دبي تجمع 70 صالة عرض من مختلف القارات تحت سقف واحد

مدارس فنية من نيويورك إلى لندن مروراً بباريس وروما وطوكيو

70 غاليري عالميا تشارك في معرض آرت دبي
TT

ما بين لندن ونيويورك وباريس وسيدني وموسكو وأثينا وزيوريخ ومدريد وطوكيو وسيول وشنغهاي، وحتى أيضا تونس ودمشق والمنامة.. يمكن للمتلقي أن يطلع على فنون كل هذه المدن تحت سقفٍ واحدٍ عبر «آرت دبي 2008».

أما كيف يمكن زيارة 70 غاليريا من مختلف أنحاء العالم في ساعة واحدة؟ وما هي الطريقة المثلى للوصول إلى مدارس فنية متنوعة بأقصر الطرق؟ فالإجابة تذهب باتجاه دبي لا غيرها، التي تمكنت من جمع كل هذا الكم من الأعمال الفنية والمسؤولين في الصالات العالمية، في ملتقى ثقافي هو الأول في نوعه بمنطقة الشرق الأوسط.

وإذا كانت دبي، والإمارات العربية المتحدة عموماً، قد تلمست دور الفن العالمي وتأثيره الكبير على المجتمع بأسره، وبدأت في استقطاب العديد من المعارض والغاليريات العالمية من مختلف المدارس الفنية، فإن جولة واحدة في «آرت دبي» ستغنيك بالتأكيد عن جولات متعددة في دول متعددة، فقد جمعت دبي كل هذا الخليط الثقافي الراقي، وأتت به لتعرضه لك على مدى خمسة ايام.. فمن يفوت مثل هذه الفرصة؟

المعرض الذي بدأ أعماله رسمياً أمس، وافتتحه مساء أمس الأول الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الامارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، يستمر لمدة خمسة أيام ويضم لوحات وأعمالا فنية ورسومات تشكيلية تمثل أكثر من 70 غاليريا حول العالم، تشارك في المعرض ويشغل جميع قاعات مدينة جميرا وردهاتها.

غني عن القول إن الزائر لمثل هذا المعرض، ليس شرطا أن يكون أحد المتخصصين في الفنون والمعارض، فالذوق الراقي والحس العالي سيجده المتلقي أينما حط رحاله بين ثنايا المعرض، أو بالأحرى المعارض المتنوعة، والتي تشمل مجموعة واسعة من أهم اللوحات والمنحوتات الحديثة والمعاصرة لنخبة من أشهر الرسامين والنحاتين العالميين.

«آرت دبي» يقام على ضفاف الخليج العربي في دورته الثانية، فهذا الحدث يبرز دبي كمركز ثقافي فني، حيث تشمل فعاليات المعرض، منتدى الفن العالمي الثاني، ويشارك في أعماله وجلساته والذي يعقد تحت عنوان «الفنون ورعايتها في عصر الأعمال» نحو 50 مسؤولا لعدد من الصالات الفنية العالمية، يعدون من أهم أمناء الصالات الفنية في العالم والمقتنين والفنانين.

الشيخ محمد بن راشد أبدى إعجابه بالمعروضات التي تجسدت فيها معارف وإبداعات أصحابها الذين استطاعوا أن يعبروا عن أفكارهم من خلال الفنون التي عكست صورا لجمال الطبيعة والجمال الإنساني والفرح والألم وجسدوا في ما تناولوه من هذه الصور المنوعة فكرة أو عاطفة يقصد بها التعبير المبدع الآتي بعجائب الأمور. وأكد حاكم دبي في معرض تعليقه على ما شاهده في المعرض أن هذه التظاهرة الفنية التي تحتضنها دبي تثبت من جديد أن دولة الإمارات تولي العلوم والثقافة والفنون اهتماما خاصا وتشجع من خلال تنظيم مثل هذه الفعاليات الانفتاح على الثقافات الأخرى وفهم الآخر والوصول إلى مزيج حضاري وثقافي متجانس يرتقي بالإنسانية إلى الأعلى.

الدالف لـ«آرت دبي 2008»، أول معارض الفن المعاصر وأضخمها بمنطقة الشرق الأوسط لا بد له أن يُفاجأ بمجموعة واسعة من أهم اللوحات والمنحوتات الحديثة والمعاصرة لنخبة من أشهر الرسامين والنحاتين المعروفين عالمياً والمعروضة للبيع، من قبل نحو 70 صالة فنية من أهم الصالات العالمية والإقليمية العريقة المتخصصة في الفن الحديث والمعاصر من الشرق الأوسط وجنوب آسيا ووسطها والشرق الأقصى وأوروبا والأميركتين، حيث تعد هذه المجموعة المختارة من روائع الفن الحديث والمعاصر أضخمَ مجموعة تحتشد في معرض واحد بمنطقة الشرق الأوسط قاطبة.

ولأن دبي أرادت أن تضع لمساتها الخاصة معرض «آرت دبي 2008»، وألا يبدو فقط وكأنه تجميع لمعارض مختلفة من أنحاء العالم، فقد كانت هناك مجموعة موسعة من المشروعات والفعاليات والنشاطات الخاصة المصممة حصرياً للمعرض، وتشمل أعمالاً ضخمة مجسمة لنخبة من الفنانين الدوليين من أمثال ويم ديلفوي، وطارق زكي، وأمير فلاح، وسونيل جاود، ومروان رشماوي. ويعتبر جون مارتن المؤسسَ المشارك ومدير عام معرض «آرت دبي» أن الأهمية الحقيقية للمعرض، تكمن في انه يوفر خلال فعالياته التي تمتد لخمسة أيام فرصة حقيقية لالتقاء أهم الفنانين والشخصيات القيادية الثقافية بمنطقة الشرق الأوسط بالقائمين على الصالات الفنية العالمية العريقة والمقتنين والمفكرين من أصحاب المساهمة الإبداعية الاستثنائية في هذا المجال حيث تدور مناقشات وحوارات لا مثيل لها في عمقها وجديتها في المنطقة حول حركة الفن المعاصر.

أما الدكتور عمر محمد أحمد بن سليمان، محافظ مركز دبي المالي العالمي وعضو مجلس الإدارة والعضو المنتدب لهيئة الثقافة والفنون بدبي، فيقول «لا شك أن المعرض يمثل محطة مهمة في جهودنا المتواصلة الرامية إلى تحقيق رؤية دبي وطموحها لأن تكون مركزاً عالمياً ريادياً للأعمال الفنية المعاصرة، وذلك عبر تأسيس علاقات وثيقة مع أهم الصالات الفنية العالمية العريقة واستقطاب أهم الفنانين المبدعين من أنحاء المنطقة والعالم للمشاركة في فعاليات «آرت دبي» على مدى خمسة أيام متتالية، إذ استطاع خلال دورته الثانية أن يضاعف مساحته ومشاركة الصالات العالمية العريقة فيه، بل أن يستقطبَ عدداً من أهم الخبراء المرموقين للمشاركة في أعمال منتدى الفن العالمي. كما تمكن معرض «آرت دبي» خلال اثني عشر شهرا لا أكثر من أن يستقطب دعماً مؤسسياً واسعاً، وأن يوسع نطاق نشاطاته ومشروعاته وفعالياته إلى أبعد حدود ممكنة».

ويستضيف «آرت دبي 2008» معرضاً خاصاً حول الحركة الفنية الباكستانية المعاصرة تحت عنوان «البحث اليائس عن الفردوس» بإشراف الفنانة سليمة هاشمي، بالإضافة إلى فعاليات «آرت بارك» المخصص للأعمال الفنية التجريدية مع التركيز خاصة على الأعمال الفيديوية والتصويرية.

إلى ذلك، أعلن على هامش المعرض عن «جائزة أبراج كابيتال للأعمال الفنية»، والتي تمثل فرصة لعدد يصل إلى خمسة فنانين من المنطقة للعمل مع أمناء الصالات الفنية الإقليمية والعالمية ومشاركة معارضهم الفردية في معرض «آرت دبي 2009». وستختار أبراج كابيتال عملاً واحداً من مجموعة كل فنان مشارك لتكوين مجموعة فنية مؤسسية ستعكس مع مرور الأعوام الاهتمامات المتغيِّرة للممارسة الفنية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا. ويتعيَّن تقديم كافة الطلبات من قبل أمناء الصالات الفنية والفنانين المشاركين في موعد أقصاه 5 يونيو(حزيران) 2008.

وفي هذا الصدد، قال فريدريك سيكريه، المدير التنفيذي في أبراج كابيتال «تشهد الحركة الفنية المعاصرة بمنطقة الشرق الأوسط وآسيا تطورات متسارعة على كافة الصعد؛ وأعتقد شخصياً أن هذه هي اللحظة المثالية لتوطيد اهتمام المؤسسات العالمية بالأعمال الفنية التي يتم إبداعها في المنطقة. وعبر إقامة علاقة وثيقة مع القائمين على الصالات الفنية الدولية، ستمكن جائزة أبراج كابيتال للأعمال الفنية فنانين مُبدعين من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا من تعزيز سمعتهم العالمية وعلاقاتهم الدولية، وكذلك تطوير أعمالهم عبر شراكة إبداعية حقيقية».

وسيكون زوار معرض «آرت دبي 2008» أول مَنْ يشاهد معرض «الفنون ومبادرات الأعمال الإبداعية» حيث من المقرر أن ينطلق المعرض المرموق في جولة عالمية تشمل نيويورك وموسكو وميلان وجنيف وبرلين ومدريد، ليحط رحاله في نهاية جولته بالعاصمة البريطانية لندن لإقامة مزاد على اللوحات المشاركة في وقت لاحق من هذا العام. وستعرض المؤسسة المصرفية العالمية كريديه سويس أكثر من 40 عملاً فنياً أبدعها 19 فناناً من 16 دولة حول العالم ممن أسندت إليهم مهمة ترجمة مبادرات الأعمال الإبداعية إلى أعمال فنية ملهمة. على كل حال، فإن خمسة ايام بلياليهن ستكون فرصة، ليس لمحبي الفنون فحسب، بل كل من يهوى أن يشاهد كل جميلٍ، بالتأكيد سيجده في ثنايا المعرض، إما عبر لوحة فنية أتت من أستراليا، أو من عمل فني رائع صنع في باريس، أو من نصيحة فنية يقدمها أحد اساتذة الصالات الفنية الكبرى في لندن.. باختصار الرحلة في قاعات معرض «آرت دبي 2008» ستكون عالقة في الأذهان، وذكريات 70 غاليرياً ستبقى راسخة على مر السنين، فمن يستطيع نسيان مثل هذا الفن الجميل؟