من سلة المهملات إلى صالات المزادات

أغلفة المجلات المصورة تثير اهتمام المزيد من هواة جمع المجلات

TT

يحب هواة جمع المجلات المصورة الأرقام المتعلقة بها، فهم يعرفون أن العددَ الأول من مجلة «إكس مين»، التي تقدم أبطال شركة «مارفل» المتحولين، نشر عام 1963 وكان سعر الغلاف 12 سنتا. ويعرفون أن ثمن النسخة الواحدة من هذا العدد، في حالة شبه جديدة، يبلغ اليوم 16.500 دولار. وبينما تشهد سوق الأعداد القديمة رواجا، يتحول اهتمام المزيد والمزيد من هواة جمع المجلات بالأغلفة المرسومة يدويا والصفحات الداخلية في المجلات المصورة. وأصبح هذا الفن الأصلي محل اهتمام المزادات، حيث تصل المبيعات إلى مبالغ مكونة من خمسة أو ستة أرقام. إنه التحول المفاجئ في الأحداث بالنسبة للأعمال التي كانت تعتبر في أيامها الأولى غير مهمة على الإطلاق لدرجة استخدامها في مسح الحبر أو بقع القهوة، أو إعطائها لمحبيها أو حتى تمزيقها.

وأخيراً، لم يعد هذا النوع من الفن منبوذا. في السبعينات كانت هناك سياسة إعادة إرسال الأغلفة والصفحات إلى الرسامين، الذين بدأ كثير منهم في بيعها لمحبيها وهواة جمعها الشائقين إليها. وتم الشهر الماضي بيع غلاف العدد رقم 16 من مجلة «وييرد ساينس» لعام 1952، الذي رسمه والي وود، بمبلغ 200 ألف دولار. وفي فبراير (شباط)، بيعت صفحة داخلية باللونين الأبيض والأسود من عدد «إكس مين» الأول لعام 1963، وقد رسمها جاك كيربي الشهير، بمبلغ 33.460 دولار. وفي العام الماضي، باع الوكيل الفني للرسام أليكس روس رسمتين ملونتين له، وكانتا على غلافين لقصة «جاستس ليغ ستوري» أو معسكر العدالة، بمبلغ 45 ألف دولار و50 ألف دولار. وفي عام 2005، انتهى مزاد بيع غلاف أبيض وأسود لعدد مجلة «باتمان» أو «الرجل الوطواط» رقم 11، من عام 1942، الذي رسمه فريد راي وجيري روبنسون، بمبلغ 195.500 دولار. وتعكس هذه المبيعات النطاق الذي يلفت أنظار هواة جمع المجلات: من الأعمال المنتشرة لكيربي (ملك المجلات المصورة)، إلى الأعمال النادرة مثل غلاف أوائل أعداد «باتمان»، إلى الصور كثيرة الألوان للأبطال الخارقين الكلاسيكيين بريشة الشهير روس. «منذ الستينات والسبعينات، عندما كانت السوق في بداياتها، كان الأمر صادما»، هكذا قال جري ويست، 58 عاما، وهو مؤلف «دليل أسعار المجلات المصورة». «وبالنسبة للخبراء، لا يمكننا أن نصدق هذا. ووجدنا المبرر عندما رأينا الأغلفة تباع بخمسة أو ستة أو سبعة آلاف دولارات في السبعينات. والآن الأمر تخطى ذلك. وأنا الآن بعيد تماما عن هذه الأسعار». ويبدو أن هواة جمع المجلات المصورة الأصلية مجموعة داخل مجموعة أخرى فرعية، وهذا هو حال الهواة المتحمسين. «كانت هناك إثارة كبيرة في اكتشاف شيء أكثر سخافة من هواية جمع المجلات المصورة»، هذا ما قاله دافيد ماندل، 37 عاما، وهو المنتج المنفذ لحلقات HBO «اكبح جماح حماسك». وكان أول من اشترى قطعة فنية أصلية أثناء زيارة إلى تجمع محبي المجلات المصورة في سان دييغو عام 1995.

ويملك ماندل أعمالا يسيل لها لعاب الهواة، مثل غلاف غيل كين وديف كوكرم لعدد «إكس مين» عام 1975 الذي أعلن عن شخصيات جديدة في فريق المتحولين مثل ولفرين وستورم وآخرين، ومثل غلاف العدد 181 من «ديرديفل» عام 1982، الذي رسمه فرانك ميللر، وهو يصور وفاة إلكترا، صديقة البطل الذي يحمل العنوان اسمه. وتتضمن مجموعته أيضا آخر أربع صفحات من «ذا كيلينغ جوك» أو «المزحة القاتلة»)، وهي قصة صدرت عام 1988 وكانت بذرة تمهد لمستوى نضج جديد في المجلات المصورة. فتسرد قصة «باتمان» سبب سعي البطل الخارق للانتقام، وكتبها آلان مور ورسمها برايان بولاند. وفي شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، عرضت الصفحة الأخيرة في صالات مزاد هريتج في دالاس. وحصل عليها ماندل بأكثر من 31 ألف دولار فقط.

ويقول ماندل: «تنتهي القصة وهم يضحكون. وكقارئ وكاتب كوميدي، أرى أن ذلك مؤثر في المشاعر». هناك ما هو أكثر من مجرد المجلات المصورة، حيث توجد الكثير من الأعداد المطلوبة بشدة، فالفن الأصلي الذي تصنع به هذه المجلات هو ما يحقق إشباعا لرغبة الهواة في الحصول على شيء استثنائي. يعلق ماندل على هذا قائلا: «إذا كان لدي الغلاف الأصلي المرسوم يدوياً، فلنقل، لعدد من «إكس مين»، فهذا هو الغلاف الوحيد المرسوم يدوياً لهذا العدد. وهو الوحيد في نوعه. لذلك يمكن أن يسعى وراءه أيُّ شخص يحمل جينات هواية جمع المجلات المصورة». وتبدأ قيمة أية عمل فني أصلي في المجلات المصورة من صانعه. «إذا كان هذا (سوبرمان) الذي رسمه كيرت سوان، فهو يساوي أكثر بكثير من (سوبرمان) الذي رسمه جو شمو»، هذا ما قاله جو مانارينو، الذي يقدم خدمة تثمين المجلات المصورة، ويمتلك شركة مزادات «أول ستار» في ريدج وود، في نيوجيرسي، مع زوجته نادية.

ورسم سوان، الذي توفيَّ عام 1996، (سوبرمان) بانتظام من الخمسينات وحتى طوال الثمانينات. وتتوقف قيمة الصفحة أيضاً على ما تصوره (هل تصور سوبرمان أثناء تحركه أو حديث بين شخصيات ثانوية؟) وأيضاً إذا ما كان العدد مهماً. (فالأعداد التي تشهد أولَ ظهور للبطل والتي تصور القصص المهمة أكثر قيمة من المغامرات الروتينية). وتؤثر محاولة الهواة في استعادة طفولتهم في قيمة العمل.

يقول ويست مؤلف «دليل الأسعار»: «تتعلق المبالغ الطائلة التي تنفق بجيل الخمسينات وأوائل الستينات وشعورهم بالحنين إلى الماضي»، وهذا الشعور بالحنين هو ما يألفه روس، 38 عاما. وكان أول مشروع مجلة مصورة له عام 1994 لشركة «مارفل»، وكان يعيد سرد الأيام الأولى لعالم أبطال «مارفل» الخارقين برؤية مصور صحافي. ولمعت شهرته بالقدرة على إعادة تصوير الواقع لأبطال المجلات بعد عامين عندما أصدر مجلة «كينغدوم كوم»، وهي مجلة مصورة كثيرة الألوان تصور عالم أبطال شركة «دي سي» المستقبلي حيث تظهر شخصيات شريرة غير مسؤولة ذات قوى خارقة. ورفع هذا المشروع سعر رسومه الأصلية من مئات إلى آلاف الدولارات للصفحة الواحدة.

يقول روس: «إن رسوم شركتي (دي سي) و(مارفل) هي الأكثر مبيعاً على الإطلاق»، وهو يعرض العديد من الأعمال للبيع على موقع alexrossart.com. ويضيف: «وهي أيضا أكثر القصص التي أحب رسمها. وهي ما يريده المشترون المشتركون معي في الاهتمام. فهم يريدون الأشياء التي كبروا معها»

* خدمة «نيويورك تايمز»