البحرين تجتذب القارات الخمس بكرنفال اجتماعي في صورة «فورمولا1»

ولي العهد البحريني لـ«الشرق الأوسط»: نجحنا في تسليط اهتمام العالم على منطقة الخليج

TT

تفوقت البحرين أمس على نفسها، ونظمت نسخة خامسة ورائعة من بطولة الفورمولا1، هذه المسابقة التي تبدو أنها بطولة رياضية في عنوانها الرئيس، أما تفاصيلها فبالتأكيد تشير إلى أن هناك كرنفالا جمع الموسيقى والفن والرياضة وحتى الاقتصاد، مزجت كلها بحضور وجوه بارزة من المجتمع الدولي سواء كانوا ملوكا أو سياسيين أو اقتصاديين.. في كل الأحوال كانوا مشاهير من أنحاء العالم.

وإذا كانت دول العالم، وخاصة دول العالم الثالث بالتحديد، تسعى بكل قوة لتسجل لها بصمة على خارطة الكون، فإن البحرين لم تغب عن هذه البصمة منذ 2004، لكنها في نسخة 2008، أثبتت أنها تقدم الجديد عاما بعد الآخر، فتسلطت أنظار نصف مليار مشاهد من القارات الخمس باتجاه لؤلؤة الخليج.

ولي العهد البحريني وصاحب فكرة استضافة بلاده للفورمولا 1 الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» بأن بلاده أصبحت قبلة للعالم يوم أمس، بالقول إن الخليج العربي بكاملة أصبح تحت أنظار العالم، مؤكدا أن ما تقدمه البحرين سنويا «هو روح جديدة تبثها من خلال بطولة الفورمولا 1». وكشف ولي العهد البحريني أن الخطوة المقبلة ستكون في إنشاء حلبة فورمولا جديدة.. لكنها هذه المرة ستكون للأطفال، الذين ـ وفقا للشيخ سلمان ـ يريد أن يجذبهم أيضا للمشاركة في هذه الاحتفالية المبهرة.

عودة للسباق نفسه، فقد نصب البرازيلى فليبي ماسا نفسه بطلا للعام الثاني على التوالي على أرض البحرين؛ فبعد فوزه بسباق جائزة البحرين الكبرى فى العام الماضي 2007 يعود سائق فريق فيراري مارلبور ليحرز فوزه الاول في بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد لموسم 2008، في السباق الذي استضافته حلبة البحرين الدولية اليوم بعد النتائج المخيبة له في الجولتين الاولى والثانية في استراليا وماليزيا خلال شهر مارس (آذار) الماضي. وبالرغم من أن ماسا كان ترتيبه الثاني عند نقطة الانطلاق، إلا أنه استطاع أن يتقدم سيارات منافسيه منذ بداية السباق المثيرة وتحقيق المركز الاول على العكس تماما من نتائج المرحلتين الاولى والثانية من بطولة العالم لسباقات الفورمولا واحد لموسم 2008 واللتين لم يحالفه الحظ فيهما باعتلاء منصة التكريم في أي من المراكز الثلاثة الاولى، بل على العكس جاء ترتيبه متدنيا جدا. وبهذه النتيجة يكون ماسا قد عوض اخفاقه ونتائجه المخيبة في سباق ماليزيا الذي فاز فيه زميله في فريق الفيراري الفنلندي كيمي رايكونن وفي سباق استراليا الذي كان من نصيب البريطاني لويس هاميلتون سائق فريق ماكلارين مرسيدس. المشاهير بدورهم حضروا من كل مكان، صحيح أن الملوك والزعماء السياسيين هذه المرة لم يكن وجودهم بالقوة التي كانت عليها كل عام، إلا أن الوجود الغربي للمشاهير كان بارزا، فمن السيدة الأولى للأليزيه سابقا مع خطيبها، إلى الثري المكسيكي كارلوس غصن، حتى الأمير أندرو لم يفوت الوجود في هذا السباق، ناهيك من جمع من الوزراء والمسؤولين الخليجيين.

ومنذ عدة أيام وقبل بداية السباق، تحولت مدن البحرين إلى حلبة كبيرة للفورمولا 1، وأصبحت لغة الفورمولا هي السائدة بين البحرينيين، فالبحرين بمطارها وشوارعها وفنادقها وميادينها أصبحت مكملة للسباق الذي أقيم على حلبة الفورمولا1 في منطقة الصخير.

«الانجاز الحقيقي كان في ترسيخ رياضة الفورمولا 1 بين أبناء الخليج» هكذا تحدث وزير الإعلام البحريني جهاد بوكمال، الذي اعتبر أن تقديم بلاده للجديد كل عام، «دليل على أننا لن نتوقف عن مفاجأة زوار البحرين عاما بعد الآخر».

وهذا العام حققت حلبة البحرين الدولية انجازا جديدا يضاف الى انجازاتها فى استضافة سباق جائزة البحرين الكبرى للفورمولا واحد للسنة الخامسة على التوالي، حيث استقطبت الحلبة ما يقارب 100 ألف زائر خلال أيام السباق الثلاثة مقارنة بـ 45 ألف زائر فقط للايام الثلاثة فى عام 2004 الذي شهد أول سباق تستضيفه الحلبة للفورمولا واحد أي بزيادة فاقت 50 في المائة.

ويمكن القول إن التراث البحريني الميزة الأبرز لسباق البحرين من بين سباقات الفورمولا واحد، لكون البحرين تمتلك ثقافة خاصة ومميزة لدى جميع متتبعي ورواد هذه الرياضة.. وتحظى الفنون الشعبية بكافة أنواعها بمتابعة الجماهير الأجنبية والتي تعشق هذه الفنون الفريدة من نوعها وتحرص دائما على متابعتها من خلال الحدث.

ولأن البحرين تصر على تقديم الجديد سنويا، فقد حازت خيمة الفيراري العملاقة الرابضة في حلبة البحرين الدولية على اهتمام واعجاب رواد فعاليات النسخة الخامسة لسباق جائزة البحرين الكبرى للفورمولا 1، حيث اجتذبت الخيمة اعدادا كبيرة من المواطنين والمقيمين وزوار المملكة الذين أبدوا دهشتهم للتصميمات الرائعة للسيارات المعروضة وحرصوا على التقاط الصور التذكارية مع تلك السيارات لتبقى شاهدة على تجربة فريدة وفرتها حلبة البحرين الدولية لجماهير الفورمولا واحد.

وتضم خيمة الفيراري 19 سيارة تصل قيمتها الاجمالية الى نحو 80 مليون دولار، ولعل اللافت في أسعار السيارات المعروضة ان القديم منها كان الأغلى سعرا عمن سواه وكان الرقم الاعلى من نصيب سيارة زنيستا روستا بونتون 250 - موديل 1985، حيث بلغ سعرها 41 مليون دولار وتم انتاج 32 سيارة منها، تليها سيارة تيستا روستا بونتون 250 - موديل 1956 وقيمتها 12 مليون دولار وانتج منها 4 سيارات فقط، ثم سيارة زام ام 290 سبايدر بقيمة 10 ملايين دولار وانتج منها 23 سيارة. وتراوحت اسعار بقية السيارات المعروضة بين 6 ملايين دولار و800 ألف دولار، حيث بلغ سعر سيارة بي 4/5 موديل 2003 ستة ملايين دولار وأنتج منها سيارة واحدة فقط، وبلغ سعر سيارة جي تي بي 275 موديل 1967 خمسة ملايين دولار ونتج منها 10 سيارات، وبلغ سعر سيارة بينفاريتا دينو موديل 2006 ستة ملايين دولار وانتج منها سيارة واحد فقط، فيما بلغ سعر سيارة جي تي بي 4 سبايدرر موديل 2003 خمسة ملايين دولار وانتج منها 10 سيارات، وبلغ سعر سيارة ال دبليو بي ـ كاليفورنيا ـ سبايدر موديل 1959 خمسة ملايين دولار وانتج منها 51 سيارة، وبلغ سعر سيارة اس دبليو الوي بيرلنتيتا موديل 1960 اربعة ملايين دولار وانتج منها 75 سيارة، وسيارة جي تي بي 274 موديل 1975 بقيمة 3 ملايين دولار وانتج منها 10 سيارات، وسيارة جي تي بي 4 موديل 1972 بقيمة 3 ملايين دولار وانتج منها 59 سيارة.

ولعل أقرب وصف للكرنفال البحريني هو أن السباق كان خارج الحلبة وليس داخله، وهذا قول لا يبعد عن الحقيقة، فبينما كانت لحظة انطلاق السباق والتي بدأت في الثانية والنصف بالتوقيت المحلي، وهي اللحظة الأهم مع لحظة الوصول لخط النهاية، كان الكثير من الحضور يتركون أماكنهم بالمدرجات ويتجهون لخارج الحلبة في الباحة الخارجية، حيث المطاعم المنتشرة ومحلات بيع منتجات الفرق المشاركة، بالإضافة إلى بعض الألعاب البهلوانية التي تنظم سنويا، ولا يمنع الأمر من التباهي بقمصان الفرق المشاركة وأعلامها، فيما البعض يمشي مفتخرا بقميص حمل توقيع لأحد أبطال السباق، وبالرغم من كل هذا الاهتمام بأبطال الفورمولا 1، كان الكثير من الجماهير يقضي وقته في السباحة الخارجية وكأنه جاء خصيصا للبقاء بعيدا عن مشاهدة السيارات وهي تتسابق، وربما كان يكفيه صوت السيارات يأتي بقوة من بعيد.. ألم نقل إنه كرنفال واحتفالية سنوية أكثر منه منافسة رياضية؟

ولأن عددا لا يستهان به من الحضور كان من الجنسيات الأجنبية، فاستغل المنظمون الفرصة وأطلقوا حملة «اكتشف الإسلام» التي وضعت لها قدماً في حلبة البحرين الدولية، وكان لها ركن خاص في المنطقة الترفيهية.

وتهدف هذه الحملة التي حملت عنوان «السباق نحو السعادة» إلى نشر الدين الإسلامي للجماهير الأجنبية التي تحرص على حضور سباق جائزة البحرين الكبرى للفورمولا 1.

وتوجد عدد من «المشايخ» في الركن الخاص بالحملة للتعريف بطبيعة الدين الإسلامي لزوار الحلبة، خاصة من الديانات المختلفة، وتسعى الحملة لاستغلال الأحداث العالمية التي تستضيفها البحرين لتعريف زوارها بالدين الإسلامي وأهميته.

البحرين استنفرت بكامل طاقتها، وزارات وقطاع خاص وشعب أيضا لإنجاح هذه الاحتفالية السنوية، فقد عمل ما يزيد على 38 ألف شخص بالمساهمة بشكل مباشر أو غير مباشر في تنظيم السباق. ومعظم وزارات الدولة وأجهزتها استنفرت نفسها من أجل السباق الذي يعتبر الحدث الرياضي الأبرز الذي تستضيفه البحرين على الإطلاق. وكما قال ولي العهد البحريني، فإن للأطفال نصيبهم مستقبلا من السباق بصورة أشمل وأكبر، فإن مدرسة البورش وللسنة الرابعة على التوالي. حرصت على تعليم القيادة للصغار الموجودين في حلبة البحرين الدولية، والمساهمة بشكل فعال في تعليم الصغار على أسس القيادة الصحيحة واتباع قواعد المرور والأمن والسلامة والتعامل مع الاشارات واللوحات المرورية بالشكل الصحيح.