«أبو نؤاس» يحطم الحواجز الكونكريتية ويخرج «شهرزاد» من بين أنقاضه

عوائل تستعيد نزهاتها على نهر دجلة.. وامرأة تقول: إعادة افتتاح الشارع حلم بالنسبة لنا

TT

يفاجأ المارة في شارع ابو نؤاس بتلك البوابة الحديدية الكبيرة، التي علقت عليها لوحات نحاسية تشير الى متنزه جميل يقع على ضفاف نهر دجلة أطلق عليه تسمية (شهريار وشهرزاد)، وأول ما يشد الانتباه في هذا المتنزه، عدد العوائل العراقية التي تقصده ناشدة الراحة والاستجمام في ساعات الغروب التي قلما نشاهد فيها اناسا يخرجون للتنزه سيما خلال السنوات الخمس الماضية التي تأرجحت بين ساعات فرض حضر التجوال من جهة والاوضاع الامنية المتوترة من جهة اخرى.

«الشرق الأوسط» زارت متنزه (شهريار وشهرزاد)، الذي اقيم على مساحات خضراء وانتشرت فيها ملاعب للاطفال في مساحة اراد لها العاملون في امانة بغداد ومجلس بلدية الكرادة ان تكون ملاذا للعائلة العراقية من قيض صيف بغداد اللاهب.

فقد قامت أمانة بغداد بحملة واسعة لتطوير هذا الشارع وإعمار الأضرار التي لحقت به من خلال قيام أجهزتها بزرع حدائقه وتأهيل البنايات الموجودة على جانبه والتي تعرضت للضرر أيضاً.

ويقول حكيم عبد الزهرة، مدير دائرة علاقات الاعلام في امانة بغداد، «بدأنا في عملية تطوير شارع ابو نؤاس منذ سنوات سبقت افتتاحه ولقد بذلنا جهوداً كبييرة من اجل اعمار هذا المتنزه»، وأكد لـ«الشرق الأوسط» «تم استغلال الظرف الامني الصعب الذي مرت به العاصمة في السنتين الماضيتين على اعتبار ان المنطقة يمكن العمل بها وإجراء التحسينات والسيطرة عليها لأنها غير خاضعة لحركة الناس وسيرهم، فعملنا بشكل دؤوب على الانتهاء من الأعمال في الشارع».

وعن المعوقات التي صادفت افتتاح الشارع لفت ان «ابرز معوق كان الجانب الاميركي، الذي كان دائماً يؤجل افتتاح الشارع. ولكن كان هناك اصرار وضغط من امانة بغداد سيما بعد اكمال اعمار الشارع تم افتتاح شارع ابو نؤاس»، موضحاً «ان نقاط التفتيش الموجودة هناك بدأت تتفهم طبيعة الناس الداخلة والخارجة وأضحت موضع اطمئنان متبادل».

ويعد شارع «أبو نؤاس» من أهم المعالم التراثية في العاصمة بغداد يقع على الضفة الشرقية جهة الرصافة من نهر دجلة ويسير معها، ويمتد بين جسر الجمهورية في منطقة الباب الشرقي والجسر المعلق في منطقة الكرادة الشرقية. وسمي هذا الشارع على اسم الشاعر أبو نؤاس الذي توفي في بغداد سنة 198هـ، والذي يتربع نصبه في منتصف الشارع، وقد ازدهر هذا الشارع الذي يضم عددا كبيرا من المرافق السياحية والترفيهية في منتصف القرن الماضي والعقود التي تلته وأصبح المكان المفضل لدى العراقيين بصورة عامة سواء من البغداديين او ابناء المحافظات الأخرى.

وفي السنوات التي اعقبت غزو العراق أمتلأ الشارع بالكتل الكونكريتية واختفى رواده وأغلقت مطاعمه ومقاهيه فأصبح المرور به شبه مستحيل بعد ان تم اغلاق بعض اجزائه.

وتقول ام زينب من سكنة منطقة الكرادة، والتي جاءت بصحبة ضيفتها وأطفالهما الى المتنزه، ان «افتتاح شارع ابو نؤاس كان حلما بالنسبة لنا»، وتشير الى ضيفتها مبينة «لقد اصطحبت ضيفتي معي لكي تنعم ببعض الوقت هي واطفالها»، وعن عدد المرات التي تقوم بزيارة المتنزه تلفت «عادة ما اقوم بزيارة هذا المتنزه ومنذ افتتاحه مرة في الاسبوع، سيما وانني اقصده سيراً على الاقدام لقربه من منزلي، وفي الغالب اهم بالخروج منه عند الساعة السابعة مساء». وعن الاسباب التي لا تسمح لها بالبقاء اكثر تؤكد «ان الوضع الامني بالرغم من تحسنه الا اننا مازلنا نتخوف بعض الشيء، فنحاول ان تكون العودة باكرا لمنازلنا». وتستطرد «ان الاجواء هذه تذكرنا بأيام شبابنا عندما كنا نتمتع بقضاء الليل على ضفاف نهر دجلة سيما وان النهر كان يشهد احتفالات العراقيين حتى ساعات الصباح».

من جهتها، طالبت ضيفتها (ام علي) من سكنة منطقة الشعب بان تقوم امانة بغداد بإنشاء متنزهات مماثلة في مناطق بغداد الاخرى، الا انها اضافت «نعلم بان الوضع الامني في بعض المناطق لا يسمح بإنشاء هكذا متنزهات ولكننا نأمل بان تقوم امانة بغداد بزراعة المساحات الخضراء بدلا من المساحات الفارغة والتي عادة ما تصبح مكباً للنفايات».

من جانبه اكد محمد الربيعي، رئيس المجلس البلدي في الكرادة، ان «الضربات التي تلقتها مدينة الكرادة لم تكن سهلة الامر الذي جعلنا لا نلتفت الى موقع شارع ابو نؤاس السياحي»، لكنه قال «بعد خطة فرض القانون تحسن الوضع كثيراً، بدأت معه بلدية الكرادة تعمل وراء الكواليس وبصمت فتم مفاجأة المسؤولين بافتتاح متنزه (شهريار وشهرزاد) في شباط (فبراير) 2008، واردنا هذا الاسم لقرب نصب الشخصيتين من موقع المتنزه» مضيفاً لـ«الشرق الاوسط» «ان العمل جاء متوازياً بين امانة بغداد واشراف المجلس البلدي في الكرادة، فقد تم ارجاع السياج الحديدي الممزق والمحاذي لضفة نهر دجلة بطول 3 كلم، بالإضافة الى عمليات اعادة زراعة الشارع»، مشيراً الى «اننا الان بصدد ان نقوم بإنارة المتنزه بشكل كامل ليستطيع ان يستقبل أعدادا اخرى من العوائل».