زها حديد تغزو نيويورك.. لأول مرة

عبر معرض لحقائب دار شانيل

حقيبة من تصميم دار «شانيل» تزين الديكورات الداخلية («نيويوك تايمز»)
TT

قد يكون آخر ما يمكن أن تتوقعه هو أن ترى سفينة فضاء تهبط على تلك الرقعة الرملية المستطيلة بحديقة «سنترال بارك» بمدينة نيويورك، ولكن هكذا سيبدو الأمر عندما تشاهد سرادقا فنيا «يهبط»، بصورة مؤقتة، على الحديقة في فصل الخريف القادم. يُطلق على ذلك المعرض «موبايل آرت»، وقد صممته المعمارية الشهيرة التي تعيش في لندن زها حديد، ومن المقرر أن يُقام المعرض في «رومسي بلايفيلد، الشارع الـ70» في الفترة من 20 أكتوبر (تشرين الأول) حتى 9 نوفمبر (تشرين الثاني). (ويعد بناء المعرض أول مبنى تصممه زها حديد بمدينة نيويورك، وقد كانت هناك محطات سابقة للمعرض في هونغ كونغ وطوكيو وسينتقل بعد ذلك إلى لندن وموسكو وباريس).

ويتجاوز المعرض دوره الفني، فهو بمثابة إعلان مثير، حيث كلف بيت الموضة العالمي «شانيل» زها حديد بعمل مبنى يمكن نقله يستضيف أعمالا فنية لـ15 من أبرز الفنانين المعاصرين، وطُلب من كل فنان عمل فني مستوحى ولو جزئيا من حقيبة يد لـ«شانيل». ورفضت مورين تشيكوت، المسؤولة التنفيذية الأولى بـ«شانيل»، الإدلاء بأية تفاصيل حول الأمور المالية، ولكن قال مسؤولون على اطلاع بالمشروع، شريطة عدم ذكر أسمائهم احتراما لـ«شانيل»، إن بيت الموضة تبرع بمبلغ من سبعة أرقام لـ «مجلس صيانة سنترال بارك». كما تدفع «شانيل» للمدينة رسوما قدرها 400.000 دولار. ومن بين الفنانين المشاركين بأعمالهم الفنية الفرنسية صوفي كال والسويسرية سلفيا فليوري والهندي سوبود غوبتا والروسي بلو نوسيس. وتضم الأعمال المعروضة أشكالا منحوتة وصورا فوتوغرافية ومشاهد فيديو وقطعا مركبة. وقد تعامل الكثير من الفنانين مع فكرة حقيبة اليد كرمز ثقافي، حيث يقدم السيد غوبتا مشهد فيديو بعنوان «كل الأشياء في الداخل»، ويظهر فيه أناس ينتقلون من مكان لآخر، مثل عامل هندي عائد من دبي، ويتضمن أيضا مشاهد من أفلام هندية تظهر فيها حقيبة اليد على أنها عنصر في الدراما البشرية. وقامت فلوري بعمل حقيبة يد على نمط فن البوب محشوة بفراء قرنفلي اللون، وفي الداخل توجد علبة مساحيق التجميل بها تشاهد امرأة تصوب على حقائب اليد باستخدام بندقيات. ويحيي هذا المشروع الذكرى الخمسين لإنتاج حقيبة اليد وكانت هذه الذكرى في 2005، العام الذي أبدعت فيه كارل لاجرفيلد، المصصمة بـ«شانيل» شكلا جديدا من الحقيبة. وقد استغرق الإعداد للمشروع عدة أعوام. يذكر أن حقائب اليد لـ«شانيل» قد ظهرت لأول مرة في فبراير (شباط) 1955. ولا توجد رسوم لدخول المعرض الذي يقام في «سنترال بارك»، ولكن ينصح الزائرون بحجز تذاكر بالمواعيد عن طريق موقع chanel-mobileart.com. أصبحت مدينة نيويورك مكانا جاذبا للكثير من الزوار الأوروبيين والآسيويين مع ضعف الدولار، ويأمل المسؤولون بالمدينة في أن يكون المعرض عنصر جذب للسياح. ويسوق المسؤولون، على سبيل المثال، أعمالا سابقة مثل العمل الفني للفنانين كريستو وجين كلود والذي أقيمت فيه 7500 بوابة في طرق «سنترال بارك» على مدى 16 يوما عام 2005، أو الشلالات الأربعة التي صممها الفنان أولافر إليسون التي تزين شواطئ بروكلين ومانهاتن وجزيرة جفرنرز خلال الصيف الحالي. ويقول أدريان بينيب، وهو المسؤول عن الحدائق في مدينة نيويورك: «في الوقت الحالي تعد سنترال بارك منطقة كبيرة دولية معفاة من الجمارك، لا يمكن أن تتجول فيها دون أن تسمع الكثير من اللغات المختلفة».

ويقول دوغلاس بلونسكاي، رئيس مجلس صيانة سنترال بارك، إن السرادق سيقام على 1.5 فدان، وأنهم سيحرصون البعد عن كل ما يمكن أن يضايق المواطن، فلن تستخدم منطقة «جريت لوان»، أو منطقة «شيب ميدو» حتى لا نتعدى على المساحة المخصصة للآخرين. وسيكون المعرض مفاجأة صغيرة لطيفة».

ووصف بلونسكان والسيد بينيب تبرعات «شانيل» للحديقة بأنها ضخمة، وستستخدم هذه التبرعات في إجراء تحسينات على النباتات المزروعة بالحديقة، وخاصة في المنطقة الممتدة من شارع الـ85 حتى هارليم مير. وفي رده على تساءل حول ما إذا كان يتوقع انتقادا لأنه سمح لـ«شانيل» الترويج لإحدى منتجاته في الحديقة، يقول السيد بينيب: «كل شيء له من يرعاه». وأضاف: «في إيطاليا في القرن السابع عشر ما كان للفانين أن يستمروا لو لم يكن هناك من يرعاهم»، مشيرا إلى أن مجموعة «إي إن جي» قد أعارت اسمها لماراثون مدينة نيويورك، ويدر هذا الماراثون ملايين الدولارات في صورة عوائد سياحية كل عام. وقد أصبح التقارب بين الفن والعمارة والموضة شيئا مألوفا في هذه الأيام. وترى حقيبة شركة «لويس فويتون» التي صممها الفنان ريتشارد برينس بصورة مستمرة في شوارع نيويورك وبال ولندن. وكانت أعمال الفنان الياباني تاكاشي موراكيمي لشركة «لويس فويتون» تباع في محل خاص، شكل جزءا من معرض موراكيمي في متحف بروكلين ومتحف لوس أنجلوس للفن المعاصر. وقد ساعد المعماري ريم كولهاس على عمل واجهة محلات «برادا». ويقول السيد لاغرفيلد: «الفن فن والموضة موضة، ومع ذلك أثبت (الفنان الأميركي) أندي وورهول أن الاثنين يمكن أن يجتمعا».

وأشار لاغرفيلد إلى أن «أهم قطعة فنية في المعرض هو المبنى نفسه الذي يحتوي الأعمال الفنية»، مشيرا إلى مكانة زها حديد في عام العمارة، حيث حصلت على جائزة بريتزكر عام 2004، وهي أعلى جائزة تمنح في مجال العمارة.

وخلال مقابلة معها في مكتبها بلندن، قالت حديد إنها لم تصمم مبنى دائما في نيويورك، ومع هذا فقد استهوتها فكرة إقامة سرادق «يهبط في المكان ويعج بالرواد ثم يختفي».

وتضيف زها أن التحدي كان في إقامة سرادق مقنع من الناحية الشكلية ويمكن نقله بسهولة. ويجب تثبيت كل قطعة مع أختها كما لو كانت لعبة صور مركبة ضخمة. قامت زها حديد باستخدام برامج كومبيوتر لتصميم بناء على شكل كعكة مساحته 7500 متر مربع به باحة مركزية، ويمكن تعبئة ألواحه في 51 حاوية. تسمح الفتحات الموجودة في سقف البناء بدخول الضوء العادي، بالإضافة إلى الإضاءة التي صممت باستخدام جهاز الكومبيوتر والتي تلقي أضواء قوس قزح على القاعدة من الناحية الخارجية ليل نهار. وسيحصل كل زوار السرادق على جهاز «إم بي 3»، وعليه يسمعون أغنية من إبداع فنان الصوتيات ستيفان كراسنينسكي، حيث يسمعون جين موريو وهي تناقش كل شيء بدءا من الجنس والحب إلى الأسرار المخبئة حقيبة المرأة. وبعد أن يهبط معرض «موبايل آرت» في آخر محطة له في باريس عام 2010، سيكون أمام «شانيل» شراء هذا العمل الفني. ويرى الجميع أن من عناصر الجذب في السرادق أنه مبنى مؤقت. ويضيف السيد بينيب: «هذا السرادق مثل سفينة فضاء غريبة تهبط على الحديقة، وقبل أن تتعرف على كنهها، تجدها قد رحلت».

* خدمة «نيويورك تايمز»