في الحقيقة اكتشفنا سوقا عذراء في الجزائر، والمنتجات التقليدية المصنعة محليا، لا يمكن أن تنافس منتوجاتنا لا من حيث الجودة ولا من حيث الأسعار». ويقول وان، 25 سنة، قادم من الريف الصيني، إنه أحضر ابن عمه وزوجته وأولادهما من منطقة شان زان بالصين، والعائلة متخصصة في صناعة الأحذية التقليدية، وقال إن المنتوج يعرف رواجا كبيرا في العاصمة. وأوضح أن أقاربه يعتزمون إقامة ورشات في ولاية وهران (400 كلم غرب العاصمة)، مشيرا إلى أن النشاط يدر عليهم أرباحا كبيرة سمحت لهم بتحويل جزء منها إلى الصين بغرض ادخارها والاستفادة منها عندما يعودون يوما ما إلى البلد. لكنه يقول إن العودة «لا زالت بعيدة ما دام الربح وفيرا والطلب على الشغل يزداد من سنة إلى أخرى بالجزائر».

وأفادت مصادر من وزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أن إدارة مركز التجارة والأعمال «القدس» (استثمار سعودي) الذي سيفتح أبوابه الشهر المقبل، حجزت مساحات كبيرة للحرف والمنتجات التقليدية الصينية بناء على طلب من عائلات وافدة من الصين حديثاً. وتتوقع المصادر إقبالا كبيرا عليها من الزبائن الجزائريين وغيرهم.