الموضة من أجل السلام

المصممون الأفارقة يسجلون حقهم في الألوان المتوهجة والنقوشات الوحشية

TT

قش..أخشاب..أصداف..عاج..الوان..ونقوشات..وابتكار، كان هذا هو عنون الحفل الذي اقيم في العاصمة الكينية، نيروبي تحت عنوان «الموضة من أجل السلام» بمشاركة مجموعة لا يستهان بها من المصممين الأفارقة المعروفين وبتنسيق مع مهرجان افريقيا للموضة والفنون (فافا). وكما يشير العنوان، فهذا ليس عرض ازياء بالمفهوم العالمي الذي تنظمه كبريات دور الأزياء، ولا يدعي انه أسبوع موضة، كما هو الحال بالنسبة لبعض الفعاليات التي تعطي نفسها هذه الصفة بمجرد تنسيق بضعة عروض، بل هو احتفال بالثقافة الافريقية، بكل تنوعها وثرائها، من أجل قضية إنسانية. ومما لاشك فيه أن مسرح الحدث، الحديقة الوطنية المعروفة عالميا بعاصمة الحياة البرية، كان له تأثير واضح على الأزياء المعروضة، سواء من حيث الألوان او النقوشات المستوحاة من الأدغال والحيوانات، وإن كانت المصممة النيجيرية بايو أديجبي، أكثر من التمست الإلهام كائنات هذه الأدغال، كما كانت اكثر من اعتمدت على الألوان الطبيعية المتوهجة وعلى الخامات البسيطة، التي كانت تعتبر حتى عقد مضى، أقرب إلى السذاجة والبدائية، لولا معانقة كبار المصممين الغربيين لها، من أمثال جون بول غوتييه، وأنطوني ماراس، هذا في تشكيلاته الخاصة به وبدار «كنزو» على حد سواء، لتصبح موضة ساخنة في العالم كله، بدليل العقود والأساور الضخمة المصنوعة من الأخشاب، أو اقراط الأذن المستديرة التي تستحضر صور الطبول، فضلا على حبات العقيق المصنوعة من البلاستيك والملونة باليد وبألوان تشع بالعفوية. ولا حاجة إلى الإسهاب في النقوشات المأخوذة من الحيوانات المفترسة والتي اصبحت الماركة المسجلة لأمثال روبرتو كافالي، حتى اصبحت ترتبط به اكثر مما ترتبط بالفهود أو النمور، في اذهان البعض. لكن على ما يبدو فإن مصممي افريقيا، يريدون استعادة حقوقهم، باستعمالهم هذه النقوشات بطريقتهم وبلغة افريقية واضحة، ونجحوا إلى حد كبير في ذلك إذا كانت النية هي الابتكار وخلق تأثير وليس التسويق. الفعالية التي امتدت على مدى يوم كامل استهدفت لفت الانتباه إلى ما تتمتع به كينيا وجاراتها من جمال وزخم ثقافي وقدرة على الإبداع، الأمر الذي يفسر مشاركة مصممين كبار من أمثال ألفادي من النيجر والمقيم في باريس، وإيمان أييسي من الكاميرون، و«ماديلا كوتير» من نيجيريا ومو كاو وكورو وجون كافيكي وكيكو روميو من كينيا وغيرهم من الأسماء، التي بدأت تحفر اسماءها على خريطة الموضة. لكن هناك هدفا آخر يتمثل في جذب الانتباه إلى كينيا كمنطقة جذب سياحية، لاسيمـــا أنها تتميز بمنتجعات تخاطب كل الميزانيات عدا انها تتفرد بغنــاها الطبيعي الذي يصعب منافسته، ومن هنا كان اختيار الحديقة الوطنية التي تحتضن العديد من الكائنات الحية، كمسرح لهذه الفعــالية، ومن هنــا كــان التركيز على الكثير من التصاميم التي تذكر بجذور النقوشات والألوان التي تغزو الشوارع الأوروبية والاميركية، حاليا، وتدر على مصمميهــا الملايين، إن لــم نقل البلايين، حتى لا يضيع هذا الإرث وتضيع أصوله.