أهالي جازان رجالا ونساء يبدأون بزراعة الفل والكادي

مع بداية موسم زراعته

انواع واشكال الفل («الشرق الاوسط»)
TT

عندما صدح فنان العرب محمد عبده باغنيته الشهيرة «مثل صبيا في الغواني ما تشوف .. لابسات الفل والنقش اليماني في الكفوف». كان يقصد ذلك فعلا، فجازان الساحرة كانت تملك اشياء كثيرة قد تخفى على الكثيرين جعلت منها مدينة الفل والكادي.

فالايام الماضية وتحديدا منذ عدة ايام بمطلع شهر رجب الهجري الذي تعارف سكان جازان على انه موسم زراعة الفل والكادي، عاد الرجال والنساء الى مزارعهم، معلنين بداية موسم جديد لزراعة نباتهم الذي يفاخرون رجالا ونساء به استعدادا لموسم شتاء مقبل يسبقه بايام موسم الحصاد.

ولان مدينة جازان الواقعة في اقصى الجنوب السعودي في الحدود المتاخمة مع اليمن تعد اشهر مدينة سعودية بزراعة الفل والكادي حتى اصبح يطلق عليها البعض مدينة الفل والكادي، خصصت مهرجانا سنويا يقام في كل شتاء تحت مسمى «مهرجان الفل مشتى الكل».

وتشتهر منطقة جازان بطبيعة ساحرة ومرتفعات خضراء وسهولا وأودية تتدفق على مدار السنة وميزها الله بان انبت فيها إزهارا شذية وزكية من نباتات الجبال العطرية من شيح وكادي وبياض وغليم ونرجس وشذاب وواله وفلّ بأنواعه وباشكال جميلة وعجيبة تتزين به النساء من قديم الزمن سواء المرأه الجبلية التي اشتهرت بلباسها الجبلي أو المرأه القروية في السهل أو تلك التي تسكن المدينة أو الجزر كجزيرة فرسان.

وتعد هذه النباتات العطرية الخضراء الزكية جزءا من تقاليد أهالي المنطقة ونسائها حيث صنعوا منها أشكالا رائعة تنوعت في استخداماتها ما بين اللبس والاستخدامات الجمالية المختلفة، بل تعدت الى ان اصبح الرجال يستخدمونها كذلك ويضعون عقود الفل على رؤسهم في تلك المنطقة. يقول عبد الرحمن الشتيفي صاحب مزرعة في صبياء تعرف باسم «مزرعة الشتيفي» لـ«الشرق الاوسط» ان هناك مواسم لزراعة وجني الفل والقريشي، فالشهر السابع الهجري من كل عام، هو بداية جني عناقيد الردائم المتدلية التي تحمل أوراقا خضراء كثيرة، كما أنها تحتاج الى العديد من العمال لقطف وتجميع هذا الفل والحفاظ عليه من الحرارة حتى لا يفقد رائحته الزكية وشكله حتى يوصل الى السوق».

ويضيف الشتيفي «ان زراعة ردائم الفل تتم عن طريق الشتلات وغرسها بشكل متباعد حتى يسهل على المزارع قطف الفل من جميع الجوانب».

وحول أنواع الفل يقول الشتيفي «إن للفل أنواعا كثيرة منها اليمني وهو المنتشر بكثرة وكذلك المصري والمغربي والعراقي وغيرها وإشكالها تختلف من حيث الحجم وعدد أوراق الفله فالبعض منها يشبه الورد الجوري باللون الابيض».

ويوضح الشتيفي ان ردائم الفل تحتاج الى رعاية كبيرة وخاصة من حيث رشها بالمبيدات الحشرية لمكافحة الحشرات الضاره بها ويتم رشها من فتره لأخرى وذلك بعد قطف جميع أوراقها وترك الغصون عارية وتبدأ بعد ذلك البراعم الصغيره في النمو». ويتم قطاف الفل من ردائمه من الصباح الى المغرب.

سيدات جازان يفاخرن بأنهن يعملن على توريد هذا المنتج وفي هذا تقول «ام احمد» «مازلت احافظ على حديقتي المتنوعة حيث انني أجد فيها راحتي وسعادتي».

وتضيف في حديثها لـ«الشرق الاوسط» في كل صباح وقبل الإشراق آخذ مسحاتي ومقص الأوراق لأقطف الورق المتناثر وأقوم بري حديقتي كاملة بخراطيم امدها من خزان أعده ابنائي في الحديقة». وتملك أم احمد في حديقتها 4 ردائم من القريشي والعديد من شتلات وأزهار الشيح والنرجس وازهار البياض والكادي.

وفي العادة تتزين المرأة في جازان بلبس الفل والكادي وتمزجها باطياب واعطار نباتية ازكي من أعطار السوق المصنعة تعرف بـ«الخطور».

ومن ضمن الأسماء التي عرفها النساء هي «المصر» الذي يعمل من الفل المنظوم ويغطي الرأس كاملا، وشكل آخر عرف بالفستان الكامل من الفل كما يصنع منه حلقات للآذان حيث تباع في محلات الذهب شيلات (قطع ذهبية) خاصة لتعبئة الفل.

ومن عادات الزواج في جازان تخصيص ليله ثانية بعد ليلة الزفاف تتزين فيها العروس بالعظية والخطور والكادي وتغطى بالفل بالكامل على الرأس ولبس الكثير من فعوات الفل والكباشه وهذه الليله تلبس العروس الفستان المخصص للعظية وهو «الميل» حيث يجتمع النساء واكثرهن متجملات بتلك الصفه وتسمى هذه الليله «المقيل».

ولم يقتصرالتزين بالفل داخل المنازل فقط بل اصبحت الكثير من المشاغل النسائية والكوفيرات يتخصصن في هذا المجال لكثرة طلب النساء في جازان التزين بتلك الهيئة وذلك للحفاظ على العادات والتقاليد التراثية القديمة مع مزجها بموضات التجميل الحالية.

وتختلف اسعار الفل ومواسمه حيث يكثر الفل في الصيف ويزداد مع ايام الغبار وارتفاع الحرارة ويكون سعر كبش الفل ما بين 25 ـ 40 ريالا والمصر وهو النوع الاخر بقيمة 50 الى 100 ريال، وذلك حسب الايام حيث يرتفع يومي الخميس والجمعة.

وللفل مزارع كثيرة هنا في جازان، تعرف بردائم الفل المشهورة بصبياء والظبية وأبي عريش وجيزان وفي داخل المنازل ايضا تجد تلك الردائم في حديقة منزل كل امرأة تقطف منها حبات القريشي الفائحة الجذابة، حيث تحتاج مزارع ردائم القريشي الى مساحات شاسعة وتربة خصبة بيضاء ومتابعة الري.