العراق: صالونات الحلاقة الرجالية تستعيد بعضا من عافيتها

أحدهم لـ «الشرق الأوسط» : بإمكاننا الآن سماع الأغاني واستعمال مواد التجميل

حلاق يحلق لزبون في صالون ببغداد (أ.ب)
TT

روى الشاب عبد الله، 25 عاماً، الذي يعمل حلاقا في صالون للرجال في بغداد لـ«الشرق الاوسط» كيف عاد الى مهنة الحلاقة بعد ان هجرها بسبب التهديد الذي طاله قبل نحو السنتين. وقال وهو منشغل بحلاقة احد زبائنه «لدي من الاخوة أربع، جميعنا نمتهن الحلاقة. الا اننا هددنا قبل سنتين من بعض المليشيات في المنطقة التي كنا نملك فيها محل الحلاقة الخاص بنا». ويضيف بحسرة «قمنا باغلاق المحل وبيعه وتوجهنا والعائلة الى مدينة اربيل للسكن وفتح صالون حلاقة هناك».

ويضيف عبد الله: «بعد تحسن الوضع لاسيما بعد تطبيق خطة فرض القانون قررت واخي الاصغر العودة الى بغداد لمزاولة مهنتنا من جديد». ويؤكد، «المبلغ الذي كان بحوزتي لا يكفي لفتح صالون حلاقة في المنطقة ذاتها التي كنت اسكن فيها، الامر الذي جعلني اعود للعمل حلاقاً في احد صالونات الحلاقة واصبحت عاملاً بعدما كنت صاحب محل». وعن الاختلاف الذي لاحظه بعد ان عاد اكد «اصبح الان بامكاننا سماع الاغاني خلال العمل وادخال العديد من الاجهزة الحديثة في عملنا كاستعمال الليزر لمعالجة البشرة وبعض مواد التجميل الخاصة بالرجال والتي كان محظورا علينا استخدامها تحت بند مخالفة الشريعة الاسلامية».

ويتابع «بالرغم مما حصل فانني اشعر بالاستقرار الان واغلب زبائني السابقين يأتون الى المحل الذي اعمل فيه». وأدت حملة استهداف الحلاقين في بغداد تحديدا في العامين الماضيين إلى مقتل الكثير من الحلاقين أو ابتعادهم عن هذه المهنة، وبعد عمليات التهجير القسري التي حدثت في الشارع العراقي اضطر الكثير منهم إلى مغادرة بغداد إلى محافظات أخرى أو إلى دول الجوار، حيث بدأوا بممارسة مهنتهم هناك. ويرى كثيرون أن هذه التهديدات تحمل بصمة الجماعات المتشددة وبعض المليشيات التي نشطت في تلك الفترة والتي جاءت كرد فعل على محاولات الشباب تقليد أبناء جيلهم في الغرب في الملبس وتسريحات الشعر وانسجامهم مع ما تنشره الوسائل الاعلامية والانترنت، الامر الذي حدا بتلك المجموعات الى منع حلق اللحى واستعمال (الخيط) وما يسمى «زيان الحفر» او «قصة المارينز» ، الامر الذي اجبر العديد من اصحاب محال الحلاقة على تعليق لافتات يتبرأون فيها من تلك الاعمال.

أما «أم وفي»، وهي صاحبة صالون حلاقة رجالي، فتقول ان ما شهدته هي وعائلتها من ظروف صعبة جعلتها تبيع محلها. وتقول «اعتاد ابنائي الذهاب الى المحل كل يوم. وكان العمل يسير بشكل طبيعي بالرغم من الاوضاع الامنية المتأزمة، الا انه في احد الايام وجدنا ورقة تهديد موضوعة على احدى مناضد الصالون تنذر ابنائي اما بغلق المحل او سيكون مصيرهم القتل». وتضيف «في بادئ الامر لم نعر الامر اهمية، ولكن بعد اسبوع تم خطف حفيدي البالغ من العمر 7 سنوات، الامر الذي جعلنا نعرف بان التهديد كان جاداً وليس كما توقعناه. وبعد مفاوضات تم اطلاق حفيدي مقابل مبلغ كبير من المال فضلاً عن اغلاقنا صالون الحلاقة». وقالت «قررت بيع المحل وها انا انهي اجراءات البيع، وبالرغم من الوضع الامني المستتب حالياً الا اني فضلت خروج عائلتي جميعها الى سورية والبدء من جديد بمشروع يساعد ابنائي على الاستمرار بالحياة تاركين وراءنا حادثة كادت ان تودي بعائلتي بسبب مهنة لا تتعامل مع العنف والخوف معاً».

شباب اخرون التقتهم «الشرق الاوسط» قالوا انهم امتنعوا عن الذهاب الى (الحلاق) خوفا من التهديد. ويقول علي رمضان من اهالي منطقة بغداد انه كان يحلق في بيته بسبب ان حلاقه هدد من قبل بعض المسلحين وعندما ذهب الى حلاق اخر دخلوا عليه اشخاص وقالوا له انك تخالف الاسلام في رفع الشعر عن الوجه بالخيط لكنه عاود الذهاب الى حلاقه الاصلي منذ حوالي ستة اشهر بعد تحسن الاوضاع الامنية وبدا بعلاج بشرته من البثور عند هذا الحلاق.

نامق، الطالب في كلية الادارة والاقتصاد، يقول، ان حلاقه لم يغلق محله «لكنه امتنع عن امور كثيرة منها استعمال الكريمات او رفع الشعر عن الوجه وخصوصا الوجنات وكتب لافتة كبيرة على المحل انه يمتنع عن هذا الامر لكن الاوضاع تغيرت الان وعاد كل شيء تقريبا الى حاله رغم حالة الحذر التي يشعر بها كل الزبائن المترددين على محلات الحلاقة».