المصريون يحتفلون باليوم العالمي لارتفاع ضغط الدم بدراسة تؤكد إصابة 30.6% منهم به

تعددت الأسباب والمرض واحد

30.6% من المصريين مصابون بإرتفاع ضغط الدم (« الشرق الأوسط»)
TT

بعيداً عن الأسباب المعتادة للإصابة بـ«القاتل الصامت» كما يطلق عليه الأطباء، يحتفل المصريون شأنهم شأن كافة سكان العالم صباح يوم الأحد 11 مايو (ايار) باليوم العالمي لارتفاع ضغط الدم، ولكن هذا العام يختلف حال المصريين بهذا اليوم في ظل ارتفاعات أخرى تحيط بهم، فما بين ارتفاع أسعار السلع الأساسية الذي بات يهدد ميزانية أي أسرة مصرية مهما كان وضعها المادي، وبين الزيادات الأخيرة التي أقرتها لجنة الموازنة بمجلس الشعب في أسعار البنزين والسجائر، وبين ارتفاع وتيرة التصريحات السياسية التي تؤكد أن كل شيء يسير كما ينبغي له أن يكون، فلا غلاء في الأسعار أو صعوبة في نفقات الحياة التي تلونها التصريحات باللون الوردي، يأتي تقرير الجمعية المصرية لارتفاع ضغط الدم الذي أكد ارتفاع نسبة الإصابة بهذا المرض القاتل بين المصريين ليبلغ حسب نتائج الدراسة التي أجرتها الجمعية أخيرا 30.6 % من تعداد عينة بلغت نحو 7000 فرد. وهو ما دفع بالجمعية الي تنظيم احتفال بهذا اليوم في أحد فنادق القاهرة يوم الاحد تقوم فيه بنشر التوعيه لدى الجمهور للوقاية من أمراض القلب والشرايين، والرد على استفساراتهم وعمل فحوصات طبية للجمهور مجاناً رغبة منها في تقديم خدمة مجانية للمصريين الحاضرين بعد أن أصبح كل شيء غالي الثمن.

يذكر أن منظمة الصحة العالمية كانت قد نشرت دراسة مماثلة عن أهم الأمراض التي تستوطن أجساد المصريين منذ عامين، كان من بينها مرض ارتفاع ضغط الدم الذي يحتل جسد 25% من المصريين أي ما يوازي 19 مليون مصري. كما ذكرت نفس الدراسة أن 50% من الشباب المصري يصاب بأعراض هذا المرض من بين 78 مليون نسمة هو تعداد السكان في مصر. دكتور محمد حسن إبراهيم، رئيس الجمعية المصرية لارتفاع ضغط الدم وأستاذ القلب والشرايين في جامعة القاهرة، أكد أن المصريين من بين شعوب العالم الذين ترتفع لديهم نسب الإصابة بارتفاع ضغط الدم نتيجة العديد من العوامل من بينها ارتفاع نسب المدخنين والمصابين بالكولسترول. وأضاف: «تشير بيانات الدراسة التي قمنا بإجرائها إلى انتشار الإصابة بارتفاع ضغط الدم بين المصريين خاصة عند مقارنة نتائج هذه الدراسة الميدانية بالبحوث المماثلة في بعض بلدان العالم الأخرى كما في الصين على سبيل المثال التي قدرت نسبة الإصابة بالمرض فيها نحو 13.6%، ونستطيع هنا ملاحظة الفارق الكبير بين البلدين الذي يزيد من خطورته في مصر إنخفاض معدلات الوعي بالمرض ونسبة العلاج والتحكم في الضغط عند مرضى ضغط الدم المرتفع في مصر عنه في الصين».

جاء في الدراسة أن النساء أكثر وعياً من الرجال بمرض ارتفاع ضغط الدم بنسبة 51%، مقابل 30% من الرجال، بينما جاء سكان القاهرة الكبرى كأكثر المصريين إصابة بارتفاع ضغط الدم، حيث بلغت نسبة المصابين بارتفاع ضغط الدم فيها 31% مقابل 21% نسبة الإصابة في دلتا مصر، وهو ما يعلق عليه الدكتور خليل فاضل استشاري الطب النفسي بقوله: «بالطبع يجب أن يكون سكان القاهرة أكثر المصابين بارتفاع ضغط الدم، يكفي معاناتهم مع الطرق والازدحام، وإشارات المرور وصعوبة الحياة وقلة الأجور، في مقابل رؤيتهم للنخبة السياسية والاجتماعية والفنية في القاهرة التي يعيش بها الوجه الأفضل من المصريين، ولهذا تتزايد الطموحات التي غالباً ما تصطدم بالواقع العاجز عن تحقيقها في ظل الأوضاع التي يعيشها نسبة كبيرة من المصريين، تعلن عنها بطالة بلغت نحو الخمسة ملايين، وارتفاع في نسبة من هم تحت مستوى خط الفقر بلغ حسب تقارير الأمم المتحدة نحو 40% من المصريين، إلى جانب معاناة المواطن القاهري في التعليم والصحة أكثر من غيره نظراً لاتساع القاهرة وترامي أطرافها وتراجع مستوى الخدمات العامة وليست الخاصة، وبهذا يزداد التوتر بشكل يؤثر على حالة ارتفاع الضغط». دكتور خليل فاضل انتهى أخيرا من تأليف كتاب يحمل عنوان «أوجاع المصريين» تحدث فيه عن العديد من المظاهر التي باتت تؤرق المصريين وتساهم في تغيير الشخصية المصرية ومعالمها، كالزحام، وتراجع قدرة المصريين على الحلم والتمني، وزيادة ضغوط الحياة التي ساهمت في ارتفاع نسب الاصابة بالأمراض النفسية وفي مقدمتها الاكتئاب الذي يصيب نحو 30 مليون مصري، حسبما ذكر دكتور أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسي ورئيس الجمعية المصرية للطب النفسي في مصر في تصريح له العام الماضي.

الطريف في الدراسة الخاصة بارتفاع ضغط الدم بين المصريين كان الجزء الخاص بالعلاقة بين المستويين الاجتماعي والاقتصادي، وبين نسبة الإصابة بالمرض، حيث تبين أن الأغنياء هم الأكثر إصابة بارتفاع ضغط الدم بنسبة 37.4%، مقارنة بالفقراء بنسبة 28.9%. وهو ما يفسره دكتور خليل فاضل ساخراً بقوله: «لعل الأغنياء هم الأكثر خوفاً على ثرواتهم وغدهم، بشكل يفوق الفقراء الذين لا يملكون شيئاً يخشون منه».

وهكذا لا يبقى أمام المصريين سوى الاحتفال باليوم العالمي لارتفاع الضغط، الذي قد تكون له أسباب عديدة غير معروفة لدى غيرهم، ولكنه ذو أسباب واضحة لدى الكثيرين منهم.