حناء الفاو.. الزائر الأوفر حضوراً بين العائلات في المناسبات

ارتبط استخدامها بطقوس الأعياد ومناسبات الفرح

ارتبطت الحناء بالمرأة وزينتها فهي تستعمل في التجميل فتخضب بمعجون أوراقها الأصابع والأقدام والشعر للسيدات («الشرق الاوسط»)
TT

اقترنت نبتة الحناء بمدينة الفاو (99 كم) جنوب محافظة البصرة، وهي آخر يابسة في الأراضي العراقية، والتي اشتهرت بزراعة أجودها، إذ يزداد الطلب على اقتنائها في مناسبات الأعراس والأعياد حيث تضفي البهجة والحبور على مريديها.

قال حميد كاظم (مزارع) لـ«الشرق الأوسط»: «عرفت الفاو زراعة الحناء منذ أزمان بعيدة، ويقال نقلت إليها من موطنها الأصلي في الهند عبر بعض البحارة وانتشرت اشجارها لملاءمة أجواء الفاو المعروفة بارتفاع درجة الحرارة المصحوبة بالرطوبة العالية في الصيف والاعتدال بالشتاء مع الوفرة العالية للمياه». وأضاف أن «ما يميز حناء الفاو كونها تمنح صبغة براقة حمراء داكنة وعطرا هادئا، وارتبط استخدامها بطقوس الأعياد ومناسبات الفرح حتى باتت مورثا تراثيا وإنسانيا جميلا..».

والحناء نبات طبيعي، وشجرته تشبه شجرة الرمان، ويصل طولها إلى 3 أمتار، دائمة الخضرة، لها أوراق خضراء وازهار بيضاء، ويتم جمع هذه الأوراق، وبعد أن تجف يتم طحنها لتصبح مسحوقا. والحناء من أكثر النباتات الطبيعية التي تستخدم للزينة والعلاج؛ فهي تحتوي على مادة ملونة تستعمل كخضاب للأيدي والأرجل والشعر. وأكدت بحوث علمية في كلية الزراعة بجامعة البصرة على ان العرب عرفوا الحناء منذ آلاف السنين ونالت اهتمام العلماء. وهي نبات شجيري جذوره حمراء وأخشابه صلبة تحتوي على مادة ملونة تستعمل خضاباً للأيدي والشعر لتلوينهما، وهي من النباتات ذات الرائحة المميزة وتوجد منها أصناف كثيرة مثل: البلدي، الشامي، البغدادي، الشاكية، وهو نبات يعتمد على الزراعة ويتطلب وفرة الماء، وورقه يشبه ورق الزيتون إلا انه اصغر بقليل.. ويزرع حاليا في عدد من بلدان العالم.. واشتهرت الحناء بعدة أسماء قديمة (حنة، حنا، حناء) وفي الشام (القطب)، وأما في اليمن فكانت تسمى (الحنون) وعند النوبة (الكوفرية) ولدى الانجليز والفرنسيين sonia- alba ـ acananـ Henna- iaw . ويحكى أن رمسيس الأول أرسل بعثة للبحث عن بعض الأعشاب في آسيا، فأحضرت له الحناء وقد استعملها الفراعنة في التحنيط والتجميل واستخراج العطور وانتقل ذلك إلى اليونان والرومان الذين كانوا يتخذون منها أكاليلهم الجنائزية. ارتبطت الحناء بالمرأة وزينتها فهي تستعمل في التجميل فتخضب بمعجون أوراقها الأصابع والأقدام والشعر للسيدات، بالإضافة إلى استعمالها في أعمال الصبغة وتستعمل أزهارها في صناعة العطور.. ومما شاع عند العرب من الخواص أن الحناء تقوي الشعر وتمنع سقوطه وتنبته. ونقل ابن البيطار عن بعضهم أن الحناء إذا عجنت بزيت وقطران، وحملت على الرأس انبتت الشعر وحسنته، ولا يخفى أن الشرقيين استعملوها على مر السنين. فهم يخضبون شعورهم ولحاهم بالحناء فراراً من بياض الشيب فتتلوَّن باللون الأحمر الأدكن، وإن أرادوا اللون الأسود خلطوا الحناء بشيء من العفص أو الشب وربما صبغ العرب شعر خيلهم أو ظهور أغنامهم بالحناء استحساناً للونها. كما أن هناك طقوسا قبل الزفاف تسمى يوم الحناء يتم فيها وضع الحناء على يدي العروس وصديقاتها وبنقوش جميلة وتدخل الحناء في صناعة الكثير من غسولات الشعر..

وأشارت ام علي (صاحبة صالون تجميل) إلى «وجود بعض الأصباغ والمساحيق التي تضاف الى الحناء لإعطائها ألوانا أخرى كالوسمة التي تضفي اللون الأسود القاني، إضافة الى بعض المعطرات لمن لا ترغب في رائحة الحناء المعروفة..». وأضافت: «ان طرق النقش بالحناء على الأيدي وبعض أجزاء الجسم لها وسائل متعددة منها الذي يمكن إزالتها بعد ساعات من انتهاء المناسبة؛ ومنها من يبقى اكثر من ثلاثة أسابيع. وهذا النوع يتطلب مهارة عالية، إضافة الى استغراق وقت طويل لانجازه، تبعا لنوع النقش». وأدوات النقش لم تكن بمعزل عن الحركة المتطورة للموضة بل أخذت مكاناً متميزاً في صالونات التجميل الحديثة فقديماً كانوا يستخدمون أشواك الطلح لخلط الخضاب الأسود ونقله إلى الجسد بخيوط فنية رفيعة. وكانت المادة تصنع من نبات العفص و(السكة). كما كان النقش يتم في منازل محددة أو لدى نساء عرفن بامتلاك الخبرة في النقش والقدرة على صياغته وتطويره. ومن استخدام الخضاب القديم إلى الخضاب الحديث استبدلت بشوكة الطلح الريشة والإبرة المعدنية. وكشفت مصادر بحثية في كلية الزراعة عن استخدام أوراق الحناء لعلاج الأمراض الجلدية كالدمامل وحب الشباب والأمراض الفطرية والجذام كغرغرة قابضة. ومغلي الحناء يعالج الإسهال والدوسنتاريا ويزيد انقباضات الرحم. وخلاصة الحناء المائية تقتل البكتيريا.. كما ثبت أن الحناء دواء مفيد في علاج كل ما يصيب الأرجل، حيث ورد أن النبي عليه الصلاة والسلام كان اذا اشتكى له احد صحابته من وجع في قدمه نصحه باستعمال الحناء، أما غير ذلك فالحجامة.