ولو بإعلان متأخر للبرنامج، وحفلات تبدأ في الأسبوع الأخير من يوليو (تموز)، ستحضر مهرجانات بعلبك هذا العام، متحدية كل المعوقات، ومعتمدة بشكل كبير على فنانين لهم أصول لبنانية، وجدوا شهرتهم في بلاد الله الواسعة، وها هم يعودون إلى النبع. ويبدو أن لجنة المهرجانات التي انحازت دائماً للفرق الأجنبية، مكتفية بحفلين لبنانيين، وهو ما كانت تسميه الليالي اللبنانية وجدت صعوبة في إقناع فنانين عالميين بقبول دعوتها في اللحظة الأخيرة، وبعد ان تبين بأن الصيف لن يكون حارقاً هذا العام في لبنان، فلجأت لمن لهم صلات عاطفية بالوطن المهدد، عائدة بهم بقوة صلات الرحم إلى بيروت أو قلعلة بعلبك. أحد اشهر هؤلاء هو الشاب الصاعد «ميكا»، نابغة البوب الجديد، الذي ولد في لبنان لأم لبنانية، واضطرت عائلته للنزوح خلال الحرب الأهلية، وهو مقيم حالياً في لندن، وتحقق مبيعات أسطواناته أرقاماً قياسية في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية. سيغني «ميكا» الذي تجلب كل حفلة له ما لا يقل عن 15000 شخص، وسط بيروت في حفل مشترك لمهرجاني بيت الدين وبعلبك معاً، وذلك تحية لبيروت. وقد تعاونت لجنتا المهرجانين لاستقدام «ميكا» لتتمكنا من تخفيض أسعار البطاقات، ومع ذلك بقيت قيمتها مرتفعة جداً، إذ ان أرخص بطاقة يستطيع الحصول عليها من يريد الجلوس على مقعد تتجاوز قيمتها 75 دولاراً، فيما أرخص بطاقة للحضور وقوفاً تبدأ بـ33 دولاراً وتصل إلى 133 دولاراَ، وهي مبالغ ليست في متناول الشباب الصغار بالضرورة، الذين تعتمد على حماستهم هكذا حفلات.
وفي يوم 2 أغسطس تغني في قلعة بعلبك الديفا المكسيكية استريد حداد، وهي مغنية وممثلة، ولها أعمال استعراضية، وتلقب بالمتحف المتجول، بسبب غرائبية لباسها وتنوعه، وتشتهر باستغنائها عن اي ديكور على المسرح لأنها تتحول هي نفسها إلى فرجة لا تفوت. وهي تمزج وتعيد غناء الأغنيات الشعبية المكسيكية مختلطة بموسيقى الرانشيرا والبوليرو والروك، ويقال انك في حضورها تخال نفسك أمام كرنفال. وهذه الديفا المكسيكية مولودة لوالدين لبنانيين، أم من جونيه وأب من حاصبيا. أما وردة الجزائرية فتغني يوم 21 أغسطس (اب) على مدرجات «معبد باخوس» بعد نجاح كبير حصدته سنة 2005 في بعلبك، وتحتفي المهرجانات بوردة المولودة من أم لبنانية والتي شهدت بيروت انطلاقتها الأولى. ويختتم حفلات هذه السنة عازف البيانو الشهير عبد الرحمن الباشا، صاحب الشهرة العالمية الواسعة في الموسيقى الكلاسيكية، والتقنيات المميزة، والحاصل على جوائز عالمية عدة.
وهكذا تكون مهرجانات بعلبك لهذا العام قد ضمنت اربعاً من أصل ست حفلات، بفضل صلات القربى وحنين المغتربين للديار. وفي البرنامج أيضاً حفل يوم 9 أغسطس تحييه السوبرانو هاسميك بابيان، التي تعتبر إحدى أشهر المغنيات في العالم في مجال الغناء الدرامي، يرافقها على البيانو آفو كيومجيان الحائز جائزة مسابقة بيتهوفن في فيينا. وقد تكون واحدة من الحفلات الأكثر شعبية لهذه السنة هي تلك التي تحييها فنانة الجاز البرازيلي تانيا ماريا يوم 16 أغسطس، والتي تصل بعلبك بعد ست وثلاثين سنة من الغناء، حتى صارت اسماً لا يقاوم على الساحة الموسيقية البرازيلية. فهي معروفة بجمال صوتها، وبلمساتها السحرية على البيانو وبألحانها التي تمزج الجاز بالسامبا والكورو. وتصل تانيا ماريا مع مرافقيها الأربعة من العازفين بعد حفلات في هافانا وباريس وسان باولو ولندن وميلان وعواصم أخرى.
وقد أعلنت لجنة مهرجانات بعلبك عن برنامجها كاملاً يوم أمس، في مؤتمر صحافي عقدته في فندق فينيسا في بيروت، بحضور جمع غفير من الصحافيين والمهتمين، مع التعريف بالفنانين الذين ستتم استضافتهم بعرض شريط عن أعمالهم.