تكريم خاص للشاعر الشعبي بيرم التونسي في مهرجان الإسكندرية للموسيقى العربية

فيه سيحتفى بذكرى الملحن الراحل منير مراد

TT

أعلن أخيرا أن الدورة الثالثة لمهرجان الاسكندرية للموسيقى العربية سيحتفي بالشاعر الشعبي والغنائي الكبير الراحل بيرم التونسي. وجاء الإعلان خلال مؤتمر صحافي عقدته في دار الأوبرا المصرية بالقاهرة الدكتورة رتيبة الحفني، رئيسة المهرجان، الذي تنطلق دورته الثالثة يوم 7 اغسطس (آب) المقبل. ومما أوضحته الحفني أن الاحتفاء ببيرم التونسي وتكريمه سيتمثل بأمسية تخصّص لتقديم أغانٍ خالدة ألف كلماتها وغناها عدد من كبار المطربين المصريين، في مقدمهم كوكب الشرق أم كلثوم. وشرحت خلال المؤتمر الصحافي سيرة حياته الحافلة بالنضال السياسي والشعر اللماح. ومن ناحية ثانية ذكرت الحفني ان الحفل سيشهد أيضاً احتفاء آخر بالموسيقار الراحل منير مراد (اسمه الأصلي موريس مراد وهو شقيق المطربة والممثلة الكبيرة الراحلة ليلى مراد) وذلك بتقديم استعراض «قاضي البلاج»، الذي قدمه النجم الراحل عبد الحليم حافظ في فيلم «ابي فوق الشجرة» ضمن صياغة موسيقية جديدة ليحيى الموجي واخراج جيهان مرسي وفرقة باليه القاهرة وفرقة عبد الحليم نويرة للموسيقى العربية. وسيتضمن برنامج المهرجان، الذي يستغرق سبعة ايام حفلات موسيقية وغنائية، يشارك فيها 15 مطرباً وموسيقياً من مصر والدول العربية الى جانب مطربي دار الأوبرا. ومن المطربين المشاركين من مصر محمد الحلو ومدحت صالح وخالد سليم وعفاف راضي ونادية مصطفى ومي فاروق، ومن المغرب فؤاد زبادي، ومن سورية ايمان باقي، بجانب الموسيقي اللبناني جهاد عقل.

مما يُذكر أن محمود بيرم التونسي، وهذا هو اسمه الكامل، ولد في مدينة الإسكندرية يوم 3 مارس (آذار) 1893. وعرف بـ«التونسي» لأن جده لأبيه كان تونسياً. وعاش طفولته في حي السيالة في المدينة، والتحق بكُتّاب الشيخ جاد الله. لكنه سرعان ما كره الدراسة فيه، لما عاناه من قسوة الشيخ، فأرسله والده إلى المعهد الديني في مسجد أبي العباس المرسي. ولما توفي أبوه وهو في الرابعة عشرة من العمر انقطع عن المعهد وارتد إلى دكان أبيه، لكنه فشل في مجال التجارة. وعوّض فشله هذا بالمطالعة يساعده في ذلك ذكاؤه وذاكرته القوية وحسه الأدبي الفذ.

وطارت شهرته وانفتحت أمامه أبواب الفن، بعدما ألف قصيدته الانتقادية الرائعة «بائع الفجل» (أو المجلس البلدي) مهاجماً المجلس البلدي في الإسكندرية بعد فرضه ضرائب باهظة أثقلت كاهل السكان بحجة المشاريع العمرانية. وعام 1919 أصدر بيرم مجلة «المسلة» الانتقادية، وبعد إغلاقها أصدر مجلة ثانية هي «الخازوق»، التي أغلقت بدورها. ومن ثم جرّت عليه مواقفه السياسية الجريئة، ومنها مقالة كتبها هاجم فيها أحد أصهار الملك فؤاد، النفي فسافر إلى تونس، ومنها انتقل إلى فرنسا حيث عمل حمالاً في ميناء مرسيليا. وبعدما رجع إلى مصر بجواز سفر مزوّر عاد إلى الانتقاد الساخر والقصائد الزجلية اللاذعة ضد السلطة والاستعمار، فاعتقل ونفي مجدداً إلى فرنسا، حيث عاش أياماً صعبة انتهت بإبعاده عام 1932 إلى تونس. ومن تونس انتقل إلى بلاد الشام، حيث عاش بين سورية ولبنان. ولكن أزجاله الانتقادية والساخرة دفعت سلطات الانتداب الفرنسي هناك إلى إبعاده إلى إحدى الدول الأفريقية. غير أن القدر أعاده إلى أرض مصر، إذ رست الباخرة التي كانت تقلّه في بور سعيد. وعندما أقنعه أحد الركاب بعدما لاحظ تألمه وحزنه بالنزول إلى الماء ومن ثم ساعده على بلوغ الشاطئ. وبعدما التقى بيرم بأهله، قدّم التماساً إلى القصر بواسطة أحدهم فصدر عنه عفو، بعد اعتلاء الملك فاروق العرش. ومن ثم عمل كاتباً في جريدة «أخبار اليوم» ثم في «المصري». وفي ما بعد حصل على الجنسية المصرية وعمل بعد ثورة 1952 في جريدة «الجمهورية». وعام 1960 منحه الرئيس جمال عبد الناصر «جائزة الدولة التقديرية» لجهوده وإنجازاته في عالم الأدب. وتوفي الشاعر الكبير خلال أشهر قليلة من هذا التكريم يوم 5 يناير (كانون الثاني) 1961. لبيرم مجموعة من الأعمال الأدبية البارزة، منها أعمال وصلت إلى جمهور واسع عبر الإذاعة منها «سيرة الظاهر بيبرس» و«عزيزة ويونس». إلا أن عشاق الفن الأصيل يذكرون الأغاني التي ألف كلماتها لكبار المطربين، وعلى رأسهم أم كلثوم، ولاسيما حقبة كلماته وألحان الشيخ زكريا أحمد بين عامي 1942 و1947، ثم أغنية «الهوى غلاب» عام 1960 بعد مصالحة أم كلثوم وزكريا أحمد. أشهر الأغاني التي ألفها بيرم لأم كلثوم قبل «الهوى غلاب»: كل الأحبة، وأنا وانت، وأنا في انتظارك، والآهات، وأهل الهوى، والأوله في الغرام، وعن العشاق سألوني، وسلام الله، وقل لي ولا تخبيش يا زين، وغني لي شوي شوي، وزهر الربيع، والأمل، وحلم، ويا صباح الخير ياللي معانا، وظلموني الناس، والورد جميل، وشمس الأصيل.