العرضة السعودية .. تلاحم حي بين المواطن وولي الأمر

تناقلتها الأجيال تعبيراً عن النصر والفخار

الملك عبد الله مؤدياً العرضة السعودية ويبدو الأمير سلمان بن عبد العزيز(«الشرق الأوسط»)
TT

«نحمد الله جت على ما تمنى.. من ولي العرش جزل الوهايب».. بهذا البيت تنطلق العرضة السعودية التي يشهدها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز سنوياً، مع إخوته الأمراء وأبناء الأسرة الحاكمة، وعدد من السعوديين، تعبيراً عن تلاحم السعوديين مع بعضهم البعض أياً كان موضعهم.

وبهذا البيت الشعري، الذي يُردد بصوت جماعي، ترافقه أصوات الطبول، ولمعان السيوف، تنطلق العرضة السعودية تعبيراً عن الاحتفالات الوطنية، والمناسبات الرسمية، وعن تجديد الولاء لولاة الأمر.

وتعتبر العرضة السعودية، أو النجدية، الرقصة الرسمية للبلاد، ليجد السعوديون خلالها كل معاني الأمن والسلام والفرح، في تلاحم القيادة بالشعب، كون تلك الرقصة أو العرضة، كانت تعبيراً عن النصر والفخار خلال العصور السعودية السابقة، خاصة تلك الحروب والمعارك والانتصارات التي قادها المؤسس الباني الملك عبد العزيز طيب الله ثراه.

وجاءت العرضة السعودية تطورا لعادات قديمة عرفها السعوديون منذ القدم في حالة الحرب، وإن لم توجد نصوص في التراث العربي القديم، يمكن من خلالها الربط بينها وبين واقع العرضة التي تعرف اليوم، وبين تلك التي كانت تؤدى في السابق، فيما تُمثل فناً حربياً كان يؤديه أهالي نجد بعد الانتصار في المعارك، وذلك قبل توحيد أجزاء البلاد عندما كانت الحروب سائدة في الجزيرة العربية.

ومن مستلزمات العرضة السعودية، الراية السعودية (العلم السعودي)، والسيوف، والبنادق لمنشدي قصائد الحرب، بينما هنالك مجموعة من حملة الطبول، يقومون بضربها بإيقاع متوافق مع إنشاد الصفوف، إضافة إلى زي خاص بالعرضة، يُسمى زي العرضة النجدية، وهو عبارة عن زي فضفاض واسع يسمح بسهولة الحركة للراقصين، يُصنع من قماش أبيض اللون، ليتلاءم مع الطبيعة المحيطة، وترتدى عادة فوق هذه القطعة قطيفة سوداء تسمى (القرملية) تكون أحيانا ذات أكمام طويلة، تُلبس مع الشماغ أو الغترة والعقال، وهو الزي السعودي الرسمي، ليُمكن مُرتديه من ارتداء «محازم» أسلحة، عبارة عن (جله) توضع بشكل متقاطع، كانت قديما ذات أهمية في وضع الرصاص للبنادق، تعبيراً عن القوة والنصر والفرح.

والعرضة السعودية، إن كانت غالبا مرتبطة بالحرب، فإنها باتت تؤدى في مناسبات أخرى كالاحتفالات، والأعياد، واحتفالات الزواج السعودية خلال العصر الحالي، إلى أن انتشرت في كافة الأقاليم السعودية، جنوباً وشمالاً، شرقاً وغرباً.

ويُعرف عن الملك عبد الله بن عبد العزيز حبه للعرضة السعودية التي يجيدها، ويحرص على وجوده في المناسبات الوطنية، وهو يؤديها باحترافية، حاملاً الراية السعودية (العلم السعودي)، مرافقاً أصوات الطبول، تعبيراً منه لحبه للإرث السعودي.

ويجد السعوديون أنفسهم كثيراً في هذه العرضات والرقصات، لما تشكله من تعبير للفرح لديهم، وخاصةً أنها تثير كثيرا مشاعر الرغبة في الاحتفال لدى كل سعودي، خصوصاً أنها تُعتبر أحد طرق تقديم الولاء والطاعة للقيادة ولولاة الأمر عن طريق ترديدهم (سمعاً وطاعة سيدي) في أواخر الأبيات الشعرية المُصاحبة للعرضة السعودية.