العم «توني» سر انتصارات نادال

اكتشف موهبة ابن شقيقه في المهد.. ودربه إلى أن أصبح «ملك ويمبلدون»

العم توني خلال متابعة المباراة (أ.ب)
TT

دخل الاسباني رافائيل نادال لائحة عظماء لاعبي كرة المضرب بعد الفوز التاريخي ببطولة ويمبلدون الانجليزية للتنس، إثر تغلبه على منافسه السويسري روجيه فيدرر في مباراة ماراثونية استمرت قرابة خمس ساعات. ووصفها البريطانيون بأنها الافضل في تاريخ هذه البطولة العريقة، وفاقت في روعتها نهائي عام 1980 الشهير بين الاميركي جون ماكنرو والسويدي بيورن بورغ. ويعود الفضل لانتصار نادال، 22 عاما، الى عمه انطونيو او «توني» كما يطلق عليه، فهو الذي تنبأ بموهبة هذا الشاب مفتول العضلات منذ ان كان في الثالثة من عمره، وهو ايضا الذي حول ميوله من كرة القدم الى التنس، وتعهد بتدريبه منذ طفولته الى هذا الوقت. والعم توني او الجندي المجهول في انجازات نادال، ليس غريبا على عالم التنس فهو نجم سابق للعبة وخاض بطولات عالمية كثراً، لكن ربما اسمه لم يسطع كلاعب مثلما هو كمدرب لابن شقيقه. وتفوق نادال لم يأتِ من فراغ، فهو من عائلة رياضية معروفة، فعمه الآخر هو ميغيل انخل نادال نجم فريق برشلونة ومنتخب اسبانيا لكرة القدم في فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، ولعب دورا كبيرا في هوس نادال الصغير بكرة القدم في فترة صباه. وكان نادال الصغير عاشقاً لفريق ريال مدريد على عكس عمه ميغيل. ومن هنا جاء تأثير انطونيو عليه ليحوِّل اهتمامه بالكرة الى التنس، فقد اخذ على عاتقه مهمة تدريبه. وعندما وصل إلى الثانية عشرة من عمره، اكتسح كل مسابقات الناشئين في اسبانيا. واضطر نادال لمغادرة مدينة مايوركا التي ولد ونشأ فيها، وهو في الرابعة عشرة من عمره لأجل الالتحاق بأكاديمية التنس في برشلونة، وكان عمه انطونيو يتابعه عن كثب مقدما له النصائح. ويقول انطونيو: «كنت مؤمنا ان نادال سيصبح يوما من النجوم الكبار في اللعبة. لقد اظهر موهبة مبكرة في ضرب الكرات عندما كان صغيرا». وتحقق ما كان يتوقعه انطونيو، فمع نهاية العام الاول من مشاركة نادال في البطولات الدولية، وكان عمره 16 عاما، قفز اسمه الى المركز الخمسين في التصنيف العالمي. وكان انطونيو قد اشار في حديث لموقع «تنس الالكتروني» بأن نادال يملك ميزة عن غيره من اللاعبين، فهو يجيد اللعب بكلتا يديه وبنفس المهارة، لذلك وضعنا برنامجا لتدريبه على استغلال اليد اليسرى في الارسال واليمني للضربات الخلفية». ولا ينسى انطونيو اليوم الذي واجه فيه نادال وعمره 14 عاما النجم الاسترالي الشهير بات كاش خلال بطولة استعراضية، ونجح الفتى الصغير في الفوز، ويقول انطونيو: «انها النقطة التي عرفنا منها انه يسير في النهج الصحيح». واذا كان العم انطونيو لم ينجح في تحقيق احلامه بالفوز بلقب كبير بدورات «الغراند سلام»، فان الحلم تحقق على يد تلميذه وابن شقيقه نادال الذي انتزع لقب بطولة «رولان غاروس» الفرنسية عام 2005 ولم يكن اكمل عامه التاسع عشر» بعد. ونجح نادال بعد ذلك في حصد 28 لقبا منها 5 القاب كبرى، واطلق عليه «ملك الملاعب (الترابية)» لانه حقق كل بطولاته قبل ان يحصد لقب بطولة ويمبلدون الاخيرة على ملاعب رملية وصلبة». لكن العم انطونيو كان مؤمنا ان ابن شقيقه الذي خسر نهائيين في ويمبلدون أمام فيدرر بالذات، سيأتي اليوم الذي يتوج فيه نادال باللقب الانجليزي». وعندما سقط نادال على الارض بعدما شاهد فيدرر يسدد كرة الحسم الاخيرة في مباراة اول من امس في الشباك، نهض سريعاً ليتسلق أسوار الملعب وقد اغرورقت عيناه بدموع الفرحة ليعانق افراد اسرته وعمه الذي لم يشك لحظه في قدرته على التتويج». وقال نادال: «من المستحيل ان اصف ما شعرت به في هذه اللحظة، الفوز ببطولتي المفضلة هو حلم». ويعتبر انتصار نادال في المباراة الماراثونية التي استمرت 5 مجموعات، وانتهت 6-4 و6-4 و6-7 (5-7) و6-7 (8-10) و9-7، تاريخياً لانها المرة الاولى التي يستطيع فيها الفوز على فيدرر في ويمبلدون وإحراز لقب البطولة الانجليزية لاول مرة.

كما بات نادال اولَ لاعبٍ يحقق الثنائية (رولان غاروس وويمبلدون) على التوالي منذ عام 1980 عندما حقق هذا الانجاز بورغ. كما اصبح نادال اول اسباني يحظى بشرف احراز لقب البطولة منذ عام 1966 حين ناله مانويل سانتانا. وبعد احتفال إسبانيا بفوز منتخبها بلقب كأس اوروبا 2008 لكرة القدم، عادت البلاد مرة اخرى لتحتفل بانتصار نادال او«روكي» نسبة الى فيلم سيلفستر ستالوني، كما يطلق عليه الاعلام الاسباني، وفي اشارة الى ان هذا الانتصار يضاف الى انجاز منتخب كرة القدم ليترجم «العصر الذهبي للرياضة الاسبانية». وضرب نادال اكثر من عصفور بحجر واحدٍ، فهو ثأر لخسارته نهائي البطولة في العامين الاخيرين امام فيدرر بالذات، وجرده من اللقب وحرمه من احراز اللقب السادس على التوالي والانفراد بالرقم القياسي الذي يتقاسمه مع بورغ. كما حرم نادال منافسه وغريمه التقليدي فيدرر من استعادة نغمة الالقاب الكبرى الغائبة عن خزائنه هذا العام بعد فشله في بطولتي استراليا وفرنسا بخروجه من الدور نصف النهائي في الاولى على يد ديوكوفيتش، وخسارته النهائي في الثانية امام نادال. كما الحق نادال الخسارة الاولى بفيدرر على الملاعب العشبية منذ عام 2002 وتحديداً عندما خرج من الدور الاول بخسارته امام الكرواتي ماريو انسيتش، واوقف انتصاراته المتتالية عليها عند 65 فوزاً متتالياً. وكان هذا اللقاء هو السادس على التوالي بين نادال وفيدرر في نهائي البطولات الكبرى (3 في رولان غاروس الفرنسية و3 في ويمبلدون)، والثامن عشر بينهما في مختلف الادوار لمختلف البطولات والدورات التي بدأت عام 2004 في دورة ميامي، احدى الدورات التسع الكبرى، وانتهت بفوز الاسباني على الارض الصلبة، وكان آخرها مطلع الشهر الماضي في نهائي رولان غاروس (موناكو). لقد استحق نادال اللقب كما استحق عمه انطونيو الاشادة؛ فهو الذي ساهم في صناعة هذا البطل ولم يتوقف يوماً عن دعمه ليصبح «رافا ملك ويمبلدون الجديد».