دبي: تقنية العلاج بالألوان ومتاعب الإنسان المعاصر في أحضان «واحة الفنون»

34 عملا لفنانين عرب وأجانب

لوحات من المعرض (تصوير: عبد المطلب محمد)
TT

كما أن الموسيقى غذاء للروح، فإن اللون الجميل شفاء للعين وراحة لنفس الإنسان أيا كانت المدرسة التشكيلية التي تجسده سريالية أو تجريدية، ولن ينال المرء هذه المتعة اللونية سوى بزيارته للمعارض الفنية المتميزة، فهناك تطل عليه مجموعة خلابة من اللوحات الفنية ضمن معرض «واحة الفنون» لكوكبة من الفنانين العرب والأجانب، أناروا بلوحاتهم الزاهية الألوان، أرجاء المركز التجاري بأربعة وثلاثين عملا، أولها كان للفنانة السورية زهرة سليمان التي شاركت في المعرض بعملين حملا عنوان «ألوان الزمن».

ويكمن مصدر الإلهام لدى زهرة سليمان في نوع من الطب الهندي البديل، يستخدم اللون والضوء لإيجاد الطاقة اللازمة لجسم الإنسان، سواء كانت هذه الطاقة على المستوى البدني أو العاطفي والذهني، وعندما تقف أمام احدى هاتين اللوحتين، فإنك ستتلقى حتما جرعة مكثفة من الألوان المعالجة مع خليط من العواطف الدافئة. وحول كيمياء الألوان تعلق لـ«الشرق الأوسط» بقولها «الألوان التي نختارها لملابسنا والمنزل والمكتب والسيارت، يكون لها تأثير عميق على الانسان، وعلى سبيل المثال لا الحصر، نجد أن طلاء حجرات الدراسة باللون الأزرق الفاتح مع وضع مصابيح إضاءة عادية، يجعل التلاميذ أكثر انتباها ويقلل سلوكهم العدواني، في حين أن طلاء الجدران باللون البرتقالي مع الإضاءة بالفلورسنت يحدث أثراً عكسياً لسلوك التلاميذ».

وتعمل زهرة سليمان حاليا على التحضير لمعرض فردي قادم في بداية يناير (كانون الثاني) من السنة الجديدة يتضمن لوحات تمزج بين الألوان ومعادلات الجبر الرياضية، تبرز من خلاله أهمية مادة الرياضيات في حياة الإنسان بشكل عام، كونه مادة غير محببة لدى شريحة واسعة من الناس.

أما الصبر فهو أهم ما يجب أن يتحلى به كل من يحاول استقراء لوحات الفنانة وفاء خازندار، بألوانها التي تتعدى حدود الواقع، وفي كل صورة زينية تصور خازندار قصة حياة بشر حقيقيين وأشياء تظهر بشكل صادم خالقة صورة مكثفة من الأفكار.

ويحاول الفنان الإماراتي خالد البنا في لوحة له بعنوان «الإغاثة» أن يعكس إيقاع الحياة في الإمارات ومدنها العصرية متعددة الجنسيات والثقافات المتنوعة، بما قد تحمله هذه الثقافات أحيانا من اَثار سلبية على حياتنا الاجتماعية وتراثنا العربي، ويستخدم البنا أدوات فنية تتلخص في القماش والإكسسوارات التي تستخدمها المرأة الإماراتية.

وكما أن الأعمال المشاركة لخالد البنا، تؤكد على وجود الهوية فإن الفنان الألماني كتاري ويرهام، يحاول التحدث مباشرة للجمهور من خلال لوحته «وجهة نظر الطيور»، حيث يسمح للرائي بإطلاق العنان لخياله، وكل طاقته لإدراك واستيعاب طاقة، وأبعاد العمل على المستويين الشعوري والعاطفي.

واللافت في المعرض هذا العام هو التوجه الفني نحو تناول المتاعب التي يعانيها الإنسان المعاصر في حياته اليومية، أبرز تلك الإشكالات ظاهرة زحمة المرور الخانقة، تناولتها الفنانة الاماراتية خلود خوري بعملها الذي حمل عنوان «فلتستخدم بوق السيارة من فضلك، إن أردت التجاوز» وهو الانطباع الذي رجعت به خوري بعد رحلتها الأخيرة إلى الهند، وحول ذلك تعلق لـ«الشرق الأوسط» بقولها «بهرتني هناك ألوان وأنماط الحياة، وكذلك تعدد الثقافات، لكني في ذات الوقت شعرت باستياء شديد تجاه ما رأيت من فوضى، وتلوث وازدحام مروري رهيب».

ومع ارتفاع الفوضى والازدحام في حياتنا، نعجز عن اعادة استخدام الأشياء التي نستهلكها في حياتنا اليومية، هذه الإشكالية تناولتها الفنانة إزابيل دوفور، من خلال عملها «الفصل الأول» واستخدمت فيه مجموعة من العلب المعدنية المستهلكة على «الخيش» لتخلق مرة ثانية، عملا فنيا يعيد للإنسان تذكر ضرورة التعرف على كيفية استغلال مواردنا المتاحة بعدة طرق.

يستمر المعرض حتى السادس من أغسطس (آب)، يفتح أبوابه للزوار من العاشرة صباحا، وحتى العاشرة مساء على امتداد أيام الأسبوع.