الطبيعة وحواء في دور البطولة ضمن زيتيات إيرانية

خلال معرض «بيسمت غاليري» بدبي

لوحة من المعرض (تصوير: جاك جبور)
TT

رغم كثرة معارض الفن التشكيلي التي يتم افتتاحها في مدينة دبي، الا أن هذه اللوحات تجبر الزائر بألوانها الأخاذة على الوقوف من دون حراك. أربعة وعشرون عملا تشكيليا ضمتها قاعة «بيسمت غاليري» لخمسة فنانين إيرانيين، جمعت بين رشاقة الطرح وسهولة التعامل مع الفرشاة والألوان والعمق البصري المتتابع مرحلة خلف أخرى وبنسيج متآلف بين اللون والخط.

في بداية المعرض تستقبلك لوحة بديعة للفنان فربود مرشدزاده، تظهر فيها ملامح حائرة لسيدة لا تدري هل هي حزينة أم متوجسة من الظل الأسود المصر على اقتحام خلوتها المقدسة. اللونان الأسود والأحمر لعبا دور البطولة في أعمال مرشدزاده، عندما جسد صورة الحزن عند المرأة. أما في لوحته الأخرى، فقد استخدم الفنان الألوان الربيعية الفاتحة ليجسد ملامح امرأة حيوية تتفاعل بإيجابية مع الحياة المحيطة بها وسط حزمة من المشاعر المتوهجة بالحركة في اتجاهات عدة، وكانت الزخرفة في اللوحة مبنية على أسس فنية ذات طابع جمالي متوهج بالتألق الوجداني.

وتجمع عشاق التجريد في عالم الرسم لمشاهدة اللوحات القماشية الضخمة للفنانة رايقة ميلانين، وتستطيع أن تلمس في لوحات ميلانين، جهدا كبيرا وتقنية عالية وافكارا تستحق التأمل والدراسة، ويلاحظ الحاضر أيضا هذه التشخيصية الواثقة بأن التكوين داخل اللوحة، هكذا نجحت ملانين في بث الروح، ضمن مربعاتها ومستطيلاتها ودوائرها وخطوطها المستقيمة أو المنحنية، بإعطائها لوناً معيناً وترتيبها وفق نظام معين.

ومن تجريدية ميلانين إلى روعة الطبيعة في لوحات حسين إدالاتخه، الذي يقدمها بتشخيص دقيق وإنشاء عالي الدقة، وتوظيف لألوان حرة تتدفق على اللوحة، كما تتدفق في الطبيعة، بل ان ريشته تفيض بالألوان ذات النفاذ في تقاطيع اللوحة؛ لتكسبها شيئا من التأثير وتبرزها كتلةً متماسكة تشي بالجاذبية الفنية والواقعية المرصودة من ريشة فنان يعرف طريقه الى جمال الطبيعة وتدرجاتها الكثيرة في المحيط الذي يعيش فيه، أو المحيط الذي يؤثر فيه؛ حيث يصبح تابعاً بالنتيجة الى مكوِّنه الأول. إدالاتخه مزج ملامح الطبيعة بجمالية الخط الفارسي، الذي يعد من اروع الخطوط العربية، لما يتمتع به من تنسيق وانحناء ومد ورشاقة، فضلا عن الخصوصية الابداعية في حروفه التي تمتاز بالليونة، التي تبدو وكأنها تنحدر في اتجاه واحد. فالذهنية الإيرانية المبدعة لادالاتخه أكسبت ودمجت هذه الحروف بشكل رائع مع رسوم فنية غاية في الجمال، الأمر الذي تفتقده بقية الخطوط.

ولو كانت الطبيعة صامتة في لوحات إدالاتخه فهي حية متفجرة لدى شهباري بهزادي فهذه الفنانة بريشتها تعرف الطريق جيدا إلى الجمال، عبر بوابات زيتياته كشاهد على قوة الطبيعة، وهي تستقدم مفرداتها الأثيرة: الغابات وتشابكها وغموضها وظلالها الكثيفة؛ البحر والنوارس والمراكب كثلاثية أزلية تشكل مع الإنسان مظهراً من مظاهر الحياة.

أما الفنان أيلنغ هاجشيناس، فيمكن وصفه من خلال لوحاته بـ«ابن الفصول الأربعة» والذي يدور في أحشائها ليلتقط الجوهر الكامن فيها؛ ذلك الجوهر الذي لا تراه الا العين السحرية للفنان والتي تلتقطه. ومن هذا الدوران حطت ريشة هاجشيناس على أكثر الرؤي تشخيصاً وقادتها بمهارة لونية عالية المستوى، ودقة متمرنة في التنفيذ المباشر.