«الأرض تشتعل» في معرض للفنان وليد ستي

نار ومطر
TT

«الأرض تشتعل» هو عنوان المعرض الجديد للفنان وليد ستي: الرسام الكردي ـ العراقي المقيم في بريطانيا. يشتمل المعرض على مجموعة من أعماله الفنية الحديثة من اللوحات والتخطيطات التي تعبر عن تجربة وليد ستي مع «ثيمات» الحرب، المنفى، الخسارة والألم.

في أجواء أعماله الحزينة والجميلة في آن واحد، صور أسلوبية تكشف عن صمت قاتم ونغمات كئيبة، انه يصور رموزا وأشكالا مثل الحجارة، النار، المكعبات والدوائر التي تعرب في الأخير عن محاولته في البحث عن السلام الداخلي. معرض «الأرض تشتعل» يتألف من سلسلتين من أعمال الفنان ستي للسنوات العشر الأخيرة، خصوصا تلك الأعمال المعنونة بالروابط الأسرية والأحجار الكريمة. بالإضافة إلى بعض اللوحات المنفذة على قماش الخام.

في الروابط الأسرية، يستكشف ستي التناقض في العلاقة بين الهوية الفردية والجماعية في الشرق الأوسط، حيث الأسرة أو القبيلة أو الهوية الوطنية قادرة على تحتل الأسبقية في مجال الاهتمامات الفردية. ويمكن أن تستخدم كمصدر للقوة والاطمئنان للفرد المنتمي إلى هذه الجماعة أو تلك، أو يمكن أن تكون مصدر إقصاء لحرية الفرد وتطلعاته. ولهذا فالروابط العائلية هي سند ومصدر صراع على حد سواء. في سلسلة الأحجار الكريمة، يتناول وليد الحجر كرمز متعدد الأبعاد والمعاني على مر العصور ولمختلف المجتمعات البشرية، الحجر كنقطة اتصال، لها قوة الجذب المغناطيسية. وأيضا يتعدى معنى الحجر إلى عدد من الرموز الروحية والسياسية المختلفة، والى تلك ثروة من المعاني والرموز التصويرية التي تستثير الانفعال الروحي بقوة وتترك أثراً عميقاً. وفي مختلف الحقب التاريخية، ظلت العلاقة بين الحجر والصخور الطبيعية عميقة المغزى، وأحيانا تتعدى غرضها أو معناها الأصلي. لتصبح استعارات رمزية للتجمعات السياسية أو الروحية مثل الأهرام في مصر وأقواس النصر وما شاكلها. فللحجر دور رمزي يشمل مجمل الثقافات وفي كل الأزمنة والبقاع الجغرافية.

وكاستعارة فنية، يسلط وليد سيتي الضوء على أهمية الحجر بالنسبة للشعب الكردي. الحجارة التي تمثل الجبال، والتي تعتبر بالنسبة إليه الصديق الوحيد. وفي بعض الأعمال المعروضة يدعو الفنان سيتي المشاهد كي ينظر إلى مصير الشعب الكردي من خلال بيئته الطبيعية التي دمرت وباستمرار من خلال الحروب والحملات القمعية ضده. وكذلك ما تنتجه فوضى أعمال إعادة الإعمار من تأثير على العلاقات الحساسة التي تحكم عناصر البيئة.

الأحجار الكريمة هي محاولة لنقل هذه العلاقات المقدسة بين الحجر ومحيطه، بوضعها في مركز الصورة، حيث تشع وتكون حركة دائرية حول نفسها، تدل على الطاقة وعنصر التغيير. المسافة الجسدية والعاطفية عن الوطن، أدت بالفنان وليد ستي لأن ينحو إلى الإيجاز في الأسلوب، والى مناخ تصويري يستمد مادته من أجواء العنف ولكن ليس بصورة مباشرة. يستخدم وليد سيتي رموزا مثل الحجارة والنار ليسلط من خلالها الضوء على محنة عالمية حول الحرب والمنفى. إنه من جيل أولئك الفنانين الذين تجلى لهم القبح في أحداث الحروب والفظائع والضحايا البشرية التي لا لزوم لها. «الأرض تشتعل» هو واحد من أربعة معارض تحت عنوان «نحن هنا».. سلسلة من المعارض المنسقة: من قبل روز عيسى، مديرة معارض مستقلة ومتخصصة في الفنون البصرية من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.