أبوظبي: المحظوظ من يركب التاكسي.. لا من يركب الطائرة

80% من سكان العاصمة الإماراتية يعتمدون على سيارات الأجرة

الحصول على تاكسي في أوقات الذروة، أصبح مشكلة تؤرق المقيمين في أبوظبي («الشرق الأوسط»)
TT

يخرج حسني عبد الحميد من منزله في أبوظبي الساعة السابعة صباحا. عمله لا يبعد أكثر من 4 كيلومترات عن مقر سكنه، إلا أنه في حاجة لأكثر من ساعة كاملة للوصول إلى عمله، هذا إذا كان محظوظا ذلك اليوم، أما السبب فهو ندرة سيارات الأجرة في شوارع أبوظبي.

حسني يعتقد أن مصيبته، كما يسميها، في بحثه كل صباح عن سيارة أجرة، تهوّن عن مصيبته عند الخروج من عمله ظهرا. يقول «الجو في أبوظبي لا يطاق، ودرجة الحرارة تقترب من الخمسين صيفا، وأقل من ذلك بقليل طوال ايام السنة، والبحث عن سيارة تاكسي أثناء خروج الموظفين من عملهم أشبه بالبحث عن إبرة في كومة قش».

ما يعانيه حسني عبد الحميد، ومئات الألوف غيره من الباحثين عن سيارة أجرة في ابوظبي، مشكلة تؤرق الكثيرين من أصحاب الدخل المحدود، وغير المحدود أيضا، فلا هم قادرون على اقتناء سيارة خاصة بهم، ولا وسائل المواصلات العامة توفر لهم وسيلة النقل المناسبة من دون عناء.

ويرمي مسؤولين في أبوظبي باللائمة في هذه الأزمة المستمرة خلال الأعوام القليلة الماضية، على الزيادة الكبرى في سكان أبوظبي، مشيرين إلى أن 80 في المائة من سكان العاصمة الإماراتية يعتمدون على سيارات الأجرة، في الوقت الذي لا توجد وسائل بديلة للنقل العام.

المقيمون من الجنسيات العربية والأجنبية في أبوظبي، وهم الغالبية العظمى من مستخدمي سيارات الأجرة، باعتبار أن المواطنين لا يستخدمون التاكسي إلا نادرا، يتندرون على بعضهم البعض، ويصفون من يجد سيارة أجرة بلا انتظار لساعة أو أكثر بالمحظوظ، مضيفين في أن ركوب الطائرة أسهل بكثير من إيقاف تاكسي من دون معاناة.

ويؤكد تقرير حكومي صادر من دائرة التخطيط والاقتصاد التابع لحكومة ابوظبي، ندرة سيارات الأجرة في العاصمة الإماراتية، حيث يقول التقرير إن مستخدمي سيارات الأجرة يعانون بمختلف فئاتهم في مدينة أبوظبي من طول فترة الانتظار في الشارع، للحصول على سيارة أجرة خاصة في ساعات الذروة، وأوقات الذهاب إلى العمل أو بعد انتهاء الدوام.

ويعمل في أبوظبي حاليا نوعان من سيارات الأجرة، هما سيارات الأجرة القديمة التي ترجع ملكيتها لأفراد مواطنين، وسيارات الأجرة الحديثة التابعة لشركات الأجرة التي دخلت القطاع بموجب القانون رقم 19 لسنة 2006 الذي يقضي بإنشاء مركز يسمى مركز تنظيم النقل بسيارات الأجرة.

مصدر مسؤول في مركز النقل بسيارات الأجرة، التابع للحكومة المحلية، رد على استفسارات «الشرق الأوسط»، بالقول إن ندرة سيارات الأجرة يعود إلى الطفرة العمرانية وزيادة عدد السكان خلال فترة قصيرة، وبنسبة فاقت التوقعات «مما أدى إلى زيادة الطلب على سيارات الأجرة بالذات في ظل غياب وسائل النقل الأخرى. حيث إن العمل جار في دائرة النقل لتوفير حافلات للنقل الجماعي نهاية شهر يونيو (حزيران) 2008». ويقول المصدر إن المركز لا يزال في المرحلة الانتقالية لاستبدال سيارات الأجرة القديمة بأخرى جديدة، «حالياً يتم طرح نحو 240 سيارة أجرة جديدة بشكل شهري، حيث بلغ عدد سيارات الأجرة الجديدة ما يقارب 1800 سيارة، وبالتالي فإن إجمالي سيارات الأجرة الجديدة والقديمة العاملة في إمارة أبوظبي يصل إلى 9 آلاف سيارة، وجميعها تعمل على نقل ما يقارب مليون راكب يومياً، أي 30 مليون راكب شهرياً، وكإحصائية فإن 8 افراد من كل 10 أفراد، يستخدمون سيارات الأجرة في إمارة أبوظبي، وبالمقارنة مع المعمول بها عالمياً، فإن النسبة تصل إلى فرد واحد من بين 10 أفراد».

ويقول تقرير حكومي، إن البحث عن سيارات الأجرة في العديد من مناطق العاصمة «يتحول إلى معاناة يومية حقيقية خاصة أثناء ساعات الذروة، حيث يرفض بعض السائقين التوجه إلى المناطق ذات الازدحام، وقد أصبح من المألوف مشاهدة طوابير من الناس في انتظار سيارات أجرة».

ويمكن القول إن سائقي الأجرة في أبوظبي هم الأكثر طلبا في جميع أنحاء الإمارة، مقارنة بأي وظيفة أخرى. ويقول إقبال حسين، وهو سائق أجرة من الجنسية الباكستانية «صحيح الطلب علينا كبير، وزبائننا متوفرون في كل شارع ومعظم الأوقات، لكننا في الوقت نفسه، نشتكي من رخص تكلفة التنقل، مقارنة بارتفاع تكاليف المعيشة في أبوظبي.. الزبائن يشتكون من عدم توجهنا لوجهات معينة، ولنا حق في لك، فليس مجديا التوجه لمناطق مزدحمة في ظل هذه التعرفة الرخيصة».

ويشير السائق إقبال إلى أن السائقين في أبوظبي يفضلون العمل على الطرق الخارجية، ويقول «أسعار الوقود تتضاعف والتعرفة لا تتغير، لذا فإن استخدام الطرق الخارجية والبعيدة عن الازدحام، تقلل من استهلاك الوقود».

وتبلغ تعرفة فتح العداد في سيارات الأجرة القديمة درهمين (حوالي نصف دولار أميركي) في أي وقت كان صباحا أو مساء، بينما تصل هذه التعرفة في سيارات الأجرة الجديدة العادية 2.6 درهم، والخاصة 3 دراهم في النهار، مقابل 3.12 درهم للعادي و3.6 للخاص في الليل.

فإذا كنت من زوار أبوظبي، فانتبه قبل البحث عن تاكسي في ضواحي العاصمة، فسيضيع وقتك وتتصبب عرقا، أما إذا وجدت مبتغاك، حينها تأكد أنك محظوظ، لأنك تركب تاكسي.. في أبوظبي.