أمسيات شعرية وموسيقية وثقافية متنوعة في الأيام الثقافية العراقية ببرلين

3 عروض مسرحية على مدى 5 أيام

مشهد من مسرحية عاشق الظلام («الشرق الأوسط»)
TT

قال سفيان الثوري «من يزدد علما يزدد وجعا، ولو لم أعلم لكان أيسر لحزني». وهذا تعبير دقيق ينطبق عن حال المثقفين العراقيين، في الداخل والخارج، الذين لم تختلف حالهم كثيرا عنها قبل سقوط الوثن. فالزاد قليل، والطريق طويل، والعبء ثقيل، وأية كلمة حقٍ تقال تبتلعها موجات الصوت الصادرة عن المفخخات، ولطم الصدور وشج الرؤوس.

مع ذلك، لا يمر يوم من دون أن نسمع عن ندوة أو مسرحية أو عمل فني يقدم في هذا البلد أو ذاك، في أوروبا وغيرها، تعبر عن عزم المثقفين العراقيين المنفيين على مواصلة أوجاع المعرفة التي تحدث عنها ابو سفيان الثوري. فشل الفنان خليل ياسين في كوبنهاغن في الحصول على دعم من الدوائر الثقافية الدنماركية، فتوجه إلى البقالين والحلاقين والصاغة العراقيين في المدينة، ليقيم أيامه الثقافية العراقية. وهو سبق يسجل إلى خليل(أبو سلام) الذي نجح في استفزاز غيرة عراقيين البسطاء على ثقافتهم، وفشل في استفزاز هذه المشاعر لدى الممثلين الرسميين عن ثقافة بلده. ويقيم نادي الرافدين العراقي أيامه الثقافية للمرة الرابعة، رغم شحة الإمكانيات، وقصر اليد، وصعوبات الطرق التي يسلكها الضيوف القادمون من كافة بلدان أوروبا إلى برلين. فالضيوف، من الشعراء والنقاد والباحثين والمخرجين والموسيقيين والمسرحيين والسينمائيين، لا يتلقون أية مكافآت، يتحملون تكلفة نقلهم، يقيمون في بيوت مخصصة للشباب، بل ويقدمون بعض التبرعات مساهمة منهم في انجاح المهرجان.

وهو أول مهرجان لبرلين تقدم فيه ثلاثة عروض مسرحية تشارك على امتداد ثلاثة ايام من أيام المهرجان. وستقدم فيها فرقة مسرح ـ أور من كولون(ألمانيا) مسرحية «عاشق الظلام»، نص ماجد الخطيب، إخراج وسينوغراف محمد فوزي السوداني، تمثيل حسن الدبو وثامر صادق، وموسيقى لطيف الدبو( يوم السبت2/8 الساعة 17.00). وتشارك فرقتان مسرحيتان من السويد في عرض مسرحيتين، المسرحية الأولى هي «الهنا والهناك»، نص الفنان اسعد راشد أعده عن مسرحية «المهاجرون» للبولندي سلافومير مروجيك، من إخراج الفنان حميد الجمالي، وتمثيل أسعد راشد وحيد أبو حيدر (يوم الجمعة 1/8، الساعة 17.00. والمسرحية الثانية هي «أطفال الحرب» لفرقة «القلعة»، إخراج وتمثيل الفنان علي ريسان(يوم الأربعاء 30/7، الساعة 20.00).

تتصدى مسرحية «عاشق الظلام» لموضوع علاقة المثقف بالسلطة وتتحدث عن شاعر سلطوي يمجد الحروب والدكتاتورية. وهي عبارة عن مونلوج لمداح سلاطين يعاني من صراعين، الأول مع نفسه بحكم معرفته بما يفعل، والثاني مع السلطة التي تمارس سياسة الجزرة والعصا معه.

وتتحدث مسرحية «الهنا والهناك» عن المهاجرين المغتربين في أوروبا ومعاناتهم وصراعاتهم من خلال مثقف وعامل يعيشان في قبو في إحدى العواصم الأوروبية، يعاني الأول من الاضطهاد السياسي ولا يهم الثاني (العامل) غير جمع المال والعودة إلى الوطن إلى أهله. وفي حين تفرقع زجاجات الشمبانيا في الأعلى، حيث يحتفل سكان المدينة بعيد رأس السنة، ينشغل المهاجران بالصراعات والنقاشات السياسية، التي تصل حد القتل أو الانتحار. ومن عنوانها، تتعامل مسرحة «الأطفال والحرب» مع أزمة العائلة العراقية بين مطرقة الحرب، وسندان النظام الاستبدادي. وهي مونودراما عن الحرب من إعداد وتمثيل الفنان علي ريسان، وتصور مسعى رب عائلة للنفاذ بجلده من ماكنة الموت في العراق وصراعه من أجل توفير لقمة العيش للأطفال وبين توفير ما يكفي للهجرة إلى الخارج.

يفتتح المهرجان يوم الأربعاء 30/7 القادم بمقطوعات موسيقية يقدمها الفنان عمار أحمد تسبق كلمة النادي. تلي ذلك، في جلسة بعد الظهر، محاضرة عن تطور الموسيقى العربية يقدمها الباحث غازي يوسف ابراهيم. وتخصص جلسة العصر للفن التشكيلي حيث سيتحدث الفنان فيصل لعيبي عن الفن التشكيلي في العراق مع عرض نماذج من أعمال عدة أجيال من الفنانين العراقيين، ويعقب ذلك افتتاح المعرض التشكيلي الذي يساهم فيه 13 فنانا معروفا. ويشهد اليوم الثاني الخميس، محاضرات عن «حقوق القوميات والأقليات الدينية» في الدستور العراقي للاستاذ القاضي زهير كاظم عبود، محاضرة عن اتجاهات الوضع السياسي ودور منظمات المجتمع المدني، يشارك فيها الاستاذ وليد عباوي وكيل وزير الخارجية في العراق، والاستاذ جورج منصور وزير شؤون منظمات المجتمع المدني في اقليم كردستان ـ العراق، والاقتصادي والباحث الدكتور كاظم حبيب. ويقدم الفنانان محمد توفيق وفاروق داود عروضا سينمائية لآخر الأفلام التي أخرجاها وهما في المنفى. ويخصص مساء الخميس للندوة الشعرية التي يشارك فيها كريم كاصد وفاضل السلطاني وعدنان الصائغ وهاتف الجنابي، تليها جلسة للشعر الشعبي، يشارك فيها داود أمين وطه رشيد.

ويمكن القول إن اليوم الثالث(الجمعة) مخصص للأمور الثقافية حيث ستساهم الفنانة عفيفة لعيبي، إلى جانب الروائي زهدي الداودي، ود. صادق أطيمش، ود. قاسم عكاشي والناقد ياسين النصير، في مناقشة ندوة عن دور المثقف العراقي في مواجهة الطائفية. ويحدث في واقع المسرح العراقي الفنانون أديب القليةجي وعلي فوزي ود. نور الدين فارس وعلي رفيق، في جلسة ما بعد ظهر الجمعة.

وكما في السنوات السابقة، يخصص يوم السبت لتكريم أحد المبدعين العراقيين، وبعد أن تم تكريم المسرحي الكبير منذر حلمي في العام الماضي، سيجري هذا العام تكريم الموسيقى والمغني سامي كمال. وتكون أمسية السبت مخصصة للفرح والموسيقى في حفل ساهر، يشارك فيه الفنان طه حسين رهك وفرقة «ترانيم».

وينتهي المهرجان يوم الأحد بعد عروض سينمائية، يشارك فيها الفنان ليث عبد الأمير بفيلم «أغاني المنسيين» والفنان سلام طه رشيد اللذان عملا مساعدين للمخرج الفرنسي جورج برنار في فيلم«ب مثل بابل».

وتتوفر الفرصة أمام زوار برلين لزيارة معرض بيرغامون، الذي يحتوى على أهم الآثار البابلية، وهي بوابة عشتار وشارع الموكب. وقد وسع المعرض كنوزه هذا العام، من خلال استضافة الكثير من الآثار السومرية والآشورية الموجودة في متحف اللوفر والمتحف البريطاني.