شارع الشيخ زايد في دبي.. قصة نجاح و شهرة

تحول إلى ورشة عمل مفتوحة من أجل إنجاز ناطحات السحاب

شارع الشيخ زايد شريان مهم يربط دبي بالعاصمة أبو ظبي («الشرق الاوسط»)
TT

إن كنت تبحث عن الشارع الأشهر في الإمارات، فلا تذهب بعيدا عن دبي، وعليك التوجه إلى شريان هذه الإمارة التي تقع على ضفاف الخليج العربي. وما شريانها إلا شارع الشيخ زايد الذي لا يبدو أن احدا داخل دبي وخارجها إلا و يعرف هذا الطريق الشهير. ويمكن القول إن شارع الشيخ زايد بدأ مع طفرة دبي مطلع التسعينات، فباتت قصة نجاحه وشهرته متزامنة مع قصة نجاح دبي ذاتها، وكل من زار دبي في تلك الفترة لا بد أنه يذكر أنه لم يكن أكثر من شارع يقع على أطراف المدينة في الطريق الرابط إلى العاصمة أبوظبي، إلا أن بقاء الحال من المحال، فتطور الشارع، الذي يقطع دبي من شرقها إلى غربها، ليخرجها من مركزها القديم المحدود ذي الأبعاد المحليّة، وليتّصل بـ أبوظبي، وليعطي رونقا حضاريا جميلا لدبي الجديدة.

وعلى مسافة تزيد على خمسين كيلومتراً، يمتد شارع الشيخ زايد متضمنا كل ما يمكن أن يخطر على بالك، فبدايته تنقل المسافرين القادمين من دبي عبر مطار دبي الدولي، مرورا بأبرز المجمعات التجارية مثل الوافي ومول الإمارات وابن بطوطة، بالإضافة إلى مول دبي المتوقع افتتاحه قريبا، كما تقع على ضفتي الشارع مئات الأبراج الشاهقة، وبلا شك يتوجها أعلى برج في العالم وهو برج دبي. ولا تتوقف أهمية شارع الشيخ زايد على السياحة فحسب، بل أيضا هو مقر لأشهر الشركات العالمية والعربية، فعلى جانبيه، تقع مدينة دبي للإنترنت ومدينة دبي الإعلامية، والتي تضم مؤسسات إعلامية عريقة مثل «سي إن إن» و«بي بي سي» و«مايكروسوفت» وقناة «العربية» وجريدة «الشرق الأوسط». ومع وجود مئات الأبراج السكنية والتجارية على جانبي الشارع، فإن العمل حاليا لا يتوقف صباحا مساء على عشرات الأبراج الجديدة، التي تمتد من ميناء جبل علي والمنطقة المحيطة به، فالدالف لدبي لا بد أن يذهل لهذا المشهد الهائل لورشة عمل مفتوحة من أجل إنجاز ناطحات السحاب جنوب شارع الشيخ زايد. ربما يكون هذا المشهد العمراني الأضخم في نوعه بالعالم، مع وجود مئات الرافعات الضخمة، وكأنّها مشهد تمثيلي من فيلم خيالي علمي، يعكس صورة حقيقة لما يمكن أن تكون دبي ومستقبلها الذي لا أحد يعرف إلى أين ستصل.

ولأن شارع الشيخ زايد هو شريان الحياة في دبي، فإن مشروع الإمارة الضخم المتمثل في مترو دبي، يمر على طول الشارع موازيا له منذ بدايته وحتى نهايته تقريبا، ويتوقع مسؤولؤ دبي أن يساهم في تخفيف الازدحام الذي يعانيه الشارع في مناطق متعددة منه. وبما أننا تحدثنا عن الشارع الأشهر والأغلى فلا بد من الحديث عن الطريق الأكثر ازدحاما، ربما في العالم، فمع اتساع الطريق الذي يصل في بعض أجزائه إلى ستة مسارات، إلا أن الازدحام يبقى حليفا لكل من يستخدم الطريق صباحا خلال خروج الموظفين لأعمالهم، وأيضا مساء عند عودة هؤلاء الموظفين، لذا ليس غريبا أن يبقى قائد السيارة لأكثر من ثلاث ساعات لإنهاء مشوار ربما لا يزيد على عشر دقائق في الأوقات العادية. وصف الشارع الأخطر يمكن أيضا أن يطلق على شارع الشيخ زايد، فعشرات الضحايا سنويا يحصدهم الموت لاستخدامهم الطريق سيراً، حيث يستخدم هذا الشارع كثير من السائقين، وليس من المبالغة القول إنه من النادر ألا يستخدم شارع الشيخ زايد، فهو طريق رئيسي إلى من يقصدون الإمارات الشمالية قادمين من ابوظبي أو العكس، كما يستخدمه جميع من يقصد المناطق الحرة المنتشرة على جانبي هذا الشارع، وأيضا إلى المشاريع الإسكانية الجديدة والمراكز التجارية الضخمة، الأمر الذي ادى إلى ازدحامه على مدار اليوم تقريبا. ولتخفيف الضغط عنه وتشجيع السائقين باستخدام الطرق البديلة، أنشأت سلطات دبي نظام سالك، وهي التعرفة المدفوعة لقاء استخدام الطريق. صحيح أن «سالك» لم يحل المشكلة جذريا بعد، ولكن يتوقع حلها خلال السنوات القليلة القادمة عند انتهاء مشروع مترو دبي وإتمام الطرق البديلة الجديدة.

يصل الشارع حتى منطقة سيح شعيب، وهي النقطة الحدودية بين دبي وأبوظبي ليلتقي وليكمله شارع الشيخ مكتوم بن راشد حتى يصل إلى أبوظبي. الشارعان مناران بالكامل ولمسافة تقارب من 160 كم وبأربعة مسارات على أدنى حد على كل جانب من جانبي الشارعين وتصل إلى ستة مسارات في بعض المراحل.

المحظوظ هو من يسكن أو يعمل قريبا من شارع الشيخ زايد، حتى لا يتكبد العناء الذي يتكبده عشرات الألوف من الموظفين، لكن من أجل أن تقطن هنا، فلا بد أن تدفع عشرات الألوف من الدولارات من أجل استوديو صغير في أحد أطراف الشارع الشهير، ففي شارع الشيخ زايد تبلغ القيمة الإيجارية السنوية للشقة نظام استوديو نحو 75 ألف درهم أماراتي (23 ألف دولار) ولغرفة وصالة نحو 90 ألف درهم، ولغرفتين وصالة من 110 ـ 130 ألف درهم وثلاث غرف وصالة ما بين 145 ـ 170 ألف درهم. بقيَّ أن نشير إلى أن شارع الشيخ زايد لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تجده خاليا من السيارات، صحيح ربما يقل الازدحام في أوقات غير الذروة، لكن أن يبقى الشارع خاليا فهذا أمر مستحيل، ولم يحدث في تاريخ دبي الحديث، سوى مرة واحدة عندما زاره الرئيس الأميركي جورج بوش، فتم تعطيل كافة الأعمال من أجل التمكن من نقل ضيف دبي دون ازدحام. كانت المرة الأولى والوحيدة التي تنفس فيها شارع الشيخ زايد هواء طلقا بعيدا عن مئات الألوف من السيارات التي تسير عليه يوميا، ومن يدري فربما تكون المرة الأخيرة التي يبقى شارع الشيخ زايد خاليا، فقدره كما قدر دبي أن تبقى الحركة فيها دؤوبة طوال اليوم والساعة والدقيقة وحتى الثانية.