كابوس الطعن العشوائي في شوارع لندن

مقتل 13 مراهقا خلال هذه السنة

TT

لم يمض سوى يومين على مقتل الفتى جيمي مايزن، 16 سنة، حتى وقعت جريمة طعن أخرى في قلب لندن الضاج دائما بالعابرين: اكسفورد ستريت، وفي أكثر الأوقات ازدحاما: ما بعد منتصف الظهر، وأمام أعداد كبيرة من المشاة. وقعت جريمة القتل الأخيرة في لندن يوم الاثنين الماضي، حينما أكمل ستيفن بيغبي، 22 سنة، غداءه في أحد مطاعم ماكدونالدز مع أصدقائه وخرج إلى شارع اكسفورد ستريت، وهناك حدث تلاسن بينه وبين مجموعة أخرى من الشباب، لتنتهي إلى تصادم معه، تبعه طعن أحدهم له بسكين.

لم يمسك محققو شرطة لندن القتلة، لكنهم عثروا على سكين في مكان الحادث. فحسب متحدث باسم «الميتروبوليتان» فإن القتل لم يخطط له مسبقا، وأنه جاء على أعقاب اندلاع خلاف بين بيغبي المقيم في شمال لندن مع مجموعة غرباء بعد خروجه من مطعم ماكدونالدز.

لكن هذا الحادث يعكس زيادة هائلة في ثقافة القتل طعنا بالسكاكين في شوارع لندن، فخلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام قفز رقم الضحايا إلى 13 وكلهم من المراهقين أو الشباب. لكن هذا الخروج المخيف عن القانون جاء مع زيادة هائلة في عدد الكاميرات التلفزيونية المنصوبة في لندن بشكل خاص وفي شتى مدن بريطانيا بشكل عام. لكنها جاءت مع الزيادة الكبيرة في عدد المهاجرين من دول أوروبا الشرقية، حيث تشير بعض التقديرات أن عدد الشباب القادمين منها قد تجاوز خلال السنوات الخمس الأخيرة رقم الثلاثة ملايين شخص، وفي الغالب لم تتوفر معلومات عن المغتربين الجدد لدى الشرطة البريطانية.

المحير أن أغلب هذه الجرائم وقعت من دون وجود أي دافع معقول. ففي يوم السبت الماضي تعرض محل مخبزة يقع في منطقة جنوب شرقي لندن إلى هجوم شخص لوحده. وحسب الأفلام التي التقطتها الدائرة التلفزيونية المقفلة، ظهر رجل فيها وهو يقتلع لوحة إعلانات، قبل اختراقه لذلك المحل ليمضي في تحطيمه. وفي المحل كان يجلس الفتى جيمي مايزن لوحده الذي لم يمض على إكماله للدراسة سوى يوم واحد.

وحسب صحيفة الغارديان البريطانية الصادرة أول من أمس، فإن المهاجم كان يحمل في يده قطعة زجاج حادة، فاندفع يحرض جيمي لمواجهته، لكن الأخير رفض، فما كان من الآخر أن بادر إلى حز حنجرته بكسرة الزجاج.

وبين ذراعي أخيه توفي جيمي. لكن لغزا ظل قائما: هل كان القاتل يعرف ضحيته؟

جيمي كان شخصا سهلا ومحبوبا من الجميع. وكان يحب أسرته ويحب جيتاره ويلعب الرغبي في الحديقة. أما كليف ليونز رئيس شعبة جرائم القتل في «الميتروبوليتان»: فيقول «تم جمع صور دائرة كاميرا التلفزيون المغلقة من المنطقة المحيطة بالمحل وقمنا بالتفتيش من بيت إلى آخر... أظهر جيمي نضجا كبيرا ورفض أن يرد على المشتبه به».

وكان مراهقان في سن الخامسة عشرة والسادسة عشرة قد قتلا في منطقة «هولواي» الواقعة شمال لندن، قبل هذين الحادثين بفترة قصيرة. وما يثير الاستغراب أنهما راحا ضحية لطعن السكاكين ومع غياب دوافع حقيقية وراء الجريمة.

من جانبه، وصف راي لويس نائب عمدة لندن الجديد عن شؤون الشباب، مشكلة تصاعد هذا النوع من الجرائم في العاصمة البريطانية باعتبارها «زيادة في الهجمات» وأضاف في مقابلة أجرتها معه «نيوز نايت للـ بي بي سي»: «أظن أن علينا أن نسأل أنفسنا لماذا نحن وصلنا إلى هذه النقطة. لأن ذلك لم يأت فجأة. إنه أشبه بتسرب بطيء. إنه زيادة تدريجية في الهجمات الخارجة عن القانون والسلوك المتهتك لعدد كبير من السنوات».