3 شبان توجهوا وراء رغباتهم.. لخدمة مواهب الآخرين

أسسوا صالة «الخط الثالث» لتصبح حاليا أحد أهم المؤثرين في الساحة الفنية بمنطقة الخليج

الايرانية ساني («الشرق الأوسط»)
TT

حب الفنون وتجميعها يعتبر هواية لكثير من الأشخاص حول العالم، وفي بعض الأحيان وتحت عدة ظروف قد تصل تلك الهواية لمرحلة من الهوس والحب الشديد. هي مكلفة وليست بسيطة بكل تأكيد، تتطلب من صاحبها الصبر والعين التي تلتقط المهارات الجديدة والعمل على دعمها. فان كوخ، كلود مونيه، وبيكاسو كانوا كلهم يتربعون على عرش القمة لفترة طويلة، ولكن قلة توفر اعمالهم المعروضة للبيع دفع المجمعين نحو فنانين آخرين أكثر عصرية. فبعد ان سجل التاريخ لفترة طويلة اعمال هؤلاء السادة، انطوت الصفحة وبدأت الكتابة عن فنانين اعمالهم تميزها الافكار الجديدة والواقعية المستوحاة من كل ما هو حولهم من أمور. فالاحوال الاجتماعية، التراث، السفر، العمارة وحتى الظروف السياسية كلها كانت مصادر للالهام في تلك الأعمال فوجد الهواة ما يجذبهم نحوها لفهمهم الأفكار التي تدور بداخلها واحساسهم بالارتباط بها. في دبي كان هناك ثلاثة اشخاص توحد عندهم مفهوم الفن ووجدوا في الفنون المعاصرة الشرق أوسطية ذلك المعنى. ساني رحبار، كلوديا سيليني وعمر غباش جمعتهم الصدفة وحب العمل فتوجهوا نحو افتتاح صالة لعرض أعمال فنية في احدى المناطق الصناعية في مدينة دبي. ساني هي فنانة إيرانية ولدت في الولايات المتحدة ونشأت في دبي، تخصصت في الفنون بجامعة بارسونز بنيويورك، وبعد التخرج عملت في احدى صالات العرض الفنية هناك قبل ان تتسنى لها الفرصة بالعمل في متحف الجوجنهايم. وبعد فترة من العمل لدى المتحف الذي سوف تحتضن امارة ابوظبي نسخة منه في عام 2012 قررت ساني تجربة العيش والعمل في العاصمة لندن، فعملت لدى دار سوذبي للمزادات. وخلال العيش في المدينتين الأكثر تأثيرا في عالم الفنون ارتبطت بعلاقات وثيقة مع العديد من الفنانين وجامعي التحف والأعمال الفنية وكان من الممكن لها ان تكمل مشوارها وتبدأ عملها الخاص هناك، الا انها ارادت العودة لعائلتها واصدقائها والبحث عن الفرصة بالقرب منهم. حب عمر للفن جعله يؤمن بأن مهمته هي اكتشاف طاقات العقل العربي المدفونة والعمل على خدمتها وتقديمها للغير. مقتنع بأن الفن قادر على أداء وظيفة اجتماعية هامة توحد الشعوب وتجمع اشخاص من مختلف انحاء العالم حوله. كان يعمل كرئيس تنفيذي لأحد صناديق الاستثمار في الامارات، وخلال تلك الفترة قام بزيارة احد المعارض التي اقامتها ساني بعد عودتها الى دبي، وكانت تلك هي لحظة الحب من اول نظرة. اتفق الأثنان على نفس الرؤية وكانت لديهم نفس المهمة تجاه الفن في الشرق الأوسط ولكن كان ينقصهم بعد ثالث لم يتمكنا من معرفته وتحديده. كلوديا ذات الشعر الأشقر والتي تعود الى أصل ايطالي عاشت لفترة في اقليم التبت بعد اتمام دراستها الجامعية، وفي يونيو من عام 2003، أسست كلوديا مؤسسة غير ربحية تحت اسم ( Art Outreach) ، تعني بتدريس الفن في سنغافورة. ارادت كلوديا زيارة ايران واستكشاف الفن المعماري هناك، فذهبت الى دبي للحصول على تأشيرة الدخول وزيارة المدينة لأول مرة. وخلال زيارتها دعيت لحضور حفل زفاف احد اصدقائها، فاجتمعت هي والفتيات في كامل اناقتهن تلك الليلة وكانت الصدفة هي التي جمعتها مع ساني رهبار. عفوية كلوديا وسهولتها في التعامل دفعتها لتكوين صداقة جديدة خلال تلك المناسبة، وحينها تمكنت ساني من الوصول الى الحلقة الضائعة. في منطقة من المدينة المترامية الأطراف افتتحت صالة الخط الثالث في دبي في عام 2005، وكانت تلك بداية القصة التي دفعت الى افتتاح صالات للفنون الاخرى في نفس المنطقة. افتتحت الصالة ابوابها لأول مرة لتقديم الفنان المصري يوسف نبيل ومن حينها استمرت سلسلة المعارض التي قدم فيها فنانون من حارات طهران الى ساحات مراكش. ثلاث سنوات مضت؛ اكثر من 25 فنانا تم العمل على خدمتهم ونشر اعمالهم في المنطقة، وعدد اكبرمن ذلك بكثير يمثل عملاء الصالة ومجمعين الفنون الذين يتزايدون مع كل يوم.

لا تزال مهمة البحث عن المواهب مستمرة، و لكن الأهم من ذلك كان العمل لنشر المعرفة وتقدير الفنون بداخل المجتمع الخليجي. ساني، كلوديا وعمر حملوا حقائبهم ليبدأوا رحلة جديدة، وكانت وجهتهم هذه المرة هي العاصمة القطرية الدوحة. فاخيرا اشتهرت دولة قطر بحماسها الشديد للفنون وسعيها لتطوير المشهد الثقافي والفني في المنطقة وكانت حكومة تلك الدولة حاضرة دائما لشراء أعمال فنية بارزة خلال مزادات دار سوذبي وكريستيز. وبعد جهد استمر لعدة سنوات سوف يلتفت العالم باكمله خلال نهاية هذا العام لافتتاح متحف قطر الإسلامي الذي يحتضن احد اكبر المقتنيات الإسلامية من فترات مختلفة. الثلاثة وجدوا موقعا جميلا في احد الأسواق الشعبية، الذي يشكل بدوره المركز الجديد للثقافة والفنون في العاصمة القطرية. التقت «الشرق الأوسط» بالمجموعة كلها والجميع كان في اشد الحماسة، فقالت ساني «ارى في الدوحة ما كنت اراه في دبي قبل عشرة أعوام وهو الذي دفعني لهذه الخطوة»، اضافت كلوديا «الطاقة الموجودة في الدوحة سوف يكون لها تأثير واضح على تغيير معالم الساحة الفنية في المنطقة الخليجية».

وكما كان الافتتاح في دبي قبل عدة أعوام، اختارت صالة الخط الثالث الفنان المصري يوسف نبيل لتكون أعماله خير بداية.

* يوسف نبيل

* فنان مصري حقق حلمه للعيش بجوار صالات العرض التي يحبها والمتاحف التي يعشقها في مدينة نيويورك. اعماله يستخدم فيها تقنية قديمة؛ حيث يلتقط الصور الفوتوغرافية بالأبيض والأسود قبل ان يضيف عليها ألوانا لتجعل الصور تتحدث عن نفسها. هذا الأسلوب تم استعماله قبل اللجوء إلى اكتشاف الأفلام الملونة، فكانت هي الطريقة التي ادت الى تلوين فساتين فاتن حمامة وقمصان عمر الشريف في افلامهما. كشاب مصري ولد في القاهرة تأثر كثيرا بصناعة الأفلام هناك فعلى الرغم من أن أعمال نبيل يوسف تتسم بالحداثة الا انها تكثر فيها بصمات القاهرة. اشهر اعماله هي صور لشخصيات هامة في المجتمع المصري مثل الراقصة فيفي عبده والمطرب الشعبي شعبان عبد الرحيم والأديب العالمي نجيب محفوظ والممثلة ليلى علوي. في الوقت الحالي يعمل نبيل مساعدا للتصوير لكل من ديفيد لاشابيل وماريو تستينو.