100 مليون درهم حصيلة مسابقة جمال الإبل و«مزيونة» الأغلى بـ15 مليون درهم

الهدف منها توثيق الصلة بين الماضي والحاضر

مسابقات جمال الإبل غدت تقليدا خليجيا انتشر بصورة سريعة في السنتين الماضيتين (إ.ب.أ)
TT

ربما لم يمر على الإبل، في تاريخها الممتد ملايين السنين، أن شهدت مثل الدلال الذي شهدته خلال الأيام الماضية من خلال مسابقة جمال الإبل التي أقيمت في أبوظبي.

ولأن مسابقات جمال الإبل غدت تقليدا خليجيا انتشر بصورة سريعة في السنتين الماضيتين، فكان الاهتمام الكبير الذي أبدته العاصمة الإماراتية بتنظيم أكبر مسابقة جمال للإبل شارك فيها أكثر من 10 آلاف من الإبل.

صحيح أن معظم الدلال والجوائز الثمينة تذهب لملاك الإبل، غير أن التعامل معها يتم بطريقة مختلفة وناعمة، مقارنة ببقية الإبل التي كانت سفينة الصحراء، كوصف لتحملها المشقة في العمل، فأضحت عروسا تنعم بالظل الدافئ والعيش الوفير، تتنافس على 35 مليون درهم إماراتي و100 سيارة، فأي دلال تستحقه تلك التي تأتي بمثل هذه الجوائز؟

المسابقة الضخمة تمت عبر مهرجان مزاينة الظفرة للإبل الذي أقيم تحت رعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبتنظيم من هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، واختتم مساء أمس الأول في مدينة زايد بالمنطقة الغربية لأمارة أبوظبي.

العرب عرفوا قديما الاهتمام بالصقور والخيول، غير أن الإبل ايضا دخلت على الخط أخيرا، حتى أصبحت كل دولة خليجية تعد مسابقات جمال داخلية، وفي حين ينتقد كثيرون مثل هذه المسابقات، معتبرين أن الإبل كلها تتشابه وليس هناك جميلات فيها، يرفض المهتمون بالهجن عموما هذه المقولات، مؤكدين أن للإبل أيضا جميلات يعرفها أصحاب الخبرة في هذا المجال.

وبالنظر لعدد المطايا (الإبل) المسجلة في مختلف فئات المسابقة، فإنها بلغت أكثر من 10 آلاف مطية من الإمارات والسعودية وقطر بشكل رئيسي، مع مشاركات هامة من كل من عمان والكويت والبحرين. وتمتاز المسابقة بالتنوع، فهناك العُمانية الذلول (الأصايل)، والحزمية السوداء (المجاهيم)، وكل واحدة منها لها أهميتها ومكانتها الخاصة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية للمنطقة، حيث كانت الإبل تعتبر مصدر رزق للناس، والوسيلة الأساسية لتنقلهم، وما زالت تحظى بنفس المكانة الاقتصادية والاجتماعية التي حظيت بها على مرّ السنين، وهي تعكس العادات والتقاليد والموروث الذي كان وما زال سائداً في المنطقة آنذاك.

ولم يكن غريبا أن تتحول مسابقة ملكات جمال الإبل، إلى حدث عالمي استقطب اهتمام وكالات الأنباء والصحف ومحطات التلفزيون العالمية، وتناقلت وسائل الإعلام في كل من الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وفرنسا وإسبانيا وروسيا وألمانيا وأستراليا والصين وكوريا والهند واليابان وإيران وغيرها من وسائل الإعلام الدولية، خبر المسابقة الفريدة في نوعها لجمال الإبل والحشد الكبير للجمال الذي شهدته المسابقة. وإذا كان الظاهر في هذه المسابقة الحفاظ على التراث الخليجي، فإنها أيضا تحمل معها أمل مسئولين أبوظبي في الترويج التراثي والثقافي والسياحي لإمارة أبوظبي.

ويقول محمد خلف المزروعي المدير العام لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث إن الهدف من تنظيم الهيئة للمسابقة هو «توثيق الصلة بين الماضي والحاضر، وعلى صعيد المزاوجة والتفاعل والتحاور مع مختلف الثقافات والحضارات، والحرص على صون التراث العريق لدولة الإمارات في نفس الوقت»، وأضاف أن المسابقة تهدف أيضا لإحياء التراث وترسيخه في نفوس المواطنين الخليجيين.

وحتى لا يشكك أحد في حيادية المسابقة الجمالية، فإن التعامل التحكيمي مع المتنافسين من الإبل، كان على مستوى عال من الشفافية، بحسب المنظمين، فتمت الاستعانة بمحكمين متخصصين من دول الخليج، وظلت أسماؤهم سرية لحين انطلاق المسابقة قبل أن تقوم لجان التحكيم بأداء القسم على القرآن الكريم تأكيدا لنزاهتهم في اتخاذ قرارات المسابقة. وفي ما يخص معايير التحكيم، فقد ركزت على الجزء العلوي والجزء الأمامي والجزء الخلفي من الإبل، في حين استبعد المنظمون أي شكل من أشكال التهجين، حرصا على نقاوة السلالة.

ختام المسابقة، التي مددت لعدة أيام، كان مثيرا في ترقب المشاركين في معرفة النتائج النهائية، كما كان الحضور الرسمي موازيا للحدث نفسه، بحضور الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني بالإمارات لحفل الختام، حيث قام بتوزيع الدروع على الفائزين بالمراكز الأولى وتقديم كأس المهرجان بمناسبة فوز وتألق هجن الشيخ محمد بن بطي آل حامد ,ممثل الحاكم بالمنطقة الغربية في مزاينة الظفرة لإحرازها المراكز الأولى في أشواط الشيوخ في مزاينة الظفرة 2008.

ولم تتوقف المسابقة على البحث عن أجمل مزيونة من الإبل، لكنها تعدت إلى دفع مبالغ قياسية في شراء الإبل، أو بالأحرى الجميلات منها. وقال لـ«الشرق الأوسط» غانم بن حريز المزروعي، مدير المسابقة، إن حصيلة مبيعات المهرجان بلغت أكثر من 100 مليون درهم إماراتي.

واشترى الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، مطايا من فئة «المياهيم» بقيمة 16 مليونا و500 ألف درهم، من بينها ناقة المواطن ساري بلوش المزروعي «زائر» بقيمة عشرة ملايين درهم. كما اشترى الشيخ محمد بن سلطان بن حمدان بن محمد آل نهيان مطية بـ15 مليون درهم، وناقة أخرى بـ10 ملايين درهم من فئة المياهيم.

> كان منظر السوق الشعبي المرافق لمهرجان مزايين الإبل، مناسبة لا تتكرر للسياح الأجانب الذين وجدوا في مقتنيات هذا السوق الشعبي والنساء العاملات فيه، صورا شعبية أخذت من وقتهم ساعات طوال، خاصة أن السوق تميز بالصناعات اليدوية التي برعت النساء بها، وعلى الهواء مباشرة أمام الزوار.

ويأتي هذا السوق مواصلة للمشروع الذي أطلقته هيئة أبوظبي للثقافة والتراث تحت شعار «إماراتية 100 في المائة يدوية الصنع 100 في المائة»، للمحافظة على الحرف اليدوية الإماراتية التقليدية والترويج لها بما يضمن بقاءها على المدى البعيد، فضلاً عن سد حاجة أبوظبي الراهنة من السلع ذات الصبغة الثقافية والنوعية الجيدة للمستهلكين من زوار الإمارة والمقيمين فيها. وتتاح الفرصة للزائر في السوق لمشاهدة سيدات إماراتيات وهن يؤدين فنون السدو (حياكة الصوف والقطن) والتيلي (التطريز) وحياكة سعف النخيل، والحنة، وغيرها، فضلاً عن تقديم كافة أنواع المأكولات الشعبية الإماراتية.