لوحة تعود إلى عالم هتلر

باحثة اكتشفت بالصدفة تاريخ اللوحة التي تنقلت بين برلين ونيويورك

TT

أعلنت صالة العرض الوطنية في بريطانيا يوم الثلاثاء أن بحثاً جديداً قد كشف عن وجود لوحة في مجموعتها، تحمل اسم «إله الحب يشكو إلى إله الجمال»، لفنان عصر النهضة الألماني لوكاس كراناخ الأكبر، تعود إلى المجموعة الخاصة التي كان هتلر يقتنيها. وقال المتحدث باسم المتحف توماس ألمروث وليامز: «لم نمتلك شيئاَ كهذا من قبل. إنه أمر نادر الحدوث». ويجري المتحف تحقيقاً لمعرفة الأصل الحقيقي للوحة، والتي تم رسمها عام 1525 تقريباً، مع الرغبة الشديدة في التأكد مما إذا كانت اللوحة سلبت من مالكين يهود عن طريق النازيين. ويقول المتحدث باسم المتحف إنه حتى الآن، فإن خبراء المتحف لم يتمكنوا من إعطاء معلومات حول ملكية اللوحة أو مكانها في الفترة من 1909، عندما تم بيعها في مزاد ببرلين، إلى عام 1945، عندما سمح جنود أميركيون لمراسل حرب أميركي بنقلها من مخزن للأعمال الفنية كانوا يقومون بحراسته في جنوب ألمانيا. واكتشفت الباحثة بيرجيت شوارتز، التي كانت تقوم بدراسة المجموعة الفنية التي كان هتلر يقتنيها، وجود اللوحة في صورة للمجموعة الخاصة لهتلر والموجودة في ألبوم في مكتبة الكونغرس الأميركي بواشنطن. وقامت الباحثة أخيراً بتسليط الضوء عليها في صالة العرض الوطنية، والتي توصل خبراؤها إلى أن اللوحة في الصورة هي نفس اللوحة التي تمتلكها الصالة. وفي الوقت الذي يعد فيه هذا الاكتشاف أمراً مفاجئأ، يقول بائعو اللوحات الفنية إن الأمر يوضح أن الرحلات التي تقطعها اللوحات عبر القرون لا تقل أهمية عن المسحة الفنية في إعطاء هذه الأعمال شهرة واسعة. ويقول بيتر ناهوم، وهو تاجر لوحات في لندن: «عندما أقوم ببيع لوحة، دائماَ ما أقول للمشتري «إنها ليست لوحة فحسب. إنها جزء صغير من التاريخ يأخذك إلى عالم آخر. وهذه اللوحة تأخذك إلى مجموعة هتلر الخاصة». واللوحة، وهي عمل زيتي على لوحة خشبية بأبعاد 22.3 و22 إنشاً، تصور كيوبيد (رمز الحب) وهو يشكو إلى فينوس (رمز الجمال)، أن مجموعة من النحل لدغته بعد أن سرق العسل من خليتهم. وطبقاً لصالة العرض الوطنية، فإن الرسالة التي تحملها اللوحة هي: «متعة الحياة القصيرة الممتزجة بالألم». ولقد اشترت صالة العرض اللوحة عام 1963 من تجار أعمال فنية في نيويورك. وقال رجل من عائلة سيلبرمان للصالة إنهم كانوا قد اشتروا اللوحة من أشخاص ينتمون إلى سلالة المشتري، وذلك بمزاد في برلين عام 1909. وقال وليامز إن هذا يبدو غير صحيح. فالمعروف هو أن اللوحة كانت جزءاً من مجموعة لشخص يدعي إيميل غولد شميت من فرانكفورت، وبيعت في مزاد عام 1909. ويقول وليامز إن هوية المشتري ليست معلومة حتى الآن.

وفي عام 1999، ونظراً للمخاوف المتزايدة حول ما قام به النازيون من أعمال سلب للأعمال الفنية، قامت الصالة بعرض اللوحة على موقعها الإلكتروني مع 120 لوحة أخرى، والتي كانت ملكيتها وأماكنها خلال العصر النازي (1933-1945) غير واضحة. وأضاف وليامز أنه في ديسمبر(كانون الأول) 2004، تلقت الصالة بريداً إلكترونياً من جاي هارتويل، الذي قال إن والدته، باتريشا لوشريدج هارتويل، تملكت اللوحة في الفترة من 1945 إلى 1963، عندما باعتها إلى عائلة سيلبرمان. وعندما وصل إلى هاواي يوم الثلاثاء، قال هارتويل إنه يرغب في مساعدة الصالة «في إيجاد المالك الشرعي للوحة». وقال هارتويل، في حديث أدلى به عبر الهاتف، إن والدته، التي توفيت في هاواي عام 1998 عن عمر يناهز الـ82، تخرجت عام 1938 في مدرسة كولومبيا للصحافة وقضت عشرات السنين تعمل مذيعة أخبار. وعملت باتريشا في راديو «سي بي اس»، ثم كتبت عن الحرب في منطقة المحيط الهادي وأوروبا لمجلات «كولير» و«ومانز هوم كومبانيون». وعاصرت باتريشا وقت رفع العلم الأميركي فوق جزيرة أيوجيما بالمحيط الهادئ في فبراير(شباط) 1945 وتحرير معسكر اعتقال «داشو» في ألمانيا بعد شهرين من هذا التاريخ. وطبقاً لصالة العرض، فإن باتريشا تمكنت من أخذ لوحة من مخزن مليء بالأعمال الفنية والذي وقع بعد ذلك تحت سيطرة القوات الأميركية، يؤكد هارتويل أن هذه هي الرواية التي يعلمها هو وأسرته عن رحلة اللوحة. كما أضاف: «ولكني عاجز عن التحقق مما حدث على وجه التحديد، فإننا لا نعرف». وبعد ذلك أخذت باتريشا اللوحة معها إلى الولايات المتحدة، ويقول الابن إنه يتذكر اللوحة، وهي معلقة في منزلهم بنيويورك. كان جلياً أن لباتريشا اهتماما بالفن. قال ابنها إنها التحقت بعد الحرب بمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في نيويورك مديرة لقسم الإعلام، وتتطلب هذا منها أن تسافر لمناطق مختلفة في العالم لشراء لوحات لاستخدامها في كروت الكريسماس التي تصدرها المنظمة. وانتقلت لأريزونا وأصبحت مديرة لجنة الفنون الجميلة بمدينة سكوتسدال. وبعد انتقالها لهاواي عام 1971، التحقت بمجلس الفنون هناك. وقال هارتويل قدمت باتريشا هارتويل وزوجها عام 1961 طلبا لمتحف متروبوليتان للفنون في نيويورك، لبيع اللوحة. باعت اللوحة بعد هذا بعامين لعائلة سيلبرمان. وأوردت جريدة «آرت» التي تعد مرجع عالم الفن، لأول مرة علاقة باتريشا بلوحة كيوبيد في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2006. ظهرت علاقة اللوحة بهتلر عندما قدمت الباحثة شوارتز لصالة العرض في الفترة الأخيرة. وبحسب وليامز، فإن شوارتز لاحظت اللوحة في صورة فوتوغرافية من كاتالوج احتفظ به هتلر في مقتنياته. ويوجد الكاتالوج الآن في مكتبة الكونغرس. ولم يقدر المسؤولون بصالة العرض ولا المتحدث باسم مزاد كريستي قيمة لوحة كراناخ. ولكن مزاد كريستي قال إن السعر القياسي للوحة لكرانخ في مزاد كان 8.6 مليون دولار في لندن عام 1990. فجأة، أصبح كراناخ شخصا مشهورا في لندن. وبالمصادفة، افتتحت الأكاديمية الملكية للفنون لتوها معرضا ضخما عن أعماله. وعلقت ملصقات كبيرة عن المعرض تقدم تمثال عاريا لفينوس التي رسمها في محطات مترو الأنفاق في لندن.

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»