حملة فرنسية ضد مروضي الأفاعي والقردة في مراكش

المروضون لـ مشعل السديري : لا ننزع من الثعابين أسنانها وسمّها

سياح في حديث ضاحك مع مروضي القردة بساحة جامع الفنا («الشرق الأوسط»)
TT

عبـَّر مروضو الأفاعي والقردة الموجودون بساحة «جامع الفنا» بمراكش، عن استغرابهم للحملة التي يقودُها «أحدُ الفرنسيين» لجمع توقيعات لفائدة إحدى الجمعيات الفرنسية، تـدعو إلى «مقاطعة عروض مروضي الأفاعي والقردة» و«معظم الأنشطة الأخرى» بالساحة الشهيرة، والمرتبطة بما اعتـُبـر «سوء معاملة للحيوانات واستغلالها»، سواءٌ تعلق الأمر بترويضها أو عرْض جلودها في البازارات المتخصصة في بيع المصنوعات التقليدية.

وزارت «الشرق الأوسط» مجموعة من المواقع الإلكترونية التي تعرض، إضافة إلى النداء المذيل بالتوقيعات، التي وصل عددها، إلى نحو 463، لمغاربة وفرنسيين وإسبان وبلجيكيين، روبورتاجاً مصوراً من إنجاز ميشال إيمريش، وسارة كيسان، يتضمن 44 صورة تنقل لعالم ساحة «جامع الفنا»، مُـرفقة بتعليقات تساير توجه الداعين إلى مقاطعة حلقات المروضين.

وفي الوقت الذي يمكن الاطلاع على النداء بأربع لغات، هي الفرنسية والألمانية والإسبانية والإيطالية في انتظار الإنجليزية، نقرأ فيها «أيها السياح، رجاءً. أديروا ظهوركم لعروض مروضي الأفاعي.. أديروا ظهوركم لمروضي القردة.. أديروا ظهوركم للتجار الذين يعرضون الحيوانات ميتة أو حيـّة».

واستغرب المروضون، في لقاء مع «الشرق الأوسط»، مضمون هذا النداء، وكـذبوا ما يتم الترويج له من «اتهامات»، من قبيل أنهم «ينتزعون الأسنان والسـُـمّ من الثعابين، قبل عرضها على رواد الساحة للاستجداء بها».

وسخر المروضون من النداء قائلين «لماذا لا يطالبون بإغلاق الساحة ومسحها من المشهد السياحي للمدينة؟ من المؤسف أننا صرنا نعيش بين سم الثعابين التي نصطادها و«سم» بعض الأجانب ولامبالاة المسؤولين، ولذلك وحتى نتمكن من الدفاع عن حرفتنا خلقنا إطاراً نقابياً خاصاً بنا هو جمعية «فلكلور عيساوة»، يضم 86 عضواً». ويبدو أن مضمون النداء ضايق المروضين فعلاً، ليس لأنهم متخوفون من تداعيات دعوته للسياح بمقاطعة عروضهم، بل لأنهم يجدون أنفسهم يضيفون إلى همومهم المرتبطة بمخاطر المهنة وصعوبة العيش «اتهامات» لا تستحضر ثقافة البلد ولا تاريخ الساحة الشهيرة، في وقت يكون عليهم أن يدافعوا عن أنفسهم بدل أن تتكفلَ بالأمـر هيئاتٌ ومؤسسات أخرى يهمها أمر السياحة والترويج للمنتوج السياحي الوطني. وقال عباس النويتي، وهو أحد المروضين بالساحة: «هذا الصباح، مثلاً، طلب مني سائح إنجليزي أن أمنحه فرصة ترويض «كوبرا». وحين رفضتُ أجابني، مـُتسائلاً «بما أنكم تنتزعون أسنان الثعابين وسمّها فلماذا تمنعني من ترويضها؟»، وحين أجبته بأن «الكوبـْرا» ما زالت تحتفظ بأسنانها وسمّـها لم يقتنع. فما كان مني إلا أن أظهرت له أسنان «الكوبرا»، فاصفر خوفاً قبل أن يحمر خجلاً».

وتابع النويتي قائلاً «منذ 25 عاماً وأنا أعمل هنا. وأستطيع أن أعـَدد لك أسماءَ أكثر من 30 شخصا من مروضي الأفاعي قضوا بعد لدغة من ثعبان، ويوجد من ضمنهم أحد أعمامي».

وأضاف النويتي قائلاً «لقد سبق لـ«ميشال» (كل المروضين بالساحة يرددون اسمه هكذا) أن تحدث إلينا في ما يدَّعيه من أننا نـُعذب الثعابين، لدرجة أنه تحدث إلينا في صيغة تبدو أقرب إلى التهديد بدعوتنا إلى الكف عن استغلالها».

ولم يجد التويني إلا أن يقترح على «الشرق الأوسط» تصوير ثعابين لا تزال تحتفظ بسـُمها وأسنانها، لأن الصور ستكون، برأيه «دليلاً ملموساً يدحض مزاعم «ميشال» ويدفع كل ما يذهب إليه من يحاولون تعليمنا طرق التعامل الحضاري مع الحيوانات، كما لو أننا متخلفون، والواقع أننا متشبعون بتعاليم الإسلام الذي يدعو إلى احترام حق الحيوانات في الحياة الكريمة».

وأضاف التويني قائلاً «إن هذه الثعابين مثل أبنائنا، نسهر على تربيتها وتغذيتها وعلى صحتها، ليس لأنها تشكل مورد رزق لنا، ولكن لأننا فتحنا أعيننا فوجدنا آباءنا وأعمامنا يروضونها وفق طقوس وتقاليد، جعلتنا نتشبع بها حرفة وهواية. إننا نتعامل معها بلطف واهتمام، ربما، يفوق مستوى تعاملنا مع أبنائنا».

وقال محمد بنزايا «قبل أيام، زارنا «ميشال» مرفوقاً بزوجته، وفرنسي آخر يحمل كاميرا، أخذ بها صوراً من سطح المقهى القريبة من هنا. انه لا يعرف أن الساحة تجد روحها في المروضين وحلقات الحكواتيين، وما يعرض من مصنوعات تقليدية. وربما هو لا يعرف أننا «عيساوة» أباً عن جد، توارثنا مهنة ترويض الأفاعي منذ قرون طويلة، كما أنه لا يدري المخاطرة التي نركبها، ونحن نصطاد الثعابين أو ونحن نقوم بترويضها في الساحة».

وعقب الغالي التويني قائلاً «ترتبط عروضنا بعدد هائل من المهن. لا أتصور كيف يمكنهم التعامل مع بطائق البريد التي تتضمن صورنا، ونحن نروض الثعابين؟ أو مع أصحاب البازارات الذين يعرضون جلود الثعابين والذئاب وبيض طيور النعام؟ ثم هل إن ترويض الثعابين خاص بساحة «جامع الفنا» أم أنه ظاهرة عالمية توجد في كثير من بلدان العالم؟».

من جهته دافع خالد باقبـو، وهو أحد مروضي القردة، عن طريقة تعامله مع الحيوانات قائلاً «هذه الساحة عمرها من عمر المدينة، وترويض الأفاعي والقردة، انطلق منذ قرون طويلة».