عندما يتحول المستحيل إلى ممكن

المستكشف مايك هورن يأخذ شبابا من كل أنحاء العالم في رحلة للتوعية بالبيئة

مايك هورن في لندن على مركب «بانغايا»
TT

تحت شعار «اكتشف.. تعلم.. إفعل»، اطلق المغامر المستكشف مايك هورن مشروعه العالمي لحماية البيئة، تحت اسم «رحلة بانغايا»، و«بانغايا» تعني في اللغة الإغريقية «الأرض بكاملها»، كما تشير إلى قارة اختفت منذ 250 مليون سنة. وستكون هذه الرحلة من أهم الرحلات التي قام بها لحد الآن وأكثرها إثارة بالنسبة له، لأن الفكرة منها، حسبما أكد في مؤتمر صحافي أجراه في لندن في بداية هذا الأسبوع، أنها ستضم عددا من الجيل الصاعد، سيشركهم في مغامراته بهدف تعريفهم بالوجه الجميل للبيئة والطبيعة وتشجيعهم على الحفاظ عليه. «أنا أنظر إلى هذه الرحلة وكأنها لعبة البحث عن كنز للكشف عن حلول أعرف انها موجودة. معا سيمكننا ان نلمس أقوى مصدر طاقة: الجيل الصاعد».

استهل مايك كلامه بقوله إنه يستغرب، إلى حد السأم، من حملة التخويف التي تشنها عدة جهات، بما في ذلك منظمة «آل غور»، التي تنذر بأن البيئة في خطر، وأنها تضررت بشكل يجعلنا نشعر بالخوف وكأن نهاية العالم على الأبواب، مؤكدا أنها، أي الطبيعة، لا تزال تحمل الكثير من الجمال والمتع، مما يمكن ان يغني حياتنا ويمتع ناظرنا. فالطبيعة لا تزال رائعة وتوجد بها جوانب «تشد أنفاسي كلما اكتشفتها لأول مرة»، وهذا يؤكد انه لا تزال أمامنا فرص لكي نستمتع بها، وإن كان لزاما علينا الحفاظ عليها والتوقف عن استغلالها بشكل مسيء. ويضيف: «الفكرة هي ان نتوقف عن تخويف الناس والمبالغة في تعداد السلبيات والجانب المتضرر منها، وإظهار الجانب الجميل وكيف يمكن ان نحافظ عليه للمستقبل.. هذه هي مهمتي». وهذا ما يدفعه لإشراك مجموعة من الصغار اليافعين في مغامرته القادمة ليعطيهم صوتا، كما يقول. فكونهم سيأتون من قارات وطبقات ولغات مختلفة سيساعد كثيرا على نشر هذه الرسالة. الرحلة التي ينوي القيام بها ستستغرق أربع سنوات، وستضم 144 من اليافعين المتطوعين، الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و18 سنة، سيتم انتقاؤهم بعناية من مختلف أنحاء العالم ليخوضوا غمار هذه المغامرة على متن «بانغايا» اكبر المراكب الشراعية إلى حد الآن، باتجاه كل القارات، بما في ذلك القطبان الشمالي والجنوبي، وسيرافقهم خبراء بيئة وعلماء. خلال الرحلة، التي لن تكون كلها بحرا، حيث سيتوقف الفريق في عدة أماكن، بعضها لم تشذبها يد الحضارة، للقيام بعدة مشاريع بيئية ومساعدة السكان المحليين بشكل أو بآخر. يقول مايك: «أردنا ان نساعد هؤلاء الصغار على اكتشاف وتعلم كيف يمكنهم تقدير مصادر الأرض الطبيعية من خلال العمل في هذه المشاريع. نريدهم ان يتعلموا التأثيرات السلبية لبعض الأفعال التي يقوم بها الإنسان، على البيئة والطبيعة على حد سواء، لكي يقوموا بدور فعال في الحفاظ عليها لتسليمها مصانة للأجيال القادمة». وستأخذ الرحلة مايك وفريقه عبر جنوب اميركا، أنتاركتيكا، القطب الجنوبي، استراليا، الصين، روسيا، القطب الشمالي، كندا، أميركا الشمالية، أميركا الجنوبية، افريقيا، على ان تنتهي في أوروبا في عام 2012. ويشير مايك، الذي يبلغ من العمر 42 عاما، إلى انه وبعد عشرين عاما من الاكتشافات والمغامرات، وصل إلى نتيجة مهمة، وهي انه لن يستطيع تغيير حياته، لكن يمكنه ان يساعد الجيل الصاعد: «فأنا مجرد مستكشف ليس بيده ان يحمي العالم أو البيئة، لكني أريد أن أحافظ على ميدان لعبي نظيفا، وهذا أقل ما يمكن ان أقوم به». من يستمع إلى حديثه عن مغامراته وطريقة عيشه في القفار والجبال، ويرى مظهره الرياضي الذي لوحته الشمس وخشونة يديه التي تشير إلى انه لا يتورع من العمل في الاخشاب أو شد الحبال وغيرها من الأشغال الشاقة، أو إلى ساقيه المفتولتين التي حفرتها عدة خدوش، يعتقد ان مركبه عملي أولا وأخيرا، بمعنى انه لا يتوفر على أي تسهيلات أو وسائل راحة. والعكس صحيح تماما، فهو أقرب إلى يخت منه إلى مركب عادي. فـ«بانغايا» الذي تم تدشينه في ولاية موناكو بحضور أميرها، ألبرت، يصل طوله إلى 35 مترا (115 قدما) ويتوفر على عدة غرف، قد تكون ضيقة بعض الشيء عندما يتعلق الأمر بالنوم الهني، لكنها تفي بالغرض. كما يتوفر على مطبخ تتوسطه طاولة تتسع لعدة افراد وشاشة تلفزيون «بلازما» وحمام «سونا»، يقول مايك انه ممتع عندما يعود من رحلاته الاستكشافية أرضا في القطب الشمالي، هذا عدا طبعا عن التكنولوجيا المتقدمة التي يتوفر عليها. فكل ما يتعلق بالتوقيت توفره شركة «بانيراي» العالمية، بينما التقنيات الأخرى من مرسيدس بنز. لكن ما يحسب له ان كل جزء منه بني من خامات طبيعية قابلة للتدوير، طبق فيها رؤيته ومبادئه البيئية بحذافيرها. فهو مصنوع من الألمنيوم، ويسير بالطاقة الشمسية، التي تمكن من ان يمخر عباب المحيطات ومتغلبا على أقسى الظروف المناخية والبحرية من القطبين إلى المناطق المدارية. كما انه مزود بتقنية الخلية الوقودية الهيدروجينية، والألواح الشمسية، التي يمكن ان تشحن بطاريات شمسية لفترة طويلة. لكن هذا لا يعني انه لا يتوفر على محرك، بل فقط يعني أنه لا يستعين بالمحرك إلا في الحالات القصوى، مثل ان يكون عليه ان يوجد في مكان ما في وقت محدد. ويقول ان المركب بني في البرازيل على أيدي عمالة برازيلية هي في أمس الحاجة إلى العمل وإلى اكتساب خبرات جديدة قد تساعدها في المستقبل. فالهدف هنا كان دائما حماية البيئة والإنسان على حد سواء.

> من هو مايك هورن؟

ـ ولد مايك هورن في جوهانسبورغ، بافريقيا الجنوبية، في عام 1966. في عام 1990 انتقل إلى سويسرا ليعمل مدرب رياضات مائية قبل ان يصبح مكتشفا في عام 1995. في عام 1997 اخترق جنوب اميركا بطوف نهري من دون محرك لعبور نهر الأمازون. بعد عامين، عبر العالم حول خط الاستواء خلال 18 شهرا، ثم عبر المحيط الأطلسي من الغابون على متن «تريماران» بطول 28 قدما، ثم مشيا على الاقدام وبواسطة دراجة بخارية ومركب تجديف من البرازيل إلى الاكوادور. ثم عبر المحيط الهادي إلى اندونيسيا، عبر بورنيو وسومطرة، على الاقدام قبل ان يكمل رحلته عبر المحيط الهندي. آخر محطات رحلته هاته كانت عبر القارة الافريقية على الأقدام متحديا مناطق الحرب بالكونغو. هذه الرحلة كان لها الفضل في فوزه بجائزة «لوريوس» للرياضات البديلة في عام 2001. في عام 2004 أبحر بمفرده، لمدة عامين، مطوفا الدائرة القطبية على الأقدام وبواسطة زورق ومزلجة، ليصبح أول رحالة بدون وسيلة نقل بمحرك. في عام 2006، اصبح هو والمستكشف النرويجي بورغ أوسلاند، أول رجلين يسافران بدون كلب أو وسيلة نقل بمحرك، إلى القطب الشمالي.

في عام 2007 قام برحلة مع زوجته وطفليه لمدة ثلاثة ايام من بورنيو إلى بداية القطب الشمالي.

من يريد ان يخوض مغامرة «بانغايا» المقبلة يمكنه الدخول إلى موقع www.mikehorn.com والتسجيل أو الحصول على المزيد من المعلومات