تحت عنوان «الرمال: ذاكرة ومغزى واستعارة»

ساوثهامبتون ـ نيويورك:

TT

يحتوي معرض «الرمال: ذاكرة ومغزى واستعارة»، الذي يقام بمتحف بارش للفنون، على خلاصة وافية لأعمال فنية صنعت من الرمال. ويمنح هذا المعرض فرصة للتأمل في الكثير من المعاني المرتبطة بإحدى أرخص المواد وأثمنها. ويشتمل المعرض على أنماط فنية متنوعة، بدءاً من الأعمال الفنية الواضحة إلى الأعمال المجازية. وقد يُدرج عنصر الرمال عرضا في بعض الأعمال، ولكنه يكون عنصرا مهما في لوحات أخرى مثل تلك التي أبدعها جاكسون بولوك وديفيد سميث وروي ليتشتنستن، وفنانون آخرون. ولأن الشواطئ تعد مختلفة عن الرمال، لم يدرج تصوير الشواطئ لفنانين مثل هومر وويسلر وبيكاسو وميلتون أفري وأليكس رغم الطابع الجمالي الذي تتميز به. ومع ذلك، تبعث الشواطئ في النفس حالة من الاسترواح وتضفي أفكارا خيالية، ولذا فقد كان من الأنسب أن تدرج في معرض كهذا. وتوجد في قلب المعرض، الذي نظمه الأمين الرئيسي للمتحف أليشيا لونغ ويل، أعمال فنية توحي بالزمن والفناء واللا نهائية. ويحتوي صندوقان صغيران لجوزيف كورنل على حبات رمال وأصداف بحرية توحي بتدفق شعري كثير الأحلام. وهناك لوحة مبهمة ذات لون بني للفنان إيد روستشا تعرض صورة للوقت الذي ينفد. وتنعى صور فليكس غونزاز تورز، التي تظهر آثار أقدام على الرمال، من يموتون بسبب مرض الإيدز. ومن بين أكثر القطع إثارة للدهشة في المعرض صورة تذكارية للشاعر فرانك أوهارا من عمل الفنان غاسبر جونس عام 1970، وهي تبدو في شكل صندوق مجوهرات خشبي به الكثير من الأدراج مع غطاء مفتوح معلق يكشف عن قالب جصي لأسفل قدم عارية ملحق بالجانب الأسفل. وقد استوحى جونز القالب من قدم أوهارا نفسه قبل أن يموت بخمس سنوات في حادث سيارة على أحد الشواطئ بمنطقة «فاير آيلاند» بمدينة نيويورك. وعندما يغلق الغطاء، تظهر بصمة في الرمال التي تملأ صينية موجودة في أعلى الصندوق. وهناك الصور الفوتوغرافية الملونة الكبيرة للفنان ريتشارد إهرليتش، والتي تعرض غرفا قديمة فارغة، وتوحي الرمال بها بسرعة الزوال من منظور تاريخي أوسع. وتبدو هذه الصور مثل لحن موسيقي متحرر من قيود الشكل التقليدية. وبين الأعمال الفنية المعروضة، إناء زجاجي مصمم يدوياً، له شكل وحجم جوز الهند. والإناء ممتلئ لثلثيه بالرمال، وعليه عنوان توضيحي يقول: «6.128.374 حبة رمل». وتشير أحد الملصقات في المتحف إلى أن الفنان الذي قام بتشكيل هذا الإناء هو الفنان الألماني جوتشم هيندريكس، وكلف بعض العمال بعدِّ حبات الرمال مقابل ثمن بخس. ويشتهر السيد هيندريكس بمزجه بين الحقيقة والخيال، مما يجعل العمل النحتي إشارة تمهيدية فلسفية تهدف لإثارة الفضول، وتطرح تساؤلات من نوع: إلى أي مدى يمكن أن تهم الحقيقة؟ ما الذي يشير إليه هذا الرقم تحديدا؟ وهناك صندوق عرضٍ جميل صنعه دونالد ليبسكي من الخشب والزجاج، ويحتوي هو الآخر على الكثير من حبات الرمال «210 ملايين حبة» حسبما كتب عليه. وصنع ليبسكي هذا الصندوق عام 2000 بعد أن دعيَّ للتعليق على أحداث القرن الماضي. وتمثل حبات الرمال عدد من ماتوا بسبب الحروب وأعمال الإبادة الجماعية خلال هذه الفترة. لم يعد ليبسكي حبات الرمال، ولكنه حسب عدد حبات الرمال التي تشكل بوصة مكعبة ثم قدر العدد. وبغضِّ النظر، فإن إعطاء رقم محدد أمر له مغزاه، وكان سيكتنف العمل الفني الغموض إذا لم يكن هناك توضيح. ويمكن لأي شخص أن يخمن ما الذي يريده غابريل أوروزكو من عمله «كارتا بلانكا»، الذي يتكون من مساحة مستطيلة الشكل عريضة من الرمال، ويبلغ عمقها نحو ست بوصات مرصعة بعلب صفيح يعلوها الصدأ، ولها أشكال وأحجام مختلفة، وجميعها يحمل ملصقا جديدا للبيرة المكسيكية «كارتا بلانكا». ومن بين أبرز الأعمال في المعرض، عمل للفنان الشعبي آندرو كليمنز (1857 ـ 1894)، وقد تمكن الفنان باستخدام حبات رمال لها ألوان متنوعة، من عمل صور وأشكال داخل زجاجات. والمثال الموجود في هذا المعرض يصور نسرا يلوح بعلم أميركي فوق عدد من الأشكال الماسية المليئة بالألوان والمتداخلة مع بعضها. ويشير أحد الملصقات بالمتحف إلى أن كليمنز، الذي فقد حاسة السمع بسبب التهاب دماغي، وهو طفل، كان يعمل لأحد المتاحف ويقوم بصناعة زجاجات رملية بينما يشاهده الجمهور. يقام معرض «الرمال: ذاكرة ومغزى واستعارة» حتى 14 سبتمبر (أيلول) المقبل في متحف باريش للفنون (25 طريق غوبز، ساوثهامبتون ـ نيويورك).

* خدمة ـ «نيويورك تايمز»