سوق الخوبة .. لوحة تذكارية من الماضي

واحد من 21 سوقا شعبيا تضمها منطقة جازان

صبي يبيع السلال والقبعات
TT

في اقصى الجنوب السعودي، في مدينة جازان باتجاه الحدود المتاخمة لليمن، يتربع سوق الخوبة الشعبي الشهير الذي ينتظره سكان تلك المناطق من الخميس الى الخميس.

سوق الخوبة، الذي يتحول الى خلية نحل في صبيحة كل يوم خميس من كل اسبوع، ويعرفه البعض باسم سوق الخميس، يجمع كل المتناقضات فوق أرضه، حيث انه سوق شعبي لا سقف له.

وقبل ان نتوسع في الحديث عن سوق الخوبة، دعونا نسلط الضوء على قصة الطريق من جازان المدينة باتجاه سوق الخوبة، فمنذ ان تتحرك من قلب تلك المدينة مرورا بقرية الحرث، ووديانها ذات الرمال البيضاء وعيونها الحارة، تطربك عصافيرها وبلابلها وتعطرك أزهار الشيح والفاغي وقيحوان خلب وصيمران دهوان ودوشه والريحان، لتصل بعدها الى سوق الخوبة الشعبي والاثري الذي يضم كل ما يمكن ان تبحث عنه من المبيعات الشعبية والاثرية.

وعلى جنبات مدخل السوق يتنشر الباعة القادمون من قرى جازان او من اليمن وقراها، حيث يشتهر السوق بالنباتات العطرية ذات الرائحة الزكية والعطرية مثل الكادي والفل والعزان والبعيثران والشيح والواله والفل القريشي والشذاب وأزهار بنات الجبل والبياض والغليم وغيرها من الروائح العطرية.

الأواني الفخارية والمنزلية وأدوات الحراثة والزراعة والمطبخ القديمة ما زالت تسجل حضورها اللافت في جنبات ذلك السوق مقاومة الاندثار وفي مقدمتها المصنوعات الخزفية ذات الأشكال الهندسية والأواني الحجرية القديمة كالمغشات التي تستخدم للاكلات الشعبية الخاصة باللحوم والمرق ومن الحافظات القديمة كالزنابيل لحمل الأغراض والجبنة التي تطبخ فيها القهوة والجرة والشاطرة التي يحفظ بها الماء باردا حتى في أيام الصيف وهي مصنوعة من الطين، والبعض يجعلها ساقية للسبيل في الطريق للمسافرين والرحل.

تتنوع مبيعات ذلك السوق الشعبي من المصنوعات الخشبية المصنوعة من أشجار المنطقة مثل الأثل والعرج والقضب منها أدوات الحرث مثل الحلي والمحر والجلب والساقة وادوات النجارة التي سميت بها قرية كاملة وهي «قرية المنجارة» التي اشتهر بها النجاران يحي محسن، واحمد غميض، الحرفيان اللذان دائما ما يمثلان المنطقة في مشاركات التراث.

ويعود تاريخ سوق الخوبة الى ما يقارب المائة عام واكثر حيث يصفه الشيخ احمد الكرس مجرشي، أحد القريبين من حركة السوق، في حديث لـ«الشرق الاوسط» بأنه «لوحة تذكارية من الماضي التليد يجب أن لا تنسى» مشيرا الى ان السوق كان مقره الأول في منطقة تسمى «البوشمي» والذي كان جده مشرفا عاما عليه على حافة وادي خلب.

في حين يقول حسن بن علي سيبان الشراحيلي «ان هذا السوق كان عامرا بكبار الباعة والدلالين أمثال محمد علله الذي كان مشرفا فترة ما يقارب الـ 50 سنة على منتوجات الذرة من القمح بأنواعه، وشهد السوق خلال فترته تطورا كبيرا».

ويستذكر الشراحيلي وهو يتحدث الينا وجوه الباعه والمتسوقين الذين رحل اغلبهم عن الحياة مؤكدا «ان السلع التي كانت تباع كالسمن والعسل وغيرهما كانت خالية من الغش صافية بلا إضافات وان كل هذه البضائع تصل الى السوق محملة على الأنعام مثل الجمال والحمير اذ لم يكن للسيارات ذكر آنذاك».

يقول محمد بهلول محافظ الحرث في حديث لـ«الشرق الاوسط» إن السوق هو احد ركائز السياحة والتنمية والتطور في المحافظة بالمنطقة حيث إن شعبيته وتنوع سلعه ومعروضاته والمحافظة عليها كلها ساعدت في جعله مميزا وأحد أفضل أسواق المنطقة الشعبية الذي اختير من قبل الهيئة العليا للسياحة للدراسة وتنفيذ خطة تطويره في مكانه حتى يحافظ على تراثه وشعبيته وشهرته».

في حين يؤكد عبد الله العلياني رئيس المجمع بالحرث وجود مشروع تطوير سوق الخوبة ويقول «تم تقديم نموذج خاص بموقع السوق لتقديمه للهيئة العليا للسياحة ممثله بفرعها بالمنطقة تم تطبيقه على الطبيعة واتضح أن هناك مساحة سوف تدخل ضمن هذه المقترحات مما ترتب على ذلك نزع الملكيات بمبالغ باهضه وتم إعداد دراسة خاصة بالسوق القديم بمجهودات من المجمع بإعداد رفع وقوعات مساحية وتنزيل مواقع السقوط التي يمتلكها أصحاب السوق قديما، وقد تم التنسيق مع أمين جازان وستقدم هذه الدراسات في الاجتماع معه ومن ثم الحصول على الموافقة النهائية على إقامة هذا السوق بالمناصفة بين المجمع وملاك السوق حيث يتم انشاؤه من قبل المجمع بجزء منه وسيكون هناك تنظيم منشآت ومحلات تجارية ومظلات لأسواق الخضار والحرف اليدوية ومظلة خاصة بالمواشي بالإضافة الى الأرصفة والإنارة وتحسين السوق بالكامل».

وسوق الخوبة واحد من عشرات الاسواق الشعبية التي تعج وتشتهر بها منطقة جازان الجنوبية وان كان هو اكبرها واشهرها، لكن يحي مقنع عضو المنطقة وعضو اللجنة الاقتصادية يقول لـ«الشرق الاوسط» ان الأسواق الشعبية في منطقة جازان لا تنحصر على سوق الخوبة فقط بل هناك 21 سوقا تقام على مدار أيام الأسبوع السبعة منها 7 أسواق رئيسيه مثل سوق الدرب وبيش وصبيا وأبو عريش واحد المسارحة وصامطه والخوبة والباقي هي يوم السبت بيش ـ وحجن، ويوم الأحد احد المسارحة والشقيق، وهروب، أما الاثنين فصامطه، وضمد والحميره والحقو، والنفيعه.

وأضاف «وياتي سوق الثلاثاء في صبياء، والخشل، أما الأربعاء فسوق أبو عريش والعيدابي ودائر بني مالك، ويوم الخميس السوق الشعبي المشهور الخوبة والعارضة وعيبان ورضه (الريث) أما سوق الجمعة فالدرب والمشوف والخشل».