القضاة البريطانيون بدون شعر مستعار وعباءات سوداء لأول مرة منذ 300 عام

مصممة الزي الجديد بيتي جاكسون: راعيت تاريخه وعراقته وحاجته إلى العملية

TT

يشهد شهر أكتوبر (تشرين الاول) القادم انتهاء أحد اعرق تقاليد المحاكم البريطانية، حين يتخلى القضاة عن باروكات الشعر المستعار والعباءات السوداء، اللتين ميزتا طلتهم لفترة زادت عن 300 عاما. وسيرتدي القضاة زيا جديدا من تصميم البريطانية بيتي جاكسون، الذي يصفه البعض بأنه مستقبلي الطابع على نحو يشبه ملابس افلام «ستار تريك» الخيالية.

وكان كبير القضاة اللورد نيكولاس فيليبس قد ساند الدعوة الى تغيير ملابس القضاة، التي ترجع الى الثمانينات من القرن السابع عشر، مفضلا عليها اسلوبا يقترب من روح القرن الواحد والعشرين. ولكنه أكد في حديث لصحيفة «التايمز» ان الكثير من القضاة لا يحبذون التغيير المقترح ويرون انه خروج على تقاليد عريقة.

واوردت صحيفة «التايمز» اللندنية مواصفات العباءات الجديدة بأنها ستصنع من الصوف ذي اللون الازرق النيلي مزينة بقطع من القطيفة على الاكمام والصدر، وبالنسبة للنساء ستكون هناك ياقة بيضاء بكسرات يمكن رفعها بسهولة.

ويوم الثلاثاء الماضي، تحول اللورد نيكولاس فيليب إلى عارض ازياء ليوم واحد فقط، لكشف الستار عن الملابس الجديدة التي سيعتمدها القضاة والمحامون في قاعات المحاكم الخاصة بقضايا الأسرة والقضايا المدنية في كل من انجلترا وويلز، ابتداء من أول اكتوبر 2008. واعرب اللورد فيليب عن رغبته في ان يتبنى القضاة والمحامون الأردية الجديدة، كونها اكثر عملية وملاءمة للعصر. لكن على ما يبدو فإن تصاميمها، بكل ما فيها من اناقة وتفصيل تفتقده القديمة، لم تغر الأغلبية من قضاة المحاكم الجنائية الذين ما زالوا متمسكين بالملابس التقليدية وبالشعر المستعار، بكل ما يسببه لهم من مضايقات، مثل العرق والحكة في فصل الصيف. وأعرب أحدهم على رأي هذه الفئة بقوله، ان «هناك اعتقادا قويا بأن هناك حاجة إلى ملابس لها هيبتها في قاعات وأجواء المحاكم»، كما اشار البعض الى ان الباروكات تخفي ملامح القاضي وهو ما يعتبر مهما من الناحية الامنية. القضية قد تبدو بسيطة، لكنها تثير جدلا كبيرا في اوساط القضاة وكبار المحامين، بين مؤيد ورافض. فهي لا تمس تقليدا عمره 300 عاما بكل ما يتضمنه من إرث حضاري وثقافي فحسب، بل ايضا تمس «هيبتهم»، لأن التصاميم الجديدة، بالنسبة للبعض مستقبلية بشكل مبالغ فيه بالنسبة لمهنة اتسمت على مر القرون بالرزانة المحافظة.

المصممة المسؤولة عن هذه التصاميم هي المخضرمة بيتي جاكسون، المعروفة بأسلوبها الرائع في التفصيل، وبالذات عندما يتعلق الأمر بالمعاطف. تقول بيتي انها تبرعت بتصميم هذه الملابس، ولم تتقاض عنها أي مقابل، مضيفة ان مساهمتها في هذه الثورة، إن صحت التسمية، كانت بإيعاز من صديقة متزوجة من قاض. وتابعت بيتي جاكسون انها كانت تعرف منذ البداية أنه عليها احترام ما تمثله هذه الملابس من تقاليد ورزانة، وأنه كانت هناك عدة لقاءات مع لجنة مكونة من عدة قضاة، لنقاش أسلوب التصاميم التي يطمحون إليها، ونوع الخامات والألوان، والأهم من هذا، التفاصيل التي كان يتميز بها الرداء القديم، ويريدون التخلص منها في الجديد. وكان دور بيتي جاكسون، حسبما تقول ان «لا أركز على شيء محدد، بل ان أطور هذه الملابس وأضفي عليها بعض العصرية والحداثة، من دون ان أنسى البساطة والعملية، خصوصا في ما يتعلق بارتدائها وخلعها، وهي المهمة التي كانت تستغرق وقتا طويلا في السابق. كنت ايضا اشعر بانه ليس بإمكاني القيام بتغييرات جذرية وأمحي تاريخا عمره 300 عاما». وتوضح بيتي انها قدمت ستة خيارات قبل ان يرسو القرار على الشكل النهائي، كما يظهر في هذه الصور والذي جاء مفصلا اكثر، بحيث يبدو وكأنه معطف طويل بألوان الأزرق النيلي والأحمر والابيض.