«النوروز».. من أقدم المناسبات الاحتفالية

رأس السنة الفارسية يحلّ مع بداية فصل الربيع وأسسه ملك منذ 10 آلاف عام

كرديات يحتفلن بيوم النوروز في كركوك (إ.ب.أ)
TT

في الوقت الذي يحتفل فيه العالم بحلول فصل الربيع في 21 مارس (آذار)، يحتفل الفرس والأكراد والناطقون باللغة الايرانية مثل الافغان، بيوم النوروز، أي رأس السنة الذي يحلّ بداية فصل الربيع، والذي يعتبر احدى أقدم المناسبات الاحتفالية في العالم.

يحل النوزوز أحيانا قبل يوم من بداية فصل الربيع او بعد يوم، بحسب التقويم الفلكي، هو اول ايام السنة الفارسية المعروف، وتعني كلمة النوروز «اليوم الجديد». فالتقويم الايراني متماش مع تجدد الطبيعة، ويحتفل به الفارسيون منذ قرون عديدة، حتى قبل ظهور الزرادشتية. لذلك فان هذا اليوم ليس عيدا اسلاميا، الا ان الايرانيين يطلقون عليه تسمية عيد.

النوروز هو من أهم الاعياد الايرانية، وتأخذ الاحتفالات به اهمية كبيرة وتبدأ في اليوم الاول بمهرجان «تارشانبيه سوري» وتنتهي بمهرجان اخر في الاول من أبريل (نيسان) او 13 فارفاردين، بحسب التقويم الايراني. وكانت الاحتفالات العامة بالنوروز تستمر 5 ايام ولكن الاحتفالات الخاصة تطول الى اكثر من ذلك وتصل الى نحو 13 يوما، اي تمتد حتى نهاية الشهر. وفي القديم، كان يمكن للاشخاص العاديين مقابلة الملوك. اما في ايران المعاصرة، فيبدأ النوروز في 21 مارس وهو اول يوم من ايام فارفاردين. وتغلق الجامعات والمدارس طوال 13 يوما، بينما تغلق المؤسسات الحكومية لمدة 5 ايام.

الجذور التاريخية للنوروز

* تؤكد كتب التاريخ ان جامشيد، ملك فيشداديان، هو مؤسس عيد النوروز. وتروي الكتب قصتين مختلفتين عن دور هذا الملك الذي حكم قبل 10 آلاف سنة، في تأسيس هذا اليوم. الرواية الاولى تناقلها الفرس، وجاءت على لسان الفردوسي، وهو واحد من اهم الشعراء الايرانيين، ان جامشيد حقق انجازات كبيرة في مجال الحضارة والرعاية الاجتماعية والامن والعمارة والنسيج وفنون العلاج. وقسم المجتمع الى أربع جماعات من المتدينين والمحاربين والمزارعين والصناعيين. ثم امر بعقد مهرجان كبير للاحتفال بـ«اليوم الجديد» او «النوروز» باللغة الفارسية. ويعتقد الفردوسي ان جامشيد ترك احتفالات النوروز ذكرى لنا.

اما عمر الخيام، الشاعر المشهور، فقد ذكر ان الملك جامشيد اراد بعد تتويجه اعداد تقويم جديد خاص واطلاق تسميات جديدة على الاشهر والاسابيع. وعقد لذلك اجتماعا للكهنة وطلب منهم ان تكون بداية السنة الجديدة في اليوم الاول لفارفاردين، الذي يصادف في العشرين من مارس (آذار).

اهمية نوروز جامشيد

* بدأ الملك جامشيد مهرجان نوروز للاحتفال بقدوم الربيع قبل 10 الاف سنة. وكانت ايران في تلك الايام مجتمعا رعويا، مما يعني ان المهرجان يعني انتصار الخير على الشر مع انتصار الضوء على الظلام لأن نوروز يقع مع بداية الاعتدال الربيعي. ومن بين عادات الاحتفال بعيد النوروز ما يعرف باسم «سفرة هافت سين»، وتعني مائدة طعام تضم سبعة أنواع من المأكولات، يسمونها هدايا من الطبيعة، تبدأ جميعها بحرف السين باللغة الفارسية. وقبل اسبوع من بداية الاحتفالات يتم نقع حبوب القمح والعدس لكي تنبت وتؤدي الى انتشار الخضرة وترمز للنمو. كما توضع على المائدة الفواكه والمكسرات والحلويات والشموع والكتاب المقدس. بالاضافة الى وعاء يحتوي على السمك الذهبي وسلة من البيض الملون، وهو ما يرمز للحياة الجديدة. وتقضي العادات برش الضيوف الذين يأتون للمشاركة بعطر من ماء الورد ويطلب منهم النظر في المرآة وتمني امنيات. ويقول البعض ان هذه العادات ترمز لان تصبح رائحتك جميلة مثل رائحة الورد وبراقة مثل المرآة. وتنتهي الاحتفالات في اليوم الثالث عشر مع خروج الناس الى الحدائق وضفاف الانهار. ويتم القاء القمح والعدس الذي تم زرعه ونبت في الانهار ليحمل معه الحظ السيئ من العام الماضي.

وهناك الكثير من العادات التي يمارسها الفرس في هذا العيد منها: تنظيف المنزل تنظيفا كاملا وزيارة الاقارب والاصدقاء وتقديم العيدية. وثمة تقليد آخر يقضي بأن يغطي رجل وجهه باللون الاسود ويدق الرق في الشوارع وينشد اغاني عن الربيع.