فيلم «برسيبوليس» الإيراني على طاولة مجلس الوزراء في لبنان

رشح لجائزة الأوسكار ومنعه يسبب خلافا بين الموالاة والمعارضة

الكاتبة مارجان ساترابي مؤلفة ومنتجة فيلم برسبوليس (إ.ب.أ)
TT

تحول فيلم الرسوم المتحركة «برسيبوليس»، الذي أصدر الأمن العام اللبناني قراراً بمنعه يوم أول من أمس، إلى قضية شد وجذب بين المعارضة والحكومة اللبنانية. ويبدو وكأن معركة تدور في الخفاء بين الجهتين باسم هذا الفيلم الذي اعدته الفرنسية-الايرانية ماريان ساترابي وانجزته مع فنسان بارونو، ويتحدث عن ايران وعمليات القمع خلال حكم الشاه وبعد الثورة الإسلامية.

وكان الأمن العام اللبناني الذي يديره اللواء وفيق جزيني، القريب من حزب الله، قد أعلم شركة أمبير المسؤولة عن توزيع الفيلم أول من أمس، بأن الفيلم قد تم منعه. لكن المدير التنفيذي للشركة بسام عيد، كما يروي لـ«الشرق الأوسط» شعر بالغبن، لأن نسخ الفيلم موجودة في الضاحية الجنوبية نفسها، حيث معقل حزب الله ويباع بنسخ مقرصنة، ويروي عيد: «اشتريت نسخة من الفيلم من محل موجود في الضاحية الجنوبية ونسخة أخرى من منطقة برج حمود، وأرسلت النسختين إلى وزير الثقافة ليعطي رأيه في الفيلم، ويتخذ موقفاً». وفي اتصال لـ«الشرق الأوسط» مع وزير الثقافة اللبناني طارق متري، رد احد المقربين منه وأكد ان وزير الثقافة غير راض عن منع الفيلم، وتم طرح موضوع المنع في جلسة مجلس الوزراء التي عقدت يوم الثلاثاء وتمت مناقشته، ووضعت القضية في عهدة وزير الداخلية، الجهة التي يتبع لها الأمن العام اللبناني، الذي اتخذ القرار بالمنع، وسيفعل ما بوسعه لفسح الفيلم، والسماح بعرضه. ولم يتسن الاتصال بوزير الداخلية حسن السبع بسبب انشغالاته، لكن الجهات المعنية في الحكومة تفعل ما بوسعها ليصل الفيلم إلى القاعات، خاصة ان وزير الثقافة اللبناني طارق متري كان قد صرح يوم أمس بالقول: «في العالم المعاصر لا يجوز منع عرض الافلام ما لم يكن هناك سبب وجيه جدا لذلك». واعتبر متري ان الفيلم «غير معاد لايران ولا للاسلام، بل هو وصف لايران مطلع الثورة الاسلامية ولا يجوز منعه أكنا نعارض مضمونه أم لا». واضاف «الاسباب الموجبة للرقابة في القانون هي عادة، اثارة النعرات الطائفية والمس بالاخلاق العامة او بهيبة الدولة او الترويج الدعائي للعدو الصهيوني، وهذا ما لا ينطبق ابدا على الفيلم». واوضح متري انه قدم مشروع قانون الى الحكومة يحظر الرقابة المسبقة.

وهي ليست المرة الأولى التي يتدخل فيها وزير الثقافة اللبناني متري ضد قرار يتخذه الأمن العام بمنع عمل فني، فقد سبق أن منع الأمن العام منذ عدة أشهر مسرحية للفنان ربيع مروة تحمل اسم «لكم تمنت نانسي لو ان كل ما يحدث لم يكن سوى كذبة أبريل». وقد سمح بعد ذلك بعرض المسرحية رغم قرار المنع الأول بعد تدخل وزير الثقافة، وهو ما يبشر بأن فيلم «برسيبوليس» قد يفرج عنه بالطريقة ذاتها، خاصة ان الحكومة تبدو مصممة على ان لا يحجب عن المشاهدين. وهكذا بالإمكان القول ان الثقافة قد تكون طرفا مستفيداً اليوم من وجود جهتين سياسيتين لهما رأيان متناقضان، في كثير من الأحيان.

وشرح المدير التنفيذي لشركة «أمبير» بسام عيد لـ «الشرق الأوسط» ان ما يحدث قد يكون ضمن سياق منع متكرر طال العديد من الأفلام لأنها تمس بدول صديقة أو شقيقة، وهذا حدث لمرات عديدة مع أفلام اميركية، تتناول العرب كإرهابيين، أو تمس بدول عربية، لكنه استغرب في الوقت نفسه «ان يسمح بعرض فيلم «برسيبوليس» في عدة دول عربية، واستطاعت الشركة ان تحصل على اذن بالعرض في دولة الإمارات، وهي تنتظر موافقات باتت بحكم الأكيدة من البحرين والكويت، فلماذا يمنع لبنان ما يسمح به الآخرون. هل فقط لأن حزب الله يحكمنا هذه الأيام؟ أؤكد لك أن كل الأفلام الممنوعة بما فيها الإباحية نجدها اليوم في الضاحية والمخيمات الفلسطينية ولا يستطيع أي أحد ان يمنعها هناك، في ما يستطيعون منعنا نحن».

وكان فيلم «برسيبوليس» قد فاز مناصفة بجائزة التحكيم خلال مهرجان كان عام 2007 ورشح لجائزة الاوسكار عام 2008 عن فئة افضل فيلم رسوم متحركة وقد اعدته الفرنسية الايرانية ماريان ساترابي. وتعرضت ساترابي لمضايقات من قبل السلطات الايرانية ما دفعها الى مغادرة بلادها الى النمسا ثم فرنسا ولم تعد ابدا الى ايران.

ونددت حكومة الرئيس محمود احمدي نجاد بهذا الفيلم واعتبرته مناهضا للاسلام ومناهضا لايران، الا ان نسخة منه طالها مقص الرقيب عرضت مرات عدة في ايران. وهو الأمر الذي تثور بسببه الشركة الموزعة في لبنان والمنطقة العربية معتبرة، أن المنع ليس له ما يبرره، «فهل على لبنان أن يكون ملكياً اكثر من الملك. خاصة ان الكثير من المحرمات السابقة مثل لقطات فيها قبلات أو ما أشبه، بدأ التهاون معها، ولا يتم المنع والتشديد إلا على اللقطات الإباحية جداً والعري، وهذا أمر جيد في ما لاتزال قضايا علاقات لبنان مع محيطه تتسبب في منع بعض الأعمال الفنية والأفلام، وهذه ليست المرة الأولى».