الروبوت العاشق.. آخر مغامرات هوليوود السينمائية

يعيش وحيداً على الكرة الأرضية عام 2700

الروبوت «وول إي» خلال العرض الأول للفيلم في لوس أنجليس (أ.ب)
TT

يعلوه الصدأ وليس له شفتان، ودائما ما يكون موجودا وسط القمامة. هذا هو الروبوت الصغير «وول إي»، بطل أحدث فيلم تنتجه شركة «بيكسار».

خلال العام الماضي، كانت هناك توقعات بصعوبات أمام عملية تسويق فيلم «راتاتوي». ولكن، في هذه المرة يبدو أن شركة «بيكسار» قد تفوقت على نفسها مع فيلم «وول إي» (180 مليون دولار) وهو يحكي قصة حب يعيشها إنسان آلي. ومن المقرر أن يبدأ عرض الفيلم يوم 27 يونيو (حزيران) الحالي. ولا يهتم المخرج أندرو ستانتون، الذي كتب قصة الفيلم وأشرف على إخراجه، بقضية هل سيُقبل الأطفال على مشاهدة هذا الفيلم أم لا، حيث يقول ستانتون: «لم أفكر يوماً في الجمهور، إذا أعطاني شخص تقريرا عن تسويق الفيلم، سأرمي به بعيدا».

كان ستانتون، 42 عاما، يقيم بفندق في تورونتو خلال الشهر الجاري. وبدا الرجل بشعره ولحيته التي لا يعتني بها وحماسه المتقد تجسيدا للتمرد على العمل المؤسسي الذي يعد جزءا من نهج شركة «بيكسار». وعندما أعلن جون لسيتر، وهو رئيس تنفيذي بـ«بيكسار»، عن استحواذ شركة «والت ديزني» على «بيكسار» عام 2006، أعلن هذا وهو يرتدي قميصا من هاواي وبنطال جينز. يقول ستانتون عن «بيكسار»: «إنها مدرسة لتعليم صناعة الأفلام، ولكنها بلا مدرسين. يريد الجميع ركوب المخاطر بلا تردد». تلك هي السمة التي تميز «بيكسار»، تلك الشركة التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات. ويعد التوازن الذي تحافظ عليه شركة «بيكسار» شيئا أصعب من النجاح كشركة تابعة لـ«ديزني».

وربما لطمأنة الجمهور على أنه لم يتغير شيء تحت المالك الجديد، فقد ظهر اسم «بيكسار» في أول إعلان لفيلم «وول إي». والقصة التي يحكيها ستانتون، تصف مأدبة غداء عام 1994، عندما كانت «بيكسار» تضع اللمسات الأخيرة لفيلم «حكاية لعبة». وخلال الغذاء، تم عمل مخططات لشخصيات أثمرت في النهاية أفلام «حياة نملة» و«شركة المرعبين» و«نيمو». وكان في أحد المخططات إنسان آلي وحيد. يقول ستانتون: «قلنا كيف سيكون الحال إذا رحل البشر (عن الكرة الأرضية) وبقي هناك إنسان آلي صغير يؤدي نفس المهام.. كانت هذه أتعس شخصية سمعت عنها». يذكر أن ستانتون التحق بـ«بيكسار» عام 1990 وهو يعد ثاني صانع رسوم متحركة بالشركة والموظف التاسع بها. وأجّل ستانتون فيلم «وول إي» بعد أن انشغل بفيلم آخر عن قصة السمكة الأب التي تبحث عن ابن لها، والتي أصبحت في النهاية فيلم «نيمو» (2003). وحقق هذا الفيلم مكاسب كبيرة بلغت 340 مليون دولار محليا و865 مليون دولار على مستوى العالم. وبعد أن حصل ستانتون على جائزة أوسكار، عاد إلى فيلمه «وول إي». ويحكي «وول إي» عن الكرة الأرضية عام 2700، فهي تظهر كمكان خالٍ من البشر وتعلو فيه أكوام القمامة. استفاد ستانتون من أفلام تعود للجيل الذهبي للخيال العلمي (الفترة من عام 1968 حتى 1981). يقوم الإنسان «وول إي» بتحويل القمامة إلى مكعبات صغيرة متقنة، ويفاجأ بظهور إنسان آلي آخر على شكل بيضة اسمها «حواء». أتت حواء من السماء بحثا على أي مظهر للحياة على سطح الأرض. ويسقط «وول إي» في هوى «حواء» بعد أن كان قد عرف عن الحب من فيلم «هالو دولي». وفي الفيلم، تنقل مؤسسة كبيرة اسمها «باي لارج» الجمهور الذي يعيش على الكرة الأرضية إلى سفن فضاء فخمة، حيث يتحرك الآدميون داخل السفن، وهم جالسون على آرائك آلية ويتناولون مشروبات وينعمون بمشاهدة التلفزيون ويقوم على خدمتهم خدم من الآليين. يبدو فيلم «وول إي» كما لو كان «كارتونا غير مناسب»، ومع هذا ينفي ستانتون وجود أي قصة رمزية. يقول ستانتون: «كنت أكتب هذا من فترة طويلة جدا، كيف كان يتسنى لي أن أعرف ما يحدث الآن؟ في الوقت الذي كنت أنهي فيه الفيلم، بدأ الحديث عن البيئة يقلقني، ليس لدي أي اتجاهات سياسية. وآخر شيء قد أقوم به هو أن أعظ الناس. كل ما قمت به هو أني استخدمت الأشياء التي شعرت أنها منطقية لمستقبل ممكن حدوثه، وهذا يدعم القضية التي يتناولها الفيلم، حيث كانت هذه القضية تمهيدا للتأكيد على أن حب الكائنات التي لا تعقل قد يغير من نمط الحياة وأن البشر أكثر آلية».

ولا يرى ديفيد برايس، وهو مؤلف قصة الشركة التي يطلق عليها «لمسة بيكسار»، أن النبرة الحزينة في «وول إي» تمثل تغيرا جذريا. ويضيف: «تصل أفلام بيكسار للجمهور كله لأنهم يعرفون كيف يصوغون شخصيات تجذب الأطفال وتعرض من خلالها مشاكل الكبار».

وكل من «نيمو» و«وول إي» عبارة عن مخلوقات صغيرة تتعرض للضياع ومن ثم تواجهها الأخطار. ولكن على عكس فيلم «نيمو» الذي يحتوي على شخصيات تتحدث كثيرا، يتسم فيلم «وول إي» بالصمت. وتعليقا على «وول إي» الذي يظهر كإنسان آلي ولكن ليست به ملامح رأس، يقول ستانتون: «أريد منك أن تتخيل رأسا له. أريد أن أستحث الجمهور على المشاركة. تحتاج فعلا إلى النظر إليه كآلة. أنا أحاول عمل شبيه لـ«آر تو دي تو». ولهذا السبب، وضع ستانتون اسم الرجل الذي أبدع الروبوت «آر تو دي تو» في فيلم حرب النجوم، وهو منتج الأصوات المخضرم بن بورت. كتب ستانتون نصا تقليديا وترجم بورت الحوار إلى إنسان آلي. ويقول بورت: «إذا أخذنا الأصوات من العالم الحقيقي، فسيكون لدينا ارتباط لا شعوري معهم يعطي مصداقية أكثر من أي مفهوم خيالي آخر». والنتيجة هي فيلم نجد فيه الأصوات لها نفس دلالة المشاهد التي تعرض. ويقول برايس: «لم يكن هناك نمو في الإقبال على حجز التذاكر لمشاهدة أفلام شركة بيكسار منذ عرض «نيمو». وبالتأكيد لم يكن فيلما «السيارات» و«راتاتوي» قويين مثل الأفلام السابقة. وإذا استمر الأمر على هذا المنوال مع فيلم «وول إي»، فستكون هناك تساؤلات كثيرة حول الصفقة على الرغم من أن هناك بالطبع أرباحا تجنى عن طريق التجارة»، حيث سيحدث ذلك عن طريق بيع روبوتات «وول إي» وغيرها. ولكن، يرتبط النجاح في الأساس بالفيلم نفسه الذي يحكي عن إنسان آلي صامت. ولكن ينظر ستانتون إلى نجاح الفيلم من منظور آخر، حيث يقول: «لست جاهلا بالوضع الحالي، ولكن أشعر أن ذلك يلزمني بعدم تجاوز الوضع الراهن. أنا لا أريد أن أرسم نفس اللوحات مرة أخرى. لماذا لا نغير؟».

* خدمة «نيويورك تايمز»