مقهى «فيس بوك» فتح «صفحته» في بيروت

الأول في العالم يحمل اسم الموقع

شربل مونّس صاحب المقهى (خاص «الشرق الأوسط»)
TT

حين رأيت إحدى صديقاتي التي تقطن في دولة افريقية على صفحة الدخول «home page» الخاصة بموقع «فيس بوك» وقد انضمت الى «مقهى فيس بوك»، دفعني الفضول للاطلاع على ماهية مقهى «افتراضي» في هذا العالم «الافتراضي» بأشيائه ونشاطاته وتفاصيله وأحيانا كثيرة بعلاقاته الاجتماعية... وحتى بناسه! لكن على العكس، كانت المفاجأة ان هذا المقهى الذي يحمل اسم الموقع، حقيقي كل الحقيقة وواقعي كل الواقع! وأكثر من ذلك لا يقع في نيويورك او في باريس أو أمستردام أو لندن أو أي من المدن الكبرى المشهورة بحياتها الليلية، إنما في بيروت وتحديدا في شارع مونو! هذا الشارع الذي يضج حياة بمقاهيه التي تجعل ليله بأضوائه الخافتة مكانا للسهر بامتياز. ولكن كيف تحوّل «الافتراضي» «واقعيا»؟ وكيف أمكن استخدام اسم هذا الموقع في مقهى بيروتي؟ وكيف سيحافظ «الواقع» على مفهوم موقع يستند الى الافتراضية بكلّ شيء؟ لم أستطع تخيّل الفكرة او ايجاد تفسير لها... فكان الحلّ بالتوجه الى المكان بغية تلمّس «حقيقته». وهناك كانت المفاجأة تلو المفاجأة! الشاب شربل مونّس الذي عاش في الولايات المتحدة سبع سنوات أراد العودة الى لبنان وتأسيس مشروعه الخاص. أراد لذلك فكرة غير مألوفة. فكرة جذابة تلفت أنظار شباب جيله وتحوز اهتمامهم، لان المشاريع الصغيرة في لبنان «تحتاج الى خبطة او صيحة ما لكي تروج وإلا... فمصيرها الفشل». الفكرة لم تحتج الى الكثير من الوقت لأنها «سقطت» على مونّس كتفاحة نيوتن. لا يجد تفسيرا آخر ويكتفي بالقول «ولدت بثوان». اما استخدام اسم الموقع فيؤكد انه قانوني لأنه حرص على اتباع الاجراءات اللازمة. ما الذي يميّز هذا المكان عن سائر المقاهي؟ الواقع ان الدخول الى المقهى يدخل معه الزائر الى عالم «فيس بوك» ذي اللونين الأزرق والأبيض. يشعر الزائر بأنه انتقل بجسمه ووجوده الى عمق الشاشة الى قلب ذاك العالم الافتراضي. فإلى الالوان، الديكور، وحتى قوائم المطعم الـ«menu» تبدو كصفحة من صفحات «فيس بوك».

لا حاجة الى شاشة او فأرة (mouse) لتعبئة «application» او «التحرّش» بصديق (poke). فهنا كل هذه المفاهيم أوجد لها مونّس ترجمة «واقعية» ولا يزال في طور ايجاد المزيد من هذه «الترجمات».

لدى الدخول الى المكان الذي يتّسع بطبقتيه لنحو 70 شخصا، ممنوع الجلوس بوحدة أو انزواء لان مفهوم المقهى قائم على تطوير شبكة علاقات اجتماعية. فلدى الدخول قد يطالع الزوار بمشروب على حساب المقهى لا سيما اذا كانوا جددا. ولمزيد من الألفة على الزائر «الفيس بوكي» ان يملأ طلبا لينضم الى مجموعة اصدقاء هذا المقهى على الموقع الالكتروني. فالهدف ليس فقط تمضية وقت مسل برفقة الاصدقاء انما انشاء شبكة علاقات جديدة تماما كالموقع. طريقة ذكية للاحتفاظ بالزبائن والبقاء على تواصل معهم.

وهناك الجدار أو الـ«Wall» حيث يمكن ترك رسائل بعضها موجّه الى الاصحاب وبعضها الآخر الى غيرهم من الزوار فيسود جو من الالفة، يساعد على احياء النشاطات التي ينظّمها اصحاب المقهى. وهذه متنوعة وموزّعة على ايام الاسبوع.

ماذا عن النشاطات؟ في العادة أيام الاثنين هي ايام «log off»، ولكن حاليا، اي خلال موسم بطولة الأمم الأوروبية لكرة القدم، يستقبل المقهى «الفيس بوكيين» لحضور مباريات كرة القدم. أما ايام الثلاثاء فيقدم لهم حسما يبلغ 50 في المائة، فيما يخصص الأربعاء «للكاريوكيه» الذي يجذب محبي الغناء بكثرة. اما ايام الخميس والجمعة والسبت، أي ايام «الذروة» فتختلف الاجواء الموسيقية.. بعضها فرنسي الطابع وبعضها «lounge music» ويمكن الحجز مسبقا لضمان المقاعد. واللافت ان الاحد يخصص لحضور الافلام السينمائية الحديثة او أي فيلم آخر يريده «الفيس بوكيون» الذين يستمتعون بأكل الـ«pop corn».

ولا يكتفي هذا المقهى بتقديم المشروبات والأطباق، انما يوفّر لزبائنه خدمة اضافية ومميزة لا بل انها الفكرة الاهم التي يرتكز عليها مفهوم موقع «فيس بوك» الالكتروني. انها الصورة. هنا يتكفّل العاملون بتصوير الزبائن وخصوصا اولئك الذين ينسون احضار كاميراتهم «طبعا بعد اخذ موافقتهم»، يؤكّد مونّس. وإذا ارادوا رؤيتها... فـ«أهلا وسهلا» الى الشاشة الكبيرة التي تتوسط المكان. يصبح الزائر «نجم» المقهى وكأن صورته معروضة على الـ«profile page»، ويمكن الجميع الاطلاع عليها.

كذلك يمكن للاصدقاء تبادل الهدايا تماما كما على الصفحات الالكترونية. هنا انتقلت الهدايا كسائر الأشياء الافتراضية الى الحيز الواقعي. هناك سلّة من الهدايا الصغيرة التي تتمحور على البطولة الاوروبية.

«سنضيف لوحا الى واجهة المقهى ليترك عليه الناس رسائلهم، حتى وإن لم يدخلوا المكان». كذلك، يمكن لأعضاء هذا الموقع شراء الملابس الزرقاء أو البيضاء المطبوعة بعبارات «تحت الطلب»، انما طبعا مذيّلة بتوقيع «فيس بوك»، وايضا ترك تواقيعهم على كتاب «فيس بوك» الازرق المخصص لهم. المفاجآت كثيرة وستزداد حتما خلال الصيف المقبل.

المفاجأة بالنسبة الى مونّس كانت اهتمام الصحافة المحلية والعربية... وربما الاجنبية بمقهاه الصغير. فكيف بالأحرى بالنسبة الى اللبنانيين المولعين بهذا الموقع؟! زيارة «واقعية» للمكان لا بدّ منها لاختبار الافتراضية حين تصبح واقعية.