«حب الهاتف الجوال» ينافس «عشق السيارة» بين الألمان

إدمان «الجوال» يدفع بهم إلى العيادات النفسية

يسمي الألماني السيارة «زوجته الأولى» لكنه صار اليوم يسمي الجوال «صديقه الرنان» («الشرق الأوسط»)
TT

لا يختلف مرض التطور الإلكتروني الحديث «ميدز» MAIDS عن الإيدزAIDS إلا بحرف الميم الزائد في مقدمته، إلا أن الأول يعني «متلازمة إدمان الجوال والانترنت» Depenency Syndrome في حين يعني الثاني مرض المناعة المكتسبة. وتقول الباحثة ديسبينا باباديمترو، من عيادة الأمراض النفسية البرلينية فيفانتس همبولد، إن حب الهاتف الجوال صار ينافس عشق السيارة الأبدي لدى الألمان. وأجرت الباحثة المختصة في علم النفس دراسة بين مستخدمي الهاتف النقال ذكر فيها 33 في المائة من الألمان أنهم لا يستطيعون الحياة بدون الهاتف النقال. وتستقبل عيادة باباديمترو، المختصة بمعالجة إدمان مرض «الميدز» آلاف المعانين من إدمان الهاتف الجوال، لكنها لاحظت أن الشباب من سن 13 إلى 18 سنة يشكلون 80 في المائة من المرضى.

يسمى الألماني السيارة «زوجته الأولى» و«غرفة نومه المفضلة» و«صديقه الوفي على أربع عجلات»، تشبيها بالوصف الذي يطلق على الكلب، لكنه صار اليوم يسمى الجوال «صديقه الرنان» و«السيارة المحمولة» و«الصديق في وقت الضيق». ويحتفظ 20 في المائة من الألمان بهاتفين نقالين مقابل سيارة واحد، لكن ذلك يجري لأسباب اقتصادية بحتة ناجمة عن الفرق بين سعري السلعتين.

وتشير الباحثة باباديمترو إلى أن أعراض مرض «الميدز» تتلخص بالإدمان على الحديث في الهاتف الجوال لمدة 6 ساعات مستمرة في اليوم في الأقل. ويرن الهاتف الجوال، بمكالمة أو رسالة إلكترونية، مرة كل دقيقتين. والمعانون من الميدز لا يرمش لهم جفن وهم يتلقون فواتير تلفون تلتهم مداخيلهم، لا يطفئون الهاتف في المناطق المحظورة مثل السينما والمسرح، أو في المناطق المفضلة مثل سرير النوم مع الزوجة. وعالجت باباديمترو شبابا لا يطفئون الهاتف الجوال مساء ولا ينامون في الليل أكثر من ساعتين. والعواقب هي الإدمان، الإرهاق، ضعف التركيز، العزلة الاجتماعية، العدوانية والاضطراب النفسي الداخلي.

وتفاقمت الحالة مع دخول استخدام الهاتف النقال مرحلة الاستخدام المفتوح المسمى الفلات ريت Flat Rate. ويمكن للفرد في ألمانيا اليوم أن يتحدث «حتى ينقطع نفسه»، كما تقول إحدى دعايات شركات الهواتف الجوالة، مقابل 24 يورو شهريا. وتخطت ألمانيا مرحلة الهاتف الجوال لكل يد ودخلت مرحلة هاتفين جوالين لكل فرد. وتتطلع شركات الموبايل إلى دخول مرحلة ثلاث هواتف نقالة لكل ألماني خلال 5سنوات. وهناك اليوم في ألمانيا 84 مليون هاتف نقال بين أيدي عدد السكان البلاغ 81 نسمة. ولو استثنينا أعداد الأطفال والمسنين والمرضى لوجدنا أن ألمانيا دخلت فعلا مرحلة «الموبايل مانيا» لكل يد. وتحدث الألمان في الهواتف النقالة 57 مليار دقيقة عام 2007 مقارنة بـ38.5 مليار دقيقة عام 2004. ويبدو ن سوق الموبايل بين الشباب من أعمار 20 إلى 29 قد أشبعت بعد أن ثبت أن 96.2 في المائة منهم يحملون أكثر من هاتف نقال. واعتبرت بابا ديمتري ارتفاع نسبة الموبايل بين الأطفال من عمر 6 إلى13 سنة إلى 44 في المائة مؤشرا خطرا، وخصوصا أن تأثيرات موجات الموبايل على الأطفال لم تدرس بدقة بعد.

وتبين الدراسة التي أجرتها باباديمترو أن 25 في المائة من الذين شملهم الاستفتاء يستبدلون هواتفهم الجوالة بأخرى حديثة باستمرار. ولعل تعدد وظائف الهاتف الجوال تزيد من تعلق المستخدمين به بعد أن تحول إلى كاميرا وجهاز ملاحة وسماع موسيقى أيضا. وتتشابه نتائج هذه الدراسة مع نتائج دراسة أخرى أجراها معرض فرانكفورت الدولي للسيارات في اكتوبر الماضي وتتحدث عن مكانة السيارة بين الألمان. شملت الدراسة 22,5 مليون ألماني وأجاب على الأسئلة منهم أكثر من مليون مستخدم قالت نسبة 24 في المائة منهم أنهم يخططون لشراء سيارات جديدة بسبب حبهم للسيارات. ويخطط 21 في المائة منهم لشراء سيارة فولكسفاجن، 15 في المائة أوبل، 13 في المائة مرسيدس، 10 في المائة أودي و 8 في المائة بي أم دبليو.