هيلين كرم ترسم نفسها في 11 لوحة لتشفى من محنتها

تحتج على الطريقة التي تقدم بها النساء بوسائل الإعلام

هيلين كرم أمام لوحة «النافذة» في معرضها الجديد
TT

لمرة جديدة ترسم هيلين كرم نفسها، وتعرض لوحاتها لجمهور لايزال يتساءل عن سر اهتمام هذه المرأة بصورتها. منذ اربع سنوات قدمت معرضها «عزلة الأحمر» في بيروت، وسلطت الضوء من خلال 15 لوحة كبيرة، على حميمياتها اليومية. رسمت نفسها في الحمام، مستلقية على أريكة أو تنظر من نافذة وكأنها تنتظر أحدا. ظهرت أيضاً وهي تجلس في حديقة، أو وهي تسرح شعرها، او تستريح في غرفة نومها. في معرضها الجديد الذي تقيمه حالياً في «مسرح بابل» في بيروت، بقيت هيلين أمينة للفكرة ذاتها. فالرسامة ذات الشعر الأحمر الطويل، هي بطلة اللوحات كلها. لكن استبدلت هيلين هذه المرة المخمل الأحمر الارستقراطي الذي غلّف لوحات معرضها السابق، بالتقشف الشديد. فجسدها الميّاس الذي فاخرت به وعرضته ممشوقاً منتصباً متغاوياً في المعرض السابق، صار هزيلاً مرهقاً ومتهاوياً. وتحت عنوان «التلاشي» تعرض 11 لوحة تظهر فيها تلك المرأة التي رأيناها قبل أربع سنوات، وهي تجتاز تجربة أليمة. هذه المرة ليست وحدها، انها مع رجل. المرأة في اللوحات متهالكة والرجل أشبه بهيكل عظمي. أحياناً يبدو وكأنه يتكور في رحمها، وأحياناً أخرى يجلس بين يديها، يتكئ عليها، يمسك بذراعيها، أو ربما قعد في حرجها. ست لوحات، يتشارك فيهما هذان الكائنان المتألمان، حيث يصير الكائن للكائن سنداً ودعامة، والمرأة الحاضنة يتحول رأسها إلى أيقونة شرقية مشعة في بعض الأحيان، بينما الرجل مزرقّ الهيكل، بالكاد يقوى على التماسك في كل الحالات. والطريف ان هيلين التي كانت قد رسمت نفسها بفستان السهرة الأحمر تطل من نافذة وكأنها تنتظر حبيباً يأتي ليصطحبها إلى موعد غرامي، أعادت رسم مشهد الانتظار هذا لكن ليس من داخل الغرفة كما المرة السابقة، وإنما من خارجها. إذ يرى المتفرج تلك المرأة خلف شباك قديم في لوحتين منفصلتين شطرت كل منهما إلى شطرين، وكانها تحدق في الفراغ، وتنتظر ما لا يأتي.

في لوحات أخرى، تبرز الرسامة بقامتها الفارهة المتكررة ثلاث مرات ضمن مشهد واحد، وكأنها تحولت إلى أخيلة. كان قد سبق لهيلين ان رسمت نفسها في ثلاثية الجسد هذه، لكنها كانت فاتنة، رشيقة، متألقة، وكأنها مقبلة على حياة تفتح لها ذراعيها. أما في المعرض الحالي، فالجسد في ثلاثيته، يترنح في كل الاتجاهات، ويبدو وكأنه قد هزل وضعف وتآكل. كأن هيلين تتماهى حتى حين تكون وحيدة مع الرجل الذي تحتضن هيكله في اللوحات الأخرى. الرسامة اللبنانية قالت في المرة الماضية انها لا ترسم جسدها من اجل الإغواء او الإثارة وإنما هي تريد ان تحتج على الطريقة التي تقدم بها النساء بوسائل الإعلام مبتذلات وممجوجات، وهي أحق كامرأة بأن تقدم الأنثى بإحساس الأنثى من الذكر. أما هذه المرة، فالرسامة التي مرت بتجربة أليمة خلال السنوات القليلة الماضية، تعتبر بأن ما رسمته من حزن في الوجوه وتحولات فيزيائية في الجسد، ساعدها على الخروج من محنتها. وكلما كانت ترسم هذا الهزال والألم الذي ينهش جسدها تجد نفسها تقوى وتتماسك.