الجدار الإيراني يحقق رقماً قياسياً في مزاد كريستيز للفنون في دبي

سوق الأعمال الفنية الشرق أوسطية تنطلق نحو آفاق دولية رحبة

TT

حقق مزاد كريستيز الرابع للأعمال الفنية العالمية الحديثة والمعاصرة الذي أقيمَ في دبي مساء أول من أمس مبيعات إجمالية قياسيّة بلغت أكثر من 20 مليون دولار أميركي، وذلك بعد يوم واحد من مزاد الدار نفسها الذي شد انتباه العالم اليه والذي عرضت فيه مجموعة من المجوهرات الثمينة والساعات. الفنون العربية المعاصرة كان لها نصيب الأسد خلال مزاد يوم الأربعاء وهي التي قادت مسيرة الأرقام القياسية التي تم تحقيقها. ندرة وجودة تلك الأعمال الإبداعية دفعتا المزايدين الى دفع مبالغ طائلة من اجل الحصول على تلك القطع المميزة، وذلك يؤكد ايضا متانة سوق الأعمال الفنية الشرق أوسطية وازدياد الاهتمام العالمي بها. نجمة المزاد كانت تحفة برونزية اتحفت اعين المتفرجين تعود إلى عهد ما قبل الثورة الإيرانية وتحمل اسم «الجدار» للفنان الإيراني العالمي برويز تنافولي. توقعت دار كريستيز ان تحصد تلك القطعة المميزة على مبلغ 600 ألف دولار ولكن أهميتها وروعة الفن المنحوت عليها دفعت السعر للوصول به الى 2,8 مليون دولار اميركي، مسجلة رقماً قياسياً عالمياً لكافة الأعمال الإبداعية الإيرانية المعروضة في مزادات علنية. يُشار هنا إلى أن هذه المنحوتة تعود إلى عام 1975 وتعدُّ جزءاً من المجموعة البرونزية الشهيرة للفنان الإيراني برويز تنافولي التي تحمل اسم «جدران إيران» وتمثل معاً أهمَّ وأعظمَ أعماله وإبداعاته على الإطلاق.

شهدَ المزاد تسجيل71 رقماً قياسياً عالمياً وتعليقاً على ذلك، قال جوسي بيلكانين، رئيس كريستيز الشرق الأوسط: «تؤكد دبي، مزاداً بعد آخر، مكانتها الدولية الراسخة ومنافستها لأعرق العواصم العالمية في مجال المزادات العلنية. لاشك أنَّ المزادين الماضيين كانا استثنائيين وحافلين بالنسبة إلى المقتنين والمتابعين للحركة الفنية الإبداعية الشرق أوسطية، وتؤكد الأرقام القياسية التي شهدناها وغير المسبوقة في مزادات عالمية اهتماماً عالمياً واسعاً بالأعمال الإبداعية في المنطقة». وقد كان تقسيم المشترين في المزاد الأخير دليلا على زيادة اهتمام محبين ومجمعين للفنون من خارج منطقة الشرق الأوسط حيث ان نسبة 23 في المائة من المشترين كانوا من أوروبا وأميركا. وتابع بيلكانين قائلاً: «بفضل النجاح الباهر الذي حققه معرض آرت دبي في دورتيه السابقتين ومعرض آرت ـ باريس أبوظبي والتزايد المطرد في أعداد المقتنين الدوليين المرموقين الحريصين على المشاركة المنتظمة في مزادات المنطقة، فإن سوق الأعمال الفنية الشرق أوسطية تنطلق اليوم نحو آفاق دولية رحبة».

من جهته، قال وليام لوري، مدير المزاد ومستشار الأعمال الفنية العالمية الحديثة والمعاصرة: «كان المزاد محطة مهمة في تاريخ الحركة الفنية والإبداعية في المنطقة، وبالإضافة إلى المقتنين المواظبين على المشاركة في مزاداتها الشرق أوسطية، استقطب المزاد مقتنين دوليين ممن اشتروا للمرة الأولى أعمالاً فنية شرق أوسطية وإيرانية لإضافتها إلى مقتنياتهم».

وعلى الصعيد نفسه، قال مايكل جيها، مدير عام دار كريستيز الشرق الأوسط: «كان المزاد استثنائياً بكل ما في الكلمة من معنى، وربما اللافت في المزاد أن أهمّ عشرة أعمال إبداعية معروضة قد رست على مقتنين من الأفراد، وقد أثبت المزاد أن تقديراتنا الأولية لقيمة الأعمال المعروضة كانت متواضعة إلى أبعد الحدود، إذ شهد المزاد منافسة واسعة بين أهمِّ المقتنين الإقليميين ونظرائهم الدوليين للاستحواذ على أهمِّ الأعمال المعروضة».

واستحوذت الأعمال الإبداعية الإيرانية على اهتمام المزايدين والمقتنين الإقليميين والدوليين أول من امس، حيث احتلت معظمَ المراتب العشر الأولى من حيث القيمة. وشمل المزاد سبعة أعمال استثنائية للفنان الإيراني تشارلز حسين زندرودي تضم نماذج لأعماله الإبداعية على امتداد خمسة عقود في الفترة بين ستينات القرن العشرين وعام 2006، حيث يمثل كلّ عمل منها مرحلة إبداعية في حياته، بدءاً من أعماله مع المدرسة التقليدية الجديدة ووصولاً إلى تجربته مع المدرسة الحَرْفية. وحققت إحدى لوحاته التي تعود إلى عام 1981 أعلى سعر ضمن المجموعة وثاني أعلى سعر في المزاد حيث بيعت بقيمة 1,6 مليون دولار وهو أعلى سعر يحققه أيٌّ من أعمال الفنان الإيراني تشارلز حسين زندرودي على الإطلاق. ومن بين الأعمال الإيرانية التي حققت رقماً لافتاً لوحة الفنان الإيراني محمد إحسائي المعنونة «هو الرحمن» حيث بيعت بقيمة 1,1 مليون دولار أميركي، أي بيعت بنحو عشرة أضعاف قيمتها التقديرية الأولية، وتعود هذه اللوحة إلى عام 2007 وهي من أضخم الأعمال الإبداعية للفنان الإيراني محمد إحسائي. الفنان فرهد موشيري الذي كان اول من حقق رقما قياسيا للاعمال الفنية الإيرانية عندما بيعت احد اعماله خلال شهر مارس الماضي بمبلغ مليون دولار أميركي شارك في مزاد دار كريستيز بلوحته المعنونة «أحبك إلى الأبد». العمل شهد اهتماما واسعا ولكن لم يتعد حاجز المليون وحقق مبلغ 769 ألف دولار أميركي. كما شهد المزاد مشاركة نخبة من أعمال فنانين من بلاد المشرق العربي بما في ذلك لوحة الفنان السوري فاتح المدرِّس «زفاف في جبال القلمون» التي تعدُّ أحد أهمِّ أعماله النادرة حيث بيعت بقيمة 289 الف دولار أميركي، مسجلة رقماً قياسياً لأعمال الفنان السوري فاتح المدرِّس، وتعود اللوحة المذكورة إلى عام 1977 وتشمل وريقات ذهبية ورملية وألواناً زيتية على لوحة قماشية. كما حظيت لوحة «احتفالات» للفنان اللبناني بول غيراغوسيان باهتمام المقتنين حيث بيعت بقيمة 217 الف دولار أميركي مسجلة رقماً قياسياً لأعمال الفنان التشكيلي الشهير، علماً بأنها أضخم لوحاته على الإطلاق التي يتم عرضها في مزادات علنية.

كما شمل المزاد مجموعة منتقاة من الأعمال الإبداعية التي تمثل حقباً مختلفة لنخبة من أشهر الفنانين الغربيين والعالميين، وفي مقدمتها المنحوتة الرائعة Love للرسام والنحات الأميركي الشهير روبرت إنديانا، حيث بيعت بقيمة 1,1 مليون دولار أميركي. وكان روبرت إنديانا قد أبدعَ أوَّل منحوتة ضمن سلسلة LOVE في عام 1966 في سلسلة من ست منحوتات سُرعان ما اقتنتها وعرضتها أشهر المتاحف حول العالم. كما حظيت لوحة «همسات» للفنانة الإيرانية الأكثر شهرة شيرين نشأت التي أبدعتها في عام 1997 باهتمام المقتنين الإقليميين والدوليين حيث بيعت بقيمة 265 ألف دولار أميركي مسجلة رقماً قياسياً لأعمال الفنانة الإيرانية المباعة في مزادات علنية.

وكانت دار كريستيز قد نظمت مزاد المجوهرات والساعات في دبي في 29 أبريل الماضي والذي حقق مبيعات إجمالية قياسية بلغت أكثر من 20 مليون دولار اميركي. وخلال ذلك المزاد، بيعت القلادة اللؤلؤية الفذة التي تعود ملكيتها إلى كوكب الشرق أم كلثوم بقيمة 1.4 مليون دولار أميركي أي بقيمة تعادل عشرة أضعاف قيمتها التقديرية الأولوية التي تراوحت بين 80.000 ـ 120.000 دولار أميركي. وبذلك تكون دار كريستيز قد حققت مبيعات إجمالية قياسية في المزادين المهمين اللذين نظمتهما خلال اليومين الماضيين في دبي تجاوزت 40 مليون دولار أميركي.