خدمة «شبيك لبيك» تثبت أن الغرب مقتنع بأن السياسة «ما توكل عيش»

في بريطانيا من حقك أن تسأل عن بن لادن أو حسن نصر الله

TT

أين يختبئ أسامة بن لادن؟ أين هو حسن نصر الله؟ هل سينتخب اللبنانيون رئيسا للجمهورية قريبا؟ متى سينسحب الجيش الاميركي من العراق؟

كم من مرة تتردد هذه الاسئلة وغيرها من الاسئلة المحيرة يوميا على ألسنة الناس؟ متمنين لو بامكانهم الحصول على اجابات عليها بسرعة وبسهولة، ويجدون من يخبرهم عن مكان اسامة بن لادن، وأين يقيم حسن نصر الله، ومتى ينسحب الجيش الاميركي من العراق، من دون الحديث مع مايكل هايدن، رئيس الاستخبارات الاميركية، أو ميشال حايك، أحد أشهر قارئي الغيب والمستقبل في منطقة الشرق الاوسط؟

في العاصمة البريطانية لندن، يبدو أن كل الاسئلة مباحة وأجوبتها متاحة. هنا، يمكن لأي شخص ان يحصل على اية معلومة يشاء، مهما كانت، بسهولة كبيرة. فما على المهتم الا ان يتصل او يبعث برسالة نصية الى شركة الاستعلامات التي تقول إن بامكان المتصل ان يطرح عليها أي سؤال، وستقوم بالاجابة المناسبة عليه. ففي قطارات الانفاق في العاصمة البريطانية، تنشر اعلانات تروج لخدمة استعلامات هاتفية يلجأ اليها البريطانيون عادة للحصول على رقم هاتف مطعم، أو موعد انطلاق قطار، او بدء عرض فيلم في احدى دور السينما.

الا ان الشركة تقول ان اعلاناتها الجديدة قد قامت بتوسيع نطاق عملها، وخدماتها، وتحولت من مجرد خدمة استعلامات الى خدمة معلومات، على طريقة الحكاية الاسطورية (شبيك لبيك)، حيث تحث سكان المدينة على الاتصال وطرح أي سؤال يريدون مثل: أين أنا؟ أو كم يبلغ طول برج ايفل؟ وان كانت تلك الاسئلة بسيطة، فامعانا بالثقة في النفس يصل الامر الى انه بامكانك ان تسأل متى سيحل السلام على العالم؟ ومن كان اول من حقق هدفا في العالم في كرة القدم؟ وهل للخيال مكان في خدمات تلك الشركة..؟ بالطبع. فبإمكانك ان تسأل كم حبة أناناس عليّ ان اجمع في خط مستقيم كي أصل الى القمر؟! الاعلان الذي أغرى الكثيرين اما بداعي التسلية أو بداعي المعرفة، أمطر على الشركة وابلا من الاسئلة المحرجة أحيانا، والثقيلة في أحيان أخرى. وتقول الشركة انها تتلقى يوميا مئات الالاف من الاتصالات او الرسائل النصية، الا ان «تسونامي الاسئلة» هو بالتحديد ما هدف اليه الاعلان، خصوصا انه يدخل اليها أموالا طائلة كون كلفة الرسالة النصية الواحدة تبلغ نصف جنيه استرليني، ما يعادل دولارا أميركيا واحدا، وهي كلفة تعتبر مرتفعة نسبيا.

وعلى اعتبار ان الشركة تقول ان بامكان المرء ان يسأل عما يشاء، فعند سؤال الصحيفة للشركة عن سؤال محدد وهو: أين يختبئ أسامة بن لادن؟

جاءت الاجابة بعد نحو خمس دقائق: «على الرغم من تنظيم أكبر المطاردات في التاريخ للبحث عنه، فان مكان اسامة بن لادن يبقى مجهولا في الوقت الحاضر بالنسبة الى الذين يبحثون عنه». حسنا وماذا عن: من هو حسن نصر الله؟ كانت الاجابة «حسن نصر الله ولد في شرق بيروت في محيط برج حمود في 31 أغسطس (آب) 1960. قائد المؤسسة اللبنانية حزب الله»! حسنا.. وأين مقر اقامة حسن نصر الله؟ الاجابة لا جواب.

اما في حال السؤال عمن سيفوز في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة؟ فتأتي الاجابة على انه «استنادا الى استطلاعات الرأي الاخيرة، تتقدم هيلاري كلينتون على باراك اوباما بنقطتين، الا ان هذه النتيجة قد تتغير بسرعة». طبعا الانتخابات الرئاسية تجري اساسا بين أحد هذين المرشحين الديمقراطيين وجون ماكين مرشح الحزب الجمهوري، ام أن الشركة تفترض ان الديمقراطيين هم الفائزون حتما على الجمهوريين؟

وطالما ان عام 2008 يبدو عام الهموم الرئاسية، فهل سينتخب اللبنانيون رئيسا للجمهورية قريبا؟ تجيب الشركة بأنه «ذكرت تقارير ان رئيس الاكثرية البرلمانية سعد الحريري دعا الى البرلمان الى الانعقاد في 13 مايو (أيار) لانتخاب رئيس»! على الرغم من ان رئيس مجلس النواب نبيه بري هو من يدعو مجلس النواب الى الانعقاد وليس رئيس الاكثرية البرلمانية.

اما عسكريا فجاءت اجابة الشركة اكثر منطقية، فعند السؤال عن موعد انسحاب الجيش الاميركي من العراق؟ كانت الاجابة: «عذرا فريق العمل لم يتمكن من الاجابة على هذا السؤال».

ويبدو ان الاجابة الاخيرة كانت الافضل والاكثر دقة من بين الاجابات السابقة. ومن الواضح ان الخدمة هي في الاساس ربحية، الا انها رغم ادعائها الاجابة على اي سؤال، فقد اظهرت ان هموم دول الغرب ابعد بكثير عن هموم قارئ هذه القصة. وخدماتهم تقدم في كل شيء الا السياسة، حيث يبدو ان السياسة في الغرب «ما توكل عيش»، كما يقال في العالم العربي.