استثمار «الغيرة الزوجية» التي تقلق 30% من الألمان لتحقيق الأرباح

مخبرون خاصون يثرون على حساب العوائل المحطمة

TT

أقر البرلمان الألماني أخيرا قانونا جديدا يسمح للزوج، بدون علم زوجته، التأكد من أبوته للطفل. وأثار القرار الكثير من ردود الفعل التي تتهم، من جهة، البرلمان بتعزيز أجواء عدم الثقة داخل العائلة الألمانية، أو تدافع، من جهة ثانية، عن حق الرجال في معرفة الحقيقة في ظل تفشي الخيانة الزوجية.

وسواء أراد البرلمان الألماني ذلك أم لم يرده، فإن القرار سيسهم بدون شك في ترويج نشاط مكاتب التحقيق الخاصة التي تتخصص بمراقبة أحد الزوجين، لصالح الزوج الآخر، بهدف الكشف عن مدى إخلاصه للطرف الآخر. وبعد نشاطها المحموم من خلال الرسائل البريدية، تحاول مكاتب التحقيقات حاليا توسيع نشاطها على الانترنت وبالتالي توفير غطاء من السرية للزوج الراغب بمراقبة سلوك زوجته.

وتلقت آلاف العائلات الألمانية رسائل بريدية وإلكترونية تحتوي على قوائم بأسعار المراقبة، وحسب الطلب، مع الصور أو بدونها، بحضور صاحب التكليف كشاهد أم لا، وباستخدام التحاليل المختبرية، التي تتأكد من أبوة الطفل، أو بدونها. ولم يعرف أحد مصدر البريد ولا عنوان مكتب التحقيق، لكنه ثبت أنه يستخدم أرقام حسابات مصرفية متنوعة ومؤقتة.

وواضح أن مكاتب التحقيقات الزوجية المذكورة تستثمر الغيرة وعدم الثقة في الحياة الزوجية كي تجني الأرباح. وأجرت المجلة النسائية المعروفة «ليزا» استفتاء يثبت أن 25% من الرجال و 24% من النساء لا تساورهم الشكوك بإخلاص الزوج. لكن الغيرة ترتفع وتشمل 33% حالما يتوفر سبب لذلك، مثل وجود امرأة ورجل يتقرب من العائلة. لكن مكاتب التحقيقات الخاصة تعول على نسبة أخرى من الرجال والنساء الذين يشعرون بالغيرة لأدنى سبب. إذ اعترف 11.5% من الرجال و 12.4% من النساء أنهم يشعرون بغيرة كبيرة على أزواجهم. كما قلت نسبة 2% من الرجال و 3% من النساء أنهم يحسون بالغيرة دون سبب. وأجرت صحيفة «دي فيلت» الواسعة الانتشار استفتاء مماثلا حول الغيرة يثبت أن 26% من الأزواج يغارون على أزواجهم ويشكون بما يفعلون خارج البيت. والمهم أن 65% ممن يشعرون بالغيرة يصارحون شركاء حياتهم بما يعتمل بصدورهم، في حين أن نسبة 12% تكبت هذه الغيرة. وبالطبع، فإن زبائن مكاتب التحقيقات يتركزون بالضبط في النسبة الأخيرة. وتعين المصارحة الزوجين، في غالب الأحيان، في التغلب على الغيرة ومواصلة حياتهما الزوجية دون منغصات، في حين يؤدي كبت الغيرة إلى انفجارات.

وتقول مجلة «صحة الرجل» الألمانية إن الغيرة تتعلق بعدم الثقة بالنفس أكثر مما تتعلق بالمشاعر والوضع العاطفي. وتشير الدراسة، التي شملت 4000 رجل وامرأة، إلى علاقة للعواطف دائما بمشاعر الغيرة، إلا أن عدم الثقة بالنفس، وبالآخر، هي الأساس. واعترف 40% من الرجال والنساء أن مشاعر الغيرة لديهم سببها عدم الثقة بالنفس، فيما قالت نسبة 7% فقط أن الحسد هو أساس الغيرة التي تشتعل في قلوبهم. وكشفت الدراسة أن رجال مدينة شتوتغارت هم أبطال الغيرة في ألمانيا لأن 89.3% منهم قالوا إنهم يشعرون بالغيرة. اما المعدل في المدن الألمانية الأخرى، بين برلين وميونخ، فيتراوح بين 40 ـ 60%.

وحسب إحصائية لمعهد «امنيد» المعروف لاستطلاعات الرأي فإن 77% من الشباب، بين 25 ـ 34 سنة، يقرأون الرسائل الالكترونية «إس إم إس» في هواتف شريكات أو شركاء حياتهم. وإذ ينشغل 40% من الرجال في قراءة البريد الإلكتروني لزوجاتهم، تنهمك 33% من الزوجات في البحث عن شعرات شقراء على ملابس أزواجهن.

وهناك فجوة كبيرة في إدراك أسباب مشاعر الغيرة بين الشباب والمسنين. فنصف المسنين فوق 60 سنة يرون أن عدم الثقة بالنفس هو سبب الغيرة، في حين يعتقد بذلك ثلث الشباب، 14 ـ 29 سنة، فقط.

وفي عودة إلى موضوع مكاتب التحقيقات المختصة بالخيانة الزوجية، اعترفت الشرطة بأن القضية لا تدور حول عملية احتيال، فهذه المكاتب موجودة ومسجلة رسميا لدى المحاكم الألمانيـــة، إلا أن ظروف عملها تتطلب البقاء ســـرية أمام الزبائن. وحذر جوزيف ريل، من الشـــرطة، من تعميـــم أجواء عدم الثقة داخل العائلة الواحـــدة، لكنه عبر عن عجزه عن مطاردة هذه المكاتب المسجلة رسميا. وأشار ريل إلى عجـــز القضاء أيضـــا أمام مكاتب أخرى صـــارت تتخصص بتوفير الأدلة للراغبين في خيـــانة أزواجهم. وتتعهـــد هذه المكاتب بإرسال رســـائل الزوج، من ميونــــخ كمثل حيث يفتـــرض أن يحضــر الزوج ندوة لشركته، في حين يقضي هو حياة هانئة في اسبانيا مع عشيقته.