وفاة محدث الأغنية السودانية بعد صراع مع المرض تاركا خلفه 125 أغنية

عثمان حسين.. أول من جمع بين الشعر واللحن والموسيقى

TT

توفى الفنان السوداني الغنائي عثمان حسين، 84 عاما، بعد صراع مع المرض، وشيعه الآلاف من سكان العاصمة، يتقدمهم المسؤولون في الحكومة، والفنانون والشعراء في مراسم تشييعه في «مقابر فاروق» عصر أمس. وتبارى المشيعون في تمجيد دور الفنان حسين في تطوير الأغنية السودانية، وأجمع المتحدثون بانه أول من تغنى بالغناء السوداني المعروف بالغناء الحديث، الذي تصاحبه الآلات الموسيقية. وقال الناقد الموسيقي الدكتور انس العاقب لـ«الشرق الأوسط» «إن حسين هو الذي أحدث ما يشبه الانقلاب» في الأغنية السودانية، من التقليدي الشعبي إلى الحديث.

ولد الفنان عثمان حسين محمد التوم، وهذا اسمه الكامل في قرية «مقاشي» في أقصى شمال السودان، لوالدين يمتهنان الزراعة، وتلقى تعليمه الأولي «الأولية» في مدرسة مقاشي، ويقول مقربون منه انه ترك الدراسة في هذه المرحلة بسبب رفضه الى حد الكره لمادة الرياضيات، لتنتقل أسرته فيما بعد إلى الخرطوم وتستقر في حي السجانة. والتحق حسين وهو صبي بالعمل في ورشة «محمد صالح زهري باشا» للخياطة وتعلم الخياطة، وواصل عمله خياطا محترفا في الورشة يجيد خياطة «الجاكتات» وكانت بمثابة الموضة التي سلبت الباب المتعلمين والمثقفين وأهل الفن في السودان. ويقول الصحافي والباحث في تاريخ الفن السوداني طارق شريف في هذا الخصوص ان حسين بدأ يدندن في هذا الدكان بأغنيات المطرب عبد الحميد يوسف، ليلتحق بفرقته فيما بعد كعازف للعود مع الفرقة.

ثم كون حسين، الذي رحل وترك خلفه نحو 125 أغنية، مع المطرب علي بشير ثنائي للغناء، لم يصمد لفترة طويلة، ليقرر حسين ان يجرب طريقا يخصه في الفن، فلجأ إلى الشاعر محمد بشير عتيق وطلب منه أغنية فقدم الأخير اغنية «حارم وصلي مالك»، وبعدها تغنى للتجار والشاعر علي محمود التنقاري «كيف لا اعشق جمالك»، ثم قدم له الشاعر قرشي محمد حسن أغنية «الفراش الحائر»، التي اعتبرها النقاد الأغنية التي شكلت الحد الفاصل بين الغناء التقليدي المعروف بـ«الحقيبة»، وبين ما يعرف الآن بالغناء الحديث الذي تصاحبه الآلات الموسيقية. وقال القاص والنقاد عيسى الحلو ان عثمان حسين جعل بهذه الأغنية للغناء مكونات جديدة، وهي «الشعر واللحن والموسيقى الصادرة من الآلات الموسيقية الحديثة».

وقال الناقد وأستاذ الموسيقى انس العاقب لـ«الشرق الأوسط» ان حسين هو من نقل الأغنية السودانية من مرحلة «الحقيبة» إلى الغناء الحديث، واعتبر ما قام به في هذا الشأن بما يشبه الانقلاب في الأغنية السودانية، واضاف: هو الذي قطع مرحلة محاكاة للحن إلى المؤسس بشكل مدروس حمل تويبات ما كانت موجوة في الغناء السوداني، وحسب الدكتور العاقب فان حسين هو أول فنان سوداني يغني ما يعرفه السودانيون بغناء «المدينة» يخاطب الجميع وليس فئة شعبية أو اجتماعية محددة.

يعرف حسين بانه لحن كل اغنياته عدا اغنية واحدة كتبها له الشاعر محمد يوسف موسى قام بتلحينها له الملحن عبد اللطيف خضر المعروف بـ«ود الحاوي»، وبين حسين والشاعر المخضرم حسين بازرعا ثنائي يعتبره النقاد هو الاشهر في تاريخ الغناء السوداني، حيث تغنى حسين له بأكثر من 25 أغنية. ومن الشعراء الذين تغنى لهم حسين، قرشي محمد حسن، والسر دوليب، وعوض احمد خليفة، ومحمد يوسف موسى. وأطلق انس على هؤلاء بشعراء التحول الاجتماعي في السودان، وحسب رأيه فانهم ساهموا بفاعلية في نقل الأغنية من «الحقيبة» إلى الحديث.