«الغذاء مقابل التعليم».. لإنهاء عزوف الطلاب عن الدراسة في السودان

زيت وسكر وبن وذرة.. وبدل لبس وأموال.. كدعم شهري لتحفيز الطلاب على الحضور

مجموعة أطفال سودانيين من دارفور التي تعاني هي الأخرى من مشاكل تعليمية (أ.ف.ب)
TT

في تجربة تعتبر الاولى من نوعها في السودان طبقت ولاية البحر الاحمر في شرق السودان نظام «الغذاء مقابل التعليم» لانهاء مشكلة العزوف عن الدراسة في المدارس النظامية في الولاية. وقال وزير مالية البحر الاحمر لـ«الشرق الاوسط» ان النظام الجديد نجح بدرجة 100 % في انهاء مشكلة عزوف الاطفال عن للالتحاق بالمدارس، ويستفيد من المشروع اكثر من 42 الف تلميذ في الولاية في مرحلتي الاساس والثانوي .

وبموجب مشروع «التعليم مقابل الغذء» يتم توزع مواد غذائية للطلاب والمعلمين وفق حصص شهرية متفاوتة حيث ينال تلميذ المراحل الابتدائية (الاساس) 5 أرطال زيت ومثلها سكر، و5 ارباع من الذرة، فضلا عن رطلين بن. وخصص المشروع لطلاب المدارس الثانوية دعما شهريا نقديا للطلاب بلغ 40 الف جنيه شهريا (20 دولارا)، بجانب بدل لبس سنوي قيمته 50 الف جنيه (25 دولارا). وجاءت التجربة بعد ان اثبتت دراسات سابقة وحديثة ان نسبة ابناء قبيلة البجا ـ وهي احدى اكبر القوميات السودانية وتقطن سلسلة جبال البحر الاحمر ـ بالمدارس تصل الى 5% فقط من مجموع الاطفال بمدارس الاساس في شرق السودان التي تشكلها ولاية البحر الاحمر (افقر ولايات السودان). وتشير الدراسة الى ان هذه النسبة تتراجع اكثر فاكثر في مراحل التعليم المتقدمة، وترجح بعض الدراسات ان اللغة تعتبر عائقا اضافيا إذ ان اعتماد اللغة العربية كوسيلة للتعليم يضع ابناء قومية البجا في وضع تنافسي ضعيف مع بقية الطلاب والتلاميذ الذين يتحدثون اللغة العربية.

وقال وزير مالية ولاية البحر الأحمر، موسى علي شاش، لـ«الشرق الاوسط» ان المشروع نجح حتى الان بنسبة 100%، وحقق الاهداف المرجوة منه وهي اعادة التعليم في البحر الاحمر الى ما كانت عليه بانهاء مشكلة تسرب الطلاب من المدارس وعزوف الاباء عن ارسال ابنائهم الى المدارس مقابل تشجيعهم على العمل في الاعمال الهامشية بغرض مساعدتهم في الصرف على التزامات الاسرة.

وكشف ان ولايته تناقش الان اعادة نظام الدراسة في «الداخليات» (سكن للتلاميذ داخل المدارس)، بتوفير الغذاء والسكن لتلاميذ القرى جوار المدارس. وذكر ان ولايته صرفت على المشروع حتى الان اكثر من مليار و700 مليون جنيه سوداني (الدولار يساوي 2000 جنيه سوداني). وكشف ان المشروع يتم تنفيذه بشفافية عبر لجان محلية دربت على كيفية توزيع الدعم المخصص شهريا.

وقال محمد حمدي، المسؤول في ادارة التغذية المدرسية بولاية البحر الاحمر، ان مشروع «التعليم مقابل الغذاء» جرى تعميمه على غالب المناطق. واضاف ان استيعاب التلاميذ بالمدارس كان في حدود 7 الاف الف تلميذ العام الماضي ليقفز الى 46 الف تلميذ في آخر قبول. فيما ذكر الدكتور حسن عبد العاطي الاكاديمي الباحث في قضايا شرق السودان في تصريحات ان تجربة «التعليم مقابل الغذاء» تمثل خطوة نحو تشجيع الاسر لتعليم ابنائها. ويستدرك بان المشروع بوضعه الحالي لا يضمن استمرار الطالب في الدراسة.

غير ان الامين العام لتنظيم مؤتمر البجا بولاية البحر الاحمر، الطاهر الامين، قال ان ظهور المؤشرات الحقيقية المستقرة لن تظهر باي حال الا بعد سنوات، ودعا الى ضرورة انشاء داخليات لمدارس الريف، واعتبر محمود عثمان، رئيس لجنة الخدمات ببرلمان ولاية البحر الاحمر، فكرة «التعليم مقابل الغذاء» فكرة ناجحة وموفقة ولم يسبق لها مثيل في البلاد، وناشد المنظمات والهيئات والخيريين بدعم هذه التجربة لأنها بحق الوسيلة المثالية للقضاء على الجهل وبالتالي على الفقر والمرض لأن الجهل في الأصل هو السبب الرئيسي لهذه المشاكل وهو التخلف بعينه، على حد تعبيره. وكان الرئيس عمر البشير قد وصف المشروع في تصريحات سابقة بانه من النجاحات غير المسبوقة التي جعلت الاباء في البحر الاحمر يدفعون بأبنائهم للمدارس، ما قلل نسبة الفاقد التربوي والتسرب الذي سيؤدي بدوره للقضاء على آفة الجهل.