«غانز آند بانز»: حيث الأسلحة تعيد الاستقرار.. إلى المعدة

5 دولارات لقاء وجبة «تكتيكية» أو «إرهابية»

في أحدث مطاعم بيروت.. المصطلحات الحربية لا تعني الخطر («الشرق الاوسط»)
TT

أيها تفضّل الأسلحة الشرقية ام الاسلحة الغربية؟ فإذا كنت من محبي الصنف الاوّل هناك «Dragunov» أما اذا كنت من محبي الصنف الثاني فيمكنك اختيار «magnum 357»، كما بالامكان اضافة الـ«غرينادا» او «الشرشور». لكن وقبل الاسترسال في سوء الظن يجب ان تعلم ان هذه الاسلحة ليس من شأنها زعزعة الاستقرار في بلادك، انما على العكس تماما من شأنها ان تعيد الاستقرار الى معدتك التي تتضوّر جوعا! فهذه ليست «طلبية اسلحة» كما قد يخيّل للبعض، بل نموذج لـ«Order» سندويش دجاج مشوي في احد مطاعم بيروت للوجبات السريعة. ولا شك ان ما «يُردي» الجوع «طبق تكتيكي» أو «ارهابي» وذلك لقاء 5 دولارات لا اكثر. وللتحلية ما رأيك بمسدس «غلوك» او «ستار» أو «زيغزاوير»؟

إنه مطعم «بانز أند غانز» الذي حاز منذ افتتاحه قبل 3 اسابيع بتغطية اعلامية شاملة وطبعا مجانية وذلك بفضل الصدمة التي احدثها. فهو لم يستقطب وسائل الاعلام المحلية او العربية فقط انما ايضا الغربية. فها هو يوسف ابراهيم صاحب الفكرة «الرهيبة» يستقبل يوميا مجموعة من الصحافيين الذين «ينهالون» عليه بالاسئلة ليخرجوا بمقالات «تزعجني احيانا لانها تربط المطعم بالوضع السياسي العام في البلاد، لا بل تجعل المكان يبدو محسوبا على حزب الله لانه موجود في الضاحية الجنوبية»، كما يقول خلال جلسة مع «الشرق الاوسط» خلف السواتر الترابية التي تشكّل جزءا من الديكور العام للمطعم العسكري. إنها جزء لا اكثر، لان هناك الكراسي والطاولات العسكرية والسقف المكسو بـ«شباك التمويه» والرصاصات والمسدس و... بالتأكيد النادل الذي يعتمر خوذة عسكرية اضافة الى لباسه العسكري! ببساطة، كل شيء يجعل الزبون يشعر بأنه عند خط تماس أو في ساحة حرب... مع فارق انه في انتظار تناول «الطلقة» لا تجنّبها! ولذلك، ليس عليه سوى «تصفّح» الاسلحة المتوافرة على الرصاصة. انها قائمة الطعام وهي على شكل «طلقة» تحوي أكثر من 30 وجبة ـ سلاح. بعد ذلك، يحصل الزبون على الطبق حالا لان الخدمة «اسرع من الرصاصة»، كما يقول شعار خدمة «الديليفيري» او التوصيل المجاني.

المطعم يريده ابراهيم للبنانيين كافة، من دون اي تمييز بين فئة وأخرى. لذلك توخى الحذر في انتقاء «اسلحته» اذ تجنّب الاستعانة بعتاد الحزب من «زلزال» و«رعد» و«خيبر». فالاسماء هنا معروفة ومتداولة بين الجميع. واللافت انه لا يكتفي فقط بقراءة الموجود في الصحف انما يراقب باستمرار ما يكتب على صفحات الانترنت والمواقع العربية والغربية وحتى العبرية. ويروي ان أحد التعليقات الواردة على موقع اسرائيلي يقول ما مفاده ان العرب لا يجيدون السلام حتى حين يأكلون «لكنّ المفارقة ان هؤلاء المعلّقين ينسون ان هذا مجرّد طعام، انما ملقّب بأسماء اسلحة يصنّعها الغرب ويصدرها الى كل انحاء العالم!».

فلنعد الى البداية، ابراهيم، 27 سنة، ليس جديدا في هذا المجال، لانه يملك مقهى في محلة اخرى. لكنه اراد ان يأتي «بجديد يستقطب اللبنانيين عبر احداث صدمة. وحين كنت اشتري سروالا عسكريا لابني الصغير أتتني الفكرة. فاخترت انشاء مطعم عسكري. انطلقت منها ليكون الديكور متناسبا مع الجو وكذلك لائحة الطعام والمأكولات، طبعا بعد اضافة تركيبة جديدة لمذاق المأكولات حتى ننجح في الحفاظ على زبائننا. ذلك ان الفكرة وحدها تساعد على استقطاب الناس لكنّها لا تكفل الحفاظ عليهم لان هذا يعتمد على جودة المأكولات». ويوضح ان الزبون بامكانه اجراء تعديل على نوع «الاسلحة» التي يفضّل فيمكن طلب السندويش بـ«خبز ارهابي» أو بـ«خبز لبناني مقاوم». الاول يعني خبز الصاج (أو المرقوق) والتنور «لان هذا النوع من الخبز متوافر بشكل خاص في الشرق الملصق بتهمة الارهاب»، فيما يعني الثاني «الخبز العربي (وهو اللبناني الاصل)».

أما التسميات بين اسلحة شرقية وغربية فتُعتمد بحسب نوع الطعام. سندويش الطاووق مثلا ينتمي الى الصنف الاول وتحديدا «R.P.G». أما «Viper» و«G3 HK» فتحضّر بخبز افرنجي لانها دجاج مطهوّ على الطريقة الغربية مع «ثوم اشتعالي». وغني عن القول ان الاطعمة البحرية من قريدس وتونا وسمك حر، صارت «Tyfoon» و«torpedo» و«Zodiac».

احد متصفحي قائمة الطعام، يبدو مشدوها لانه لم يستوعب كيف ان اسعار الاسلحة هنا متفلّتة من قاعدة العرض والطلب، والا كيف يمكن تفسير ان السلاح الاغلى ثمنا هو «claymore» في حين لا يتجاوز سعره 9000 ليرة لبنانية أي نحو 6 دولارات، فيما ارخص سلاح وهو «M 16» يمكن الحصول عليه لقاء ألفي ليرة أو (اكثر من دولار)؟ وكيف يصل سعر الـ«zagarov» الى دولارين ونصف الدولار فيما سعره في السوق نحو الفي دولار... الامر يحتاج الى بضع دقائق ليتم فهم الفكرة. وقد يكون محقا لان لا شيء يوحي بأنها قائمة طعام، فالى جانب الاسماء هناك صور لاسلحة وليس لأطباق شهية، باستثناء تلك الصورة الكبيرة الى جانب المحل لهمبرغر مزدان بمسدس وبضع رصاصات! والطريف كما يروي ابراهيم ان هذه الصيغة الحربية للمطبخ «قد تربك أجهزة التنصت. إذ حين يطلب الزبون مورتار عيار 82، فهذا يعني همبرغر. أساله اتريد تزويدك شرشور أم غرينادا؟ وهذا يعني علبة بطاطا عادية ام ويدجز».

الى جانب نيته اطلاق المطعم في احدى دول الخليج، هناك افكار اخرى ينتظر ابراهيم الوقت المناسب لاطلاقها. نسأله عن فكرة «سلمية» لطعام «غير مفخخ»، فيقول ان المهم ان تحدث الفكرة ايا كان نوعها صدمة لدى الجمهور. لذلك يشكك في ان يحمل «السلم» في طياته صدمة تساعد على الترويج السريع. يتحفظ ابراهيم ويقول ممازحا بعد إلحاح: «هناك مثل لبناني يقول سلّم المرأة الخرساء سرا فتنطق!» لكنه يعد محبي الشيشة (أو النرجيلة) بمفاجأة. فلننتظر ونرَ.