«ذات الرداء الأحمر» توقف حركة المرور في ألمانيا

ولايات ألمانية تستبدل صورة امرأة بصورة الرجل في إشارات المرور

شعار امرأة المرور في ألمانيا تحول من مطالبة نسائية للمساواة الى سلعة تجارية («الشرق الاوسط»)
TT

اعترض حزب النساء الألماني قبل أعوام ضد التسميات النسائية التي تطلق على الزوابع والأعاصير المدمرة. وفشل الحزب حتى الآن في فرض وجهة نظره «النسوية التحررية» على المناخ، لكنه يحقق بعض النجاح على صعيد تغيير إشارات المرور الضوئية.

وكانت مدينة ديليتش (شرق) في ولاية سكسونيا أول مدينة استجابت لمطالب حزب النساء والحركة النسائية عموما وقررت التحول من «رجل الترافيك» إلى «امرأة الترافيك». وتم التحول إلى النظام الجديد في المدينة التي يسكنها 28 ألف شخص، في يوم المرأة العالمي الماضي في خطوة أراد لها عمدة المدينة جيرهارد دينيف أن تكون هدية للمرأة في عيدها. وحرص دينيف بنفسه على ارتقاء السلم في ساحة المدينة الرئيسية واستبدال أول زجاجات خضراء وحمراء وصفراء تحمل صورة المرأة.

وهكذا أصبحت المدينة الصغيرة نموذجا يحتذى به من قبل المدن الأخرى، وفي المدن الصغيرة بالطبع، لأن كلفة تغيير كل إشارات المرور تقدر بالملايين. وتلتها في ذلك المدن الشرقية أولا مثل زفيكاو ودريسدن وغيرها، علما بأن نظام «امرأة المرور» مطبق في مدن اوروبية كبيرة مثل مدريد وامستردام وكوبنهاغن.

وفي حين تثار القضية في البرلمانات المحلية في الولايات الألمانية، وفي المدن الكبيرة، بدأت أحياء المدن الكبيرة بالتحول إلى «امرأة الترافيك». وهكذا نال المقترح أصوات الأغلبية في حي ايهرنفيلد ـ كولون وبدأ العمل في نصب الألواح الزجاجية التي تحمل رسم طفلة صغيرة. وينص القانون الألماني على أحقية المدن الصغيرة والأقضية والأحياء باتخاذ القرارات الصغيرة الخاصة بالبناء والمرور.

وتناضل التركية الأصل كنعان بايرام، من مجلس بلدية برلين، من أجل حصول المقترح على الأغلبية في المجلس. وتقف الكلفة الكبيرة عقبة أمام بايرام، بل ان بعض النساء في المجلس يقفن ضد المقترح ويفضلن إثارة موضوع تشغيل النساء ومساواتهن بالاجور وفتح المزيد من دور رعاية النساء المضطهدات بدلا من تبديد المال من أجل تحقيق انتصار «وهمي» على صعيد حقوق المرأة. وتقول بايرام انها كانت تعبر الشارع أمام إشارة المرور حينما سمعت امرأة تطلب من ابنتها الانتظار حتى ظهور الرجل بالبدل الخضراء، وتأثرت كثيرا حينما سألت الطفلة «لماذا رجل أخضر وليس امرأة خضراء؟».

وتدعي كريستينا فينكلر، مفوضة شؤون النساء في دريسدن، أن إشارات المرور النسائية رفعت عدد السياح في المدينة الذين يأتون من مختلف المدن لالتقاط الصور التذكارية لأعمدة المرور. وتصفف فتاة الترافيك في دريسدن شعرها في ضفيرتين وتغير ثوبها بالأخضر والأحمر مثل السيدة في الثوب الأحمر في الفيلم الذي يحمل نفس الاسم من تمثيل الكوميدي الفرنسي بيير ريشار.

وتقول فنكلر إن سبب انتصار المرأة على رجل الترافيك في المدن الشرقية يعود إلى تقليد سبق انهيار جدار برلين. فالفكرة أساسا شرقية وكانت حكومة ايريش هونيكر ببرلين الشرقية تناقش تطبيقها في أعوامها الأخيرة. وصمم صورة امرأة الترافيك الفنان يواخيم روسبيرغ الذي حول ورشته الآن إلى شركة كبرى تأمل بالحصول على الكثير من الأرباح. ولا تعتقد فينكلر أن تشجيع السياحة هو المكسب الوحيد للنساء في قضية المرور، لأن رؤية فتاة المرور يوميا تذكر النساء وتحفزهن دائما على المطالبة بحقوقهن.وطبيعي فإن النقاش حول تأنيث أنظمة المرور يصب في خدمة تجارة الاستهلاك التي تنتهز الفرص لترويج منتجاتها. فقامت شركة «هيكهاوزن» من برلين باحتكار استخدام رسوم امرأة الترافيك وتقوم الآن ببيع الفانيلات والأقداح والأعلام التي تحمل صورة المرأة. وتقول صحيفة «فايننشيال تايمز» في ألمانيا أن الشركة حققت من مبيعات هذه الأشياء مبلغ 3.6 مليون يورو ورفعت معدل أرباحها بنسبة 20% عن عام 2007 بفضل السيدة ذات الرداء الأحمر.