شباب وشابات البصرة.. بين مقاهي الإنترنت وانتظار الشريك

أحدهم: التعارف والدردشة متنفسنا الوحيد.. وخريجة: حكم علينا بالمكوث في المنزل

عراقيتان تسيران قرب محل لبيع الملابس النسائية في مدينة البصرة (أ.ف.ب)
TT

في الوقت الذي أكد فيه شبان بمحافظة البصرة شغفهم بقضاء أوقات ممتعة في ممارسة ألعاب العنف بالحاسوب في مقاهي الانترنت التي انتشرت بشكل واسع في المدينة، أعرب تربويون وأولياء الأمور عن خشيتهم من مخاطر استخدام الشباب للحاسوب والانترنت لفترات طويلة، مما أظهر عليهم  ميولا في السلوك العدواني وحب الانعزال وعدم السعي إلى الخلق والابتكار، فيما ترى خريجات جامعيات ان حظوظ الشباب أوفر من عزلتهن داخل البيوت بلا وظيفة ولا زواج. وفيما أبدى أصحاب المقاهي رأيا آخر باعتبار الانترنت هو احد المظاهر الحضارية التي ظهرت بعد غياب نظام الرقابة ومصادرة الحريات مشيرين الى انه ثورة من ثورات الاتصالات التي حول العالم الى حاضنة صغيرة لما يحتوي على مواقع معرفية وترفيهية وعلمية، وموسوعات، وآراء وغرف للتواصل والنقاش مع الآخرين من أقصى المناطق في العالم، وأجمع الشبان والتربويون وأولياء الأمور وأصحاب المقاهي في أحاديث لـ«الشرق الأوسط» على أن العنف بات جزءا من مفردات الحياة اليومية للعائلة العراقية التي نشأ أطفالها في الثمانينيات وعيونهم تراقب برنامج «صور من المعركة» في التلفزيون الحكومي آنذاك والذي كان ينقل مشاهد جثث القتلى في الحرب العراقية الايرانية. وقال التربوي عبد الحسن كاظم، مدير مدرسة، ان «الأولاد في الدراسة المتوسطة والإعدادية لا يتعاملون في مجال الحاسوب والإنترنت إلا مع الألعاب والبريد الإلكتروني، فضلا عن سرعة تنقلهم في الشبكة العنكبوتية من مجال إلى آخر، مما يفقدهم فرصة تحصيل المعلومة جيدا وتحويلها إلى معرفة وثقافة». وأكد صاحب حسين، مدرس، ان «التدريس لمناهج الحاسوب المقررة حاليا يعتمد على التلقين ولا يساعد على تنمية التعليم الذاتي التي يقوم بها الطلبة في الخارج، لذا يتوجب توجيه المناهج الدراسية لتعليم البرمجة الإلكترونية والتطبيقات الجادة للحاسوب وفق منهجية علمية وتحت ضوابط وآليات رشيدة، وعدم ترك الطلبه فريسة لشركات الألعاب التي تنمي سلبيات اجتماعية وأمراض نفسية خطيرة». ويرى أصحاب المقاهي في منطقة الجزائر الأكثر رقيا بالمحافظة والتي يقصدها الشباب من بقية الأحياء، ان المقاهي باتت الوسيلة الوحيدة للشباب بعد غياب كل وسائل التنزة وقضاء الوقت، وقد ازدهرت خلال العامين الماضيين إلا إن دورها في طريقه للانحسار لعدة أسباب يقف في مقدمها الوضع الأمني الذي يمنع الزبائن من التردد ليلا وانقطاع التيار الكهربائي، وارتفاع أسعار الوقود لتشغيل المولدات الخاصة، إضافة الى ارتفاع أسعار الاشتراك الشهري لدى الشركات العالمية التي تقدم هذه الخدمة، والذي يصل الى 1000 دولار، لتأمين الخدمة في 12 حاسبة في أفضل الأحوال.

وأوضح علي المنصوري، المشرف على مقهى النجوم، ان «أكثر زبائن المقهى هم من الشباب، منهم من يسعى الى التصفح ونوادي التعارف وممارسة الألعاب التي غالبا ما تكون حربية من الخيال العلمي»، مشيرا الى تشدد إدارات المقاهي في منع الزبائن من الولوج الى المواقع الإباحية التي تسيء الى الحياء والذوق العام.

وبهاء أحمد، 15 عاما، قال «بصراحة أنا اذهب إلى مقهى الانترنت لغرضين احدهما التعارف مع الفتيات من كل دول العالم والثاني لقضاء وقت الفراغ في ألعاب مسلحة أغلبها حربية من الخيال العلمي لمطاردة الأشرار وأفراد العصابات» ثم يبتسم ويقول «مرة أكون مع الشرطة ومرة أخرى قائد عصابة».

ويرى سؤدد عبد الخالق، 13 عاما، انه «يخصص بعض الساعات عبر خدمة غرف التشات (الدردشة) للدخول في حوارات مطولة مع بعض الأصدقاء والأقرباء في مختلف مناطق العالم. كما اعتاد على ألعاب قتال الشوارع وتصادم السيارات»، مشيرا الى انه يمارس ألعابه المفضلة هذه يومياً «وهي المتنفس الوحيد في ظل الظروف التي نعيشها». الى ذلك، أكدت خريجات من جامعة البصرة أن أمام الشباب فرصا اكبر من تلك المتاحة للخريجات، فان بإمكان الشباب الهجرة إلى الخارج او العمل لحسابهم او لدى القطاع الخاص وقضاء أوقات فراغهم في مقاهي الانترنت وغيرها. أما هن فقد حكم عليهن بالمكوث داخل المنزل في انتظار أما الزواج أو الحصول على وظيفة، وبات من الصعوبة الحصول على إحداهما لأسباب اقتصادية ومجتمعية معروفة. وترى سها خالد، تربوية، ان «الظروف السياسية والاقتصادية التي مرت على البلد طيلة عقد من السنوات، أوجدت اضطرابات في البنية الاجتماعية حتى بات شبح العنوسة يهدد الكثير من الشابات بعد عزوف الشباب العاطلين عن العمل عن الزواج إضافة الى عدم توفر العمل للفتيات الخريجات اللواتي زاد اعداد المتخرجات منهن بشكل كبير مما يجعلهن عرضة لأمراض نفسية واجتماعية كثيرة»..