ألمانيا أكبر مستورد للنفايات في أوروبا

محارق النفايات في ألمانيا تستوعب ملايين الأطنان من النفايات

محرقة النفايات في هامبورغ («الشرق الأوسط»)
TT

غرقت نابولي الإيطالية قبل أشهر بالنفايات، بعد أن عجزت بلديتها عن التخلص من النفايات الشخصية، التي تراكمت في الطرق والساحات الرئيسية. وكادت فضيحة «النفايات» تودي بكامل الحكومة المحلية في المدينة الصناعية الكبيرة لولا يد العون التي مدتها شركات التخلص من النفايات الألمانية. وهكذا صارت إيطاليا تصدر نفايات نابولي منذ أشهر إلى محارق النفايات في ألمانيا، وخصوصا محارق ولاية نورد راين فيستفاليا، التي تعتبر بعيدة نسبيا عن الحدود الإيطالية.

وواقع الحال أن هناك في ألمانيا عددا من محارق النفايات تزيد قدراتها عن قدرات المواطن الألماني، الذي ينتج 450 كغم من النفايات في العام. ولهذا، ورغبة في توسيع أعمالها وزيادة أرباحها، صارت شركات التخلص من النفايات تستورد الكميات الفائضة في أوروبا، كي تتخلص منها بالطرق التي لا تضر بالبيئة. وحسب رأي دائرة البيئة الاتحادية، فإن ألمانيا تحولت إلى «مقبرة» نفايات أوروبا، ومقبرة نفايات خطرة للمواد المشعة أيضا.

وهكذا صارت ألمانيا تستورد الكميات التالية من جاراتها: 2,9 مليون طن من هولندا، و225 ألف طن من بريطانيا، و3500 طن من ايرلندا، و489 ألف طن من بلجيكا، و231 ألف طن من لوكسمبورغ، و1,2 مليون طن من فرنسا، و792 ألف طن من سويسرا، و343 ألف طن من إيطاليا، و1 مليون طن من النمسا، و93 ألف طن من سلوفاكيا، و1,1 مليون طن من تشيكيا، و1,1 مليون من بولندا، و61 ألف طن من لتوانيا، و16 ألف طن من لاتفيا، و18 ألف طن من استلاند، و138 ألف طن من فنلندا، و429 ألف طن من السويد و736 ألف طن من الدنمارك. وارتفعت مجموع واردات ألمانيا من النفايات إلى 12,2 مليون طن عام 2006، ومن المتوقع أن يرتفع أكثر. وكان هذا الرقم لا يتعدى 8,4 مليون طن عام 2005.

ولما كانت الشركات الألمانية تتخلص من النفايات الأوروبية لقاء 150 يورو للطن الواحد، فإن هذه الشركات تحقق دخلا قدره 18,3 مليار يورو سنويا من «تجارة النفايات». وهناك في ألمانيا، المؤلفة من 16 ولاية، نحو 73 محرقة للنفايات منها 15 في ولاية الراين فيستفاليا، التي يسكنها ربع سكان ألمانيا تقريبا(20 مليون). ولم تستنفذ هذه المحارق طاقتها الكاملة وتشجع استيراد النفايات من أوروبا والعالم. يساعدها في ذلك قانون للاتحاد الأوروبي الذي سيبدأ تطبيقه في يونيو 2008، ويجري التعامل مع النفايات كبضاعة لأول مرة. ويفرض القانون على المحارق ضرورة تدوير النفايات بشكل كامل، كما يجري اليوم تدوير الزجاج في ألمانيا بنسيبة 90% والورق بنسبة88%. كما تخطط شركات التخلص من النفايات لإقامة 57 مفاعلا جديدا في السنوات القادمة، لكسب الطاقة من حرق النفايات.

وكالمعتاد سترفع الشركات ضرائبها على المواطن من خلال تقديم الخدمات الرفيقة بالبيئة في مجال التخلص من النفايات. فالملاحظ أن المواطن الألماني في المدن الكبيرة المزودة بمحارق النفايات، تفرض على المواطن مبلغا أكبر. وتفرض دسلدورف مبلغ 399 يوروا سنويا على المواطن، وكولون 284 يوروا، في حين لا تفرض المدن الأخرى أكثر من 210 يوروات سنويا كمعدل.

وعلى أية حال فإن تجارة النفايات ليست «طيبة الرائحة»، حسب تعبير درك يانسن، من دائرة البيئة الاتحادية، رغم ما تجلبه من أرباح. فمحارق البيئة، رغم المرشحات، والتدوير، لا تتخلص من غاز ثاني أوكسيد الكربون ومن المواد السامة، وخصوصا الديوكسين، بشكل كامل. كما أن كل عملية حرق لها مخلفات لا بد من التخلص منها أيضا بعد معاملتها. ويمكن في حالة فقدان الرقابة على النفايات، أو في حالة تعديها لطاقة المحارق، أن تلحق ضررا ملحوظا بالبيئة.