غاتينوني.. كيريال.. سارلي وعبد محفوظ يزيدون من سخونة روما

«ألتا موضة» تتحضر لخريف وشتاء 2009 بالفرو والشيفون

زي للسهرة من تصميم اللبناني عبد محفوظ (أ.ب)
TT

لم يضاه ارتفاع حرارة روما هذا الأسبوع سوى سخونة عروض «ألتا موضة»، النسخة الإيطالية لموسم الـ«هوت كوتير» الباريسي، والذي تحاول من خلاله العاصمة الإيطالية حفر مكانة لها في عالم الموضة برغم المنافسة الشرسة التي تواجهها منذ سنوات، خصوصا أن جارتها ميلانو لها باع طويل في الملابس الجاهزة، ومن الصعب مقارعتها في هذا المجال. لكن ما يحسب لروما، أنها ومنذ سنوات تحاول ان تشكل شخصية خاصة تجمع بين الكلاسيكية الراقية والحداثة والابتكار من خلال تشجيع أسماء جديدة من كل أنحاء العالم للمشاركة في الأسبوع وحقنه بدماء تضخ فيه الشباب والتنوع. وتجدر الإشارة هنا إلى أن المشاركة العربية، وبالذات اللبنانية، تكون دائما قوية فيه. فهنا يعرض المصمم عبد محفوظ بشكل سنوي حتى أصبح وجها من الوجوه المعروفة بها، إلى جانب توني، إيلا زحلان، إدوارد عصروني وغيرهم. وقد صرح أدريانو فرانتشي، الرئيس التنفيذي للاسبوع، مرارا بأن نيته هي «تأسيس بنية قوية لتكون ألتا روما موسما مهما على أجندة الموضة العالمية». وبالفعل نجح لحد الآن في استقطاب ممولين مهمين، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر شركة «لوريال» إلى جانب استضافة مجموعة كبيرة من وسائل الإعلام للدفع بالأسبوع إلى الواجهة. بدأ الأسبوع هذه السنة قويا بتشكيلة قدمها المصمم فاوستو سارلي، واستلهمها من أحد الألغاز الطبيعية، التي لا تزال تحير العديد من الناس، ألا وهي العلامات الدائرية التي تظهر فجأة في المزارع ويرجعها البعض إلى كائنات من كواكب أخرى، والتي ترجمها سارلي في تصميمات تتبع تضاريس الجسم تجمع بين «الريترو» والمستقبلي، سوءا كانت على شكل جاكيت مدور مثل التفاح من الكشمير أو فستان بخطوط تستلهم «الآرت ديكو» للمساء. قوتها ايضا تعود إلى حرفيتها العالية، سواء في القصات أو في الحياكة. العرض الثاني الذي ألهب الخيال هو عرض دار غاتينوني، التي مال فيها مصممها الفني غوغليلمو ماريوتو، إلى الفخامة من خلال جاكيتات من الفرو بأكمام قصيرة تنتهي عند الكوع، او من الكشمير أو التويد بتصميم البوليرو، مع العلم بانه تعمد ان تكون فيها إيحاءات قوية من حقبتي الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وبالذات من أزياء الأفلام القديمة، التي كانت روما من أهم أماكن تصويرها. والنتيجة أن صور العارضات كانت تختلط في الذهن بصور إنغريد برغمان وأودري هيبورن وغيرها. للمساء قدم مجموعة فساتين بكشاكش أثارت الكثير من الانتباه والإعجاب على حد سواء، إلى جانب الفستان الاسود الناعم الذي قدمه بقلنسوة وبلمسة متوسطية واضحة. تجدر الإشارة إلى أن دار غاتينوني أسستها فرناندا غاتينوني، منذ 74 عاما، عندما رفضت عرضا للعمل مع كوكو شانيل وفضلت العودة إلى روما من لندن لكي تؤسس دارا خاصة بها أغدقت عليها كل ما في جعبتها من إبداع وكل ما في طاقتها من مثابرة واجتهاد لتبقى في الواجهة، وهو ما نجحت فيه، إذ اصبحت من أهم بيوت الأزياء الرومانية التي تترقب عاشقات الأسلوب الإيطالي جديدها في كل موسم بلهفة. مصممها الحالي ماريوتو يعرف هذا الأمر جيدا، وبالتالي يحرص في كل موسم ان يحافظ على روح المؤسسة، من خلال محافظته على الاناقة الراقية والعملية في الوقت ذاته. من جهتها، قدمت المصممة رافاييلا كيريال، مجموعة استغرقت 40 دقيقة من الوقت ونالت عليها المصممة تصفيقات حارة دامت اكثر من خمس دقائق، ما يخولها دخول كتاب غينيس على أطول عرض واطول تحية في تاريخ الموضة. المجموعة شملت جاكيتات مبطنة بشكل لافت، وأخرى قصيرة، بوليرو، مغزولة بالفرو، وتنورات ببليسيهات منقوشة. تشكيلة كل ما فيها يوحي بالدفء وكأن المصممة تتوقع أن يكون الشتاء المقبل باردا جدا. بعدها، قدم المصمم ريناتو باليسترا، مجموعة تغلب عليها التطريزات الرائعة والصوف في جاكيتات قصيرة، بينما غلب الشيفون والريش على فساتين السهرة والمساء. المصمم باليسترا قال بعد انتهاء عرضه إن الفكرة من تشكيلته هي «الاحتفال بجمال المرأة» وهو ما نجح فيه إلى حد كبير، إذ من الصعب تجاهل التفاصيل الأنثوية الساحرة أو الحرفية العالية. والحقيقة ان هذه ميزة مشتركة بين كل المصممين هنا، ليس فقط لتوفر اليد العاملة بل ايضا لحرفيتها وخبرتها الطويلة في هذا المجال، وليس أدل على هذا ان المصممة أليساندرا فاتشينيتي أحضرت مجموعة من الرومانيات إلى باريس لإنجاز التفاصيل الأخيرة على أول تشكيلة تقدمها في موسم «الهوت كوتير» في باريس لدار فالنتينو. كان هذا في بداية الشهر الحالي.

من الجانب العربي، تألق المصمم عبد محفوظ كعادته، وقدم تشكيلة أكثر من رائعة، يمكن القول انه صب فيها جل طاقته لتأتي بشكل ينافس فيه الكبار من الذين لهم باع طويل في مجال «الهوت كوتير». أهم ما يلفت النظر في هذه التشكيلة أنها تضج بالرومانسية، لكنها رومانسية عصرية تخاطب امرأة عصرية تريد أن تبدو أنيقة من دون إغراق في المبالغة، ومن هنا كانت التصميمات التي تعانق الجسم بتفاصيل محسوبة عند الصدر. تفاصيل تكون تارة على شكل تطريزات تتتبع خطوط الجسم لتبرز جمالياته وتخفي عيوبه عند منطقة الخصر والأرداف، وتارة على شكل وردة عند الكتف تشكل جسرا بين الصدر والوجه فتضفي على الجزءين الكثير من الجمال والإشراق، خصوصا أن محفوظ يبدو كمن خاصم فكرة تغطية الأكتاف والعنق هذه المرة. ففي معظم تصميماته ركز على الصدر، وما تحت، تاركا المجال للمرأة ان تلعب على منطقة العنق كيفما شاءت، لا سيما أن امرأته لها الإمكانيات لكي تقتني مجوهرات رفيعة تريد إبرازها بالشكل المناسب، وهو ما انعكس ايضا على تخفيفه من التطريزات الغنية. بالنسبة للألوان فقد شملت الأخضر والأزرق والأصفر والأحمر، لكن القاسم المشترك بينها هو درجاتها الهادئة نوعا ما.