مهرجان فاس للموسيقى.. لتلاقي الثقافات والحضارات

موعد يتلاقى فيه الشرق مع الغرب.. وحوار الفنون والثقافات

الاميرة للا سلمى قرينة العاهل المغربي، وهي تصافح السوبرانو الاميركية جيسي نورمان، قبيل بدء حفلها في مهرجان فاس (تصوير: لين ماب)
TT

في ذكرى تأسيسها الـ1200، تستضيف فاس المدينة المغربية العريقة، مهرجان الموسيقى الروحية العالمية، في طبعته الرابعة عشرة. ومع السنوات، تحول هذا المهرجان العالمي الى موعد إلزامي يستقطب من شتى أنحاء العالم أجمل الأصوات وأفضل الفرق التي تحيا معها تقاليد الموسيقى الروحية لا فرق بينها وبين الشرق والغرب، وحيث تختفي الفروق اللغوية، فاسحة المجال لحوار الثقافات والحضارات الذي يتوسل لغة الموسيقى والفن. ومن جيسي نورمان، مغنية السوبرانو الأميركية الشهيرة التي أحيت حفل افتتاح المهرجان في إطار استثنائي هو «باب الماكينة» التاريخي، الى أغاني فرقة الغوسبل الأميركية، متداخلة مع أناشيد فرقة القوالين الباكستانية، الى اناشيد مجموعة الكندي الدمشقية، وصوت ماجدة الرومي من لبنان، ومحمد عبدو من السعودية، تختلط الأصوات والحساسيات وتتداخل المدارس والمذاهب في مزيج استثنائي يشبه الى حد بعيد صورة فاس التاريخية. مدينة تلاقي الحضارات والثقافات والمدارس والتيارات الفكرية والروحية. وخلال الأيام العشرة التي تقام فيها فعاليات المهرجان التي بدأت مساء الجمعة وتستمر حتى مساء الأحد المقبل، يتدفق هواة هذا الفن الأصيل من كل بقاع الأرض. وتكفي جولة سريعة في فنادق المدينة أو الاستماع الى اللغات التي يستخدمها الحضور القادم الى المهرجان من كل اصقاع الأرض لتكوين فكرة عن الشهرة التي يتمتع بها المهرجان على الصعيد العالمي. ويبدو ان منظمي المهرجان، الذي يحظى برعاية العاهل المغربي، الملك محمد السادس، نوعوا الإضافات التي تأتي بها الفرق المدعوة. ونجحوا خلال هذه الدورة في الجمع بين أفريقيا وأوروبا الاسكندنافية، وبين الصوفيين المشارقة والمغاربة، وبين المنشدين الإندونيسيين ونساء افريقيا ونجمها اسماعيل لو. وكالعام الماضي، حظي حفل الافتتاح بحضور الأميرة للا سلمى، قرينة ملك المغرب. وإذا كانت الاحتفالات المسائية الرئيسية تجري في «باب الماكينة»، فإن منظمي المهرجان وزعوا العروض على أكثر من مكان، من قبيل متحف البطحاء، وباب بوجلود، وأماكن أخرى تفتح الباب أمام الفاسيين للاستفادة من هذا الموسم الثقافي الاستثنائي. ويندرج هذا التطور في إطار ما يسمى «المهرجان في المدينة» الذي بات يشكل ركنا أساسيا من المهرجان حيث يجمع بين الكلاسيكيات الشعبية المغربية والصوفية والروح المبدعة للجيل الجديد. تضاف الى ذلك مجموعة من النشاطات المصاحبة من الأنشطة التربوية ومعارض الصور في أماكن مختلفة من العاصمة. واختار المهرجان الموسيقي والغنائي عنوان «طرق الإبداع»، إضافة للقاءات الفكرية التي تجري في باحة متحف البطحاء وسنديانته التاريخية. وتشرف على هذه اللقاءات ناديا بن جلون، التي قالت لـ«الشرق الأوسط» إن لقاءات العام الجاري تتميز بغنى المساهمات، وتعدد المقاربات والمقارنة بين التجارب التي تدور كلها حول الروحانيات بتجلياتها المختلفة من موسيقى ورقص وأدب وخط وشعر ونحت. وتضيف بن جلون ان هذه اللقاءات «تعد امتدادا للدور الذي لعبته فاس عبر تاريخها الطويل كما أنها نافذة على تلاقح الثقافات والحضارات».